عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ؟!

 

سعيد بن حميد الهطالي

saidalhatali75@gmail.com

 

يقول الشاعر المتنبي:

عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ // بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديد

بأسلوب يعكس حالة من التأمل والحيرة، سأل المتنبي العيد من قبل، وكأنه يسأل شخصًا يعي ويعقل "بأية حال عدت يا عيد" من تداول الأيام، وتبدل الأحوال، وتعدد المواقف، وتجدد الأحداث، وتكرر مُعاناة الشعب الفلسطيني الذي لا يزال منذ أكثر من مئات الأعياد التي مضت عليه، وهو يحمل ذكريات الألم، ويعيش في ظل ظروفه الصعبة التي لم يذق فيها إلا طعم التنكيل، والفقد، والوجع.. إلا أنه لا يزال يُعانق الحياة، ويتمسك بالأمل رغم القهر متحليًا بصبره، وشجاعته، وبسالته، وصموده، وشموخه.

عدت يا عيد على أهل غزة وفلسطين الذين لا تزال قلوبهم تحمل أحلام حق الحياة الكريمة الآمنة، واليوم الذي تتحرر فيه الأرض المباركة من احتلال العدو الصهيوني الغاشم الذي طغى وتجبر وعاث في الأرض فسادًا، وأهلك الحرث والنسل، وجر الدمار والخراب على الأبرياء، الذي لم يفرق بين صغير وكبير، ولا بين رجل وامرأة، مستخدمًا آلة القتل والتدمير بلا رحمة ولا إنسانية ولا شفقة، وعلى الرغم من كل ذلك لم يستطع أن يكسر إرادة الشعب الأبي.

عدت يا عيد (بأمرٍ فيك تجديدُ) حين شنت فصائل المقاومة الفلسطينية(حماس) عملية عسكرية في السابع من أكتوبر 2023م، ردًا على " الانتهاكات الإسرائيلية في باحات المسجد الأقصى" باسم معركة " طوفان الأقصى" التي أعادت فيه ماء العزة والكرامة لوجه الأمة الإسلامية، التي وجدت نفسها أمام موقف جريء وشجاع يتطلب اتخاذ قرار صعب يطلق عليه "خيار الضرورة" الذي فرض نفسه بقوة، ولم يترك فرصة للتراجع أو التردد فيه، لأن محدودية الخيارات غير مرغوب فيها- في بعض الأحيان- حيث فرضت الظروف القاسية نفسها برغم التأثيرات الكبيرة وطويلة المدى التي سوف يحدثها القرار، وهذا ما حدث بالفعل.

نعم ـ يا عيد-عدت ونحن لا نزال نؤمن بأنَّ الغد سيكون أفضل-بإذن الله-وأن الحلم الفلسطيني سيظل حياً، ينبض مع كل نبضة من نبضات قلوب ممن تبقى من أطفال غزة، أولئك الذين يستحقون أن يروا العالم بعيون مملوءة بالأمل والفرح، ويعيشوا طفولتهم بعيدًا عن أصوات القذائف، وأطلال البيوت المهدمة، أولئكم الأطفال الذين لم يعرفوا سوى الحرب والخوف، يستحقون أن يلعبوا في شوارع آمنة، وأن يذهبوا إلى مدارسهم دون خوف من القصف، وأن يحلموا بمستقبل مليء بالفرص كما يحلم به كل طفل في العالم.

نعم-يا عيد-لا يزال الفلسطينيون– يقولون لك إنهم هناك في تلك البقعة المباركة من الأرض صامدون، يحملون أحلامهم وأمانيهم، ليستقبلوك بأمل يتجدد في كل عام حتى يأتي اليوم الذي تعود فيه إليهم، ليستقبلوك، ويحتفلوا بك بسلام حقيقي وحرية مستحقة مع أهلهم وأحرار العالم.

وختامًا.. اللهم إنا نسألك في هذه الأيام المباركة أن تغيث أهل غزة وفلسطين، وأن ترفع عنهم الظلم والعدوان، وأن تمنحهم الأمن والأمان، والعافية والسلام.

اللهم اشفِ جرحاهم، وداوِ مرضاهم، وعافِ مبتلاهم، وارحم شهداءهم، وثبت أقدام مجاهديهم، وانصرهم على القوم الكافرين.

اللهم أنزل على قلوبهم السكينة والطمأنينة، وامنحهم القوة والصبر والثبات، وارزقهم نصرًا عزيزًا قريبًا، يرفع عنهم البلاء ويعيد لهم حقوقهم، وأرضهم، وكرامتهم. اللهم اجعل لهم من عندك فرجًا ومخرجًا. مدد مدد يا الله. اللهم آمين.

تعليق عبر الفيس بوك