يوسف عوض العازمي
@alzmi1969
"سلامة الجماعة إنما تكمن في وحدتها.. وإن قوتها إنما تكمن في تماسكها" الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.
******
قبل أيام جرى الإعلان أن حضرة صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت قد زكّى الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح وليًا للعهد، وفي اليوم التالي تم تعيينه رسميًا، ولاقى الخبر ارتياحًا عامًا في الكويت؛ حيث تم ترتيب بيت الحكم اعتمادًا على عنصر الكفاءة والأمانة وحسن السيرة، وهو الذي لاقى قبولًا شعبيًا واضحًا.
ودولة الكويت التي نالت استقلالها في 19 يونيو 1961م، تنص المادة الرابعة من دستور 1962م، على: أن الكويت إمارة وراثية في ذرية المغفور له الشيخ مبارك الصباح. ويعتبر الشيخ صباح السالم أول ولي للعهد في تاريخ الكويت؛ حيث عُيِّن بمرسوم أميري في 30 أكتوبر 1962م، وجاء بعده الشيخ جابر الأحمد وليًا للعهد، وبعده الشيخ سعد العبدالله وليًا للعهد، وبعده الشيخ نواف الأحمد، الذي تبعه الأمير الحالي الشيخ مشعل الأحمد وليًا للعهد، إلى أن تولى الشيخ صباح الخالد ولاية العهد قبل أيام.
والشيخ صباح الخالد تولى مناصب حساسة ومُهمة وتدرج وتمرس في مسيرته السياسية الحافلة؛ حيث بعد تخرجه في تخصص العلوم السياسية من جامعة الكويت في منتصف السبيعينيات الميلادية، عمل بوزارة الخارجية وتولّى منصب سفير دولة الكويت في المملكة العربية السعودية الشقيقة، وتولى مناصب وزارية قبل تبوأه منصب رئيس مجلس الوزراء في فترة دقيقة من التاريخ المعاصر؛ حيث قاد إدارة ازمة كوفيد-19 (كورونا) باقتدار، وكانت قراراته محط احترام وتقدير الجميع، خاصة في الأسابيع الأولى للأزمة، وعُرِف عنه نظافة اليد والنزاهة؛ حيث رغم فترات الشد السياسي مع مجلس الأمة، إلّا أنه لم يتهم أبدا بأمانته ونزاهته.
الكويت حاليًا تمر بفترة إعادة نظر وترتيب للعديد من مناحي الدولة، ويقوم سمو الأمير عبر مجلس الوزراء بعمل جبار لنفض وترتيب بعض الملفات المُهمة التي لها تأثير سياسي وأمني وثقافي واجتماعي على كافة الصُعُد، ويُلاحِظ الجميع القرارات الإصلاحية المتتالية في إدارة الدولة، وهي محل تقدير من الجميع.
مُنذ وقت ليس بالقصير كان ترتيب بيت الحكم وحسم المناصب العليا هاجسًا يؤرق المُخلِصِين؛ حيث وبما لا يخفى على أحد، كان هناك تداول واسع لصراعات على مناصب عليا، أثّرت سلبًا على إدارة الدولة، وتابع الجميع مجموعات ضغط سياسي خاصة في البرلمان، التي رغم التقدير والتفهم لعملها، إلّا أن شبهات التبعية لأقطاب مُعينين مسَّت كثيرًا من هذه المجموعات، ويعلم المتابع كذلك أن حتى قطار التنمية كان مُتعثرًا رغم محاولات مُخلِصَة لتحريكه، إنما كانت الصراعات السياسية تكبح جماح أي تقدم، أو على الأقل تعرقله ولو مؤقتًا، والحقيقة أنه كان مؤلمًا لكل مُحِب للكويت، كذلك التردد في حسم الصراعات كان مردوده سلبيًا جدًا. صحيحٌ كانت هناك ظروف صعبة مُتفَّهَمة، لكن أحيانًا لا بُد- أيًّا كان الوضع- من حسم الأمر، وهو ما قام به سمو الأمير الذي اتخذ قرارات مصيرية، صبّت ولا شك في صالح البلاد، ولتعديل أمور كانت تستدعي التعديل بالفعل .
وفَّق الله القيادة السياسية في الكويت لما يُحبه ويرضاه، ولا شك أن الكويت بأيدٍ أمينة، تعرف تمامًا أصول الحكم والمحافظة على كيان دولة تُعد الأقدم في المنطقة من ناحية التأسيس؛ حيث نشأت في 1613م، استنادًا لرسالة الشيخ مبارك الصباح حاكم الكويت السابع (1896- 1915) للمقيم السياسي البريطاني آنذاك، من مجموعة أسر ذات ارتباط قبلي متماثل سُمِّيَت بـ"العتوب"، وإن شاء الله سيكون المستقبل مُشرقًا لهذه الدولة الخليجية الواقعة في الجزء الشمالي الشرقي من شبه الجزيرة العربية، ولها تاريخ مشرف وحافل بالمواقف داخليًا وخارجيًا.