بقلم/أسماء بنت سليمان الشحية
إن الرقة في التعاطي مع الآخرين هو ما يسعى إليه الجميع بشكل عام، فهو جزء من الطبيعة الإنسانية الجميلة التي تجعلنا نتوق إلى اللطف والود في تفاعلاتنا اليومية. إنَّ قلوبنا تنشد دائمًا الاتصال بمن يظهرون لنا اللطف والتفهم، فنحن كبشر نسعى إلى التفاعل مع من يحترموننا ويقدرونا، لأن هذه العواطف تمثل جوهرنا وتحتاج إلى التجاوب الإيجابي من الآخرين، فنحن جميعًا بشر، ولدينا أرواح تتوق للتعامل مع من يتسمون بالاحترام والتقدير والرقي.
بصفتنا موظفين، نتعامل مع مجموعة متنوعة من الأشخاص، بما في ذلك زملاء العمل والعملاء، وفي بعض الأحيان نجد أنفسنا في مواقف تثير انزعاجنا. فعندما نواجه موظفًا جافًا يبدو أنه ينسى أن الأشخاص الذين يتعامل معهم لم يأتوا لطلب شيء من جيبه، بل جاءوا بحاجات يأملون في تلبيتها. لذا، إذا كنت قادرًا على تقديم المساعدة بابتسامة، فلماذا لا تفعل ذلك؟ لن تفقد شيئًا من خلال ذلك، بل ستخلق جوًا إيجابيًا وتعزز تجربة الآخرين. يجب أن نتذكر دائمًا أن العميل هو أهم، وبالتالي ينبغي علينا استقبالهم بكرم وترحاب. فكيف ينبغي لنا استقبال عملائنا؟ هل بالتكلم بطريقة متجهمة، أم بابتسامة ودية؟
فعندما ينصرف عميل دون أن يجد ما يبحث عنه، قد يترك ذلك انطباعًا لديه بأن الخدمة التي قدمتها كانت محاولة طيبة ولطيفة، وهو ما لا يتطلب جهدًا كبيرًا بل يمكن تحقيقه بسهولة، وعندما نظهر اهتمامًا بالآخرين، فإن ذلك يعود علينا بشعور جميل بالرضا والسعادة، مما يذكرنا بأهمية التواصل الإنساني، عليه ينبغي علينا أن نكون داعمين لبعضنا البعض بدون تعقيدات أو عداء، حيث أن تقديم المساعدة يُعتبر واجبًا إنسانيًا بسيطًا.
كما إن فهم كيفية التفاعل مع الآخرين يعتبر أمرًا أساسيًا، فعليك أن تظهر الاحترام والتفهم وتتبنى لغة حوار ملائمة. ومن المهم أن يكون مستوى صوتك متناسبًا مع الوضع ومع الشخص الآخر لتسهيل التواصل وتبادل المعلومات. فإذا كان صوتك مرتفعًا، فقد يُفهم الشخص الآخر ذلك على أنه عدم احترام له، مما قد يجعله يتردد في طلب المساعدة أو تقديم المعلومات، خصوصًا إذا كانت المسألة تتعلق بأمور شخصية، فنحن جميعًا بشر، والتفاهم والتعاطف يساعدان في تجاوز التحديات وبناء علاقات إيجابية.
أشعر بالدهشة عندما ينظر بعض موظفي الخدمات الحكومية إليك بنظرة تعالي، توحي لك بأنهم مشغولون ولا يمكنهم خدمتك. هذه النظرة قد تجعلك تتراجع عن طلب الخدمة. لماذا يتصرفون هكذا؟ لا يجب أن تكون هكذا، أيها الموظف! إن ردة فعلك تلك ليست خدمة، بل تسبب مشكلة. إذا لم تكن لديك النية أو الرغبة في تقديم الخدمة، لماذا لا تنقل الطلب لقسم آخر؟ هناك طرق لتجنب خلق المشكلات بدلاً من حلها.
دعنا نغير من منظورنا تجاه خدمة الآخرين؛ إنها فعلاً شرف وليست عبء. الأمر سهل فقط، ابتسم وكن ودوداً، واستخدم صوتاً محترماً ومتفهماً. أعدك بأنك ستكون المستفيد الأول. عندما تتصرف بهذه الطريقة، ستجنب نفسك التوتر والمواقف السلبية. ستتعامل مع الآخرين باحترام وبساطة، وسيكون التواصل معهم أسهل. إذا لم يتمكن الموظف من تلبية طلبك، سيفهم ويقدر محاولتك لمساعدته. ابتسم وتعامل بالود، فسترى كيف يغادر بتقدير واحترام، ولن يحملك مسؤولية الرفض. ديننا يشجعنا على التعامل بالأخلاق والتسامح. ابدأ بالترحيب والابتسامة؛ إنها الخطوة الأولى للتواصل الجيد، ولا تنسى أن الانطباع الأول يعطي الكثير من صورتك. فلنترك انطباعاً جميلاً خلفنا في كل تفاعل.
وفي الختام، ندرك أن للإنسان القدرة على التأثير في قلوب الآخرين دون حاجة للكلمات، بل من خلال سلوكه وأخلاقه النبيلة. فعندما يتحلى بالتواضع والتسامح والاحترام، يصبح قادراً على خلق تأثير إيجابي يترك بصمة جميلة في نفوس الآخرين. وبهذا المفهوم العميق، ندرك أننا جميعاً بشر، مما يدعونا للتعاطف والتفهم والتقدير المتبادل، وبناء علاقات متينة تستند إلى الصدق والتعاون المثمر.