احتياج المواطن للأرض والسكن

 

حيدر بن عبدالرضا اللواتي

haiderdawood@hotmail.com

 

حدثٌ اقتصاديٌ كبيرٌ شهدتها مسقط خلال الأسبوع الماضي؛ بافتتاح فعاليات مؤتمر التطوير العقاري الثالث وأسبوع التصميم والبناء الذي يعززان من قيمة هذا القطاع المُهم، وهذا الأمر كان  حديث الكثير من المهتمين؛ باعتبار أن قطاع العقار من القطاعات التي يمرض أحيانا ولكنه لا يموت.

أهمية هذا الحدث يكمن في احتياج كل عائلة إلى سكن مناسب ليتمكن من العيش في سلام وهدوء واطمئنان؛  فعدم مقدرة الفرد الحصول على الارض المناسبة والسكن المناسب يؤدي إلى تشتت ذهنه وأفكاره وبالتالي يؤثر ذلك على انتاجيته وإبداعه في العمل أيضا. هذا ما يدفع الكثير من الدول الدول إلى تسهيل احتياجات المواطنيين وتمكينهم في الحصول على السكن المناسب من خلال إنشاء بنوك متخصصة لتمويل بناء الوحدات السكنية والعقار، ومن خلال إنشاء شركات عقارية متخصصة تساعد المواطنيين في تصميم وبناء الفلل والشقق التي يحتاج إليها كل شخص.

مؤتمر التطوير العقاري الثالث يتكرر دوريًا؛ حيث كان حضوره واسع من قبل عدد من شركات التطوير العقاري والمطورين والمهتمين سواء من داخل السلطنة او خارجها بجانب المهتمين بقضايا البناء والتصميم والهندسة وغيرها. ووزارة الإسكان والتخطيط العمراني من جانبها وقعت العديد من اتفاقيات الشراكة والتطوير لإنشاء مشاريع المخططات والأحياء السكنية المتكاملة في مختلف أنحاء السلطنة، الأمر الذي يساعد الفرد العماني في الحصول على السكن وفق رغبة تلك الشركات وليس رغبة الفرد العماني.

المواطن ما زال يحن في الحصول على قطعة أرض مناسبة في مكان عمله ليتمكن من بنائها بصورة تناسب قدراته وإمكاناته المالية، الأمر الذي يعطي فرصة عمل للكثير من المواطنيين وخريجي الهندسة المدنية من المواطنين بالتوجه نحو عمليات التصميم والبناء والهندسة، في الوقت الذي أصبحت فيه الشركات الكبيرة هي المسؤولة في معظم عمليات التطوير العقاري، وهي التي اصبحت تحدّ من دخول عناصر وكفاءات عمانية جديدة في هذا القطاع. وهذا ما يجب إعادة النظر فيه بحيث نجذب المزيد من الباحثين العمانيين للعمل في هذا القطاع والتوجه نحوه، وأن تعم الفائدة على الكثير من المواطنيين بدلًا من أن تدخل تلك المبالغ الطائلة في جيوب شركات قلة معظمها تتعامل من الداخل مع شركات أجنبية وكفاءات خارجية وتهمل كثيرًا التعامل مع المواطنين الباحثين عن العمل، وتقوم بتحويل تلك الارباح إلى خارج البلاد.

هذا أمر يتطلب إعادة النظر فيه، ولكن لا يعني بأننا نتوقف من التعامل مع شركات التطوير المحلية والأجنبية الكبيرة في السلطنة وخارجها، وإنما نتحدث عن فكرة توفير فرص عمل للعمانيين كما كانوا منخرطين في السابق في فتح مكاتب للهندسة وشركات المقاولة والتركيبات وبناء وحدات السكن للمواطنيين من دون أن نحتكر هذه الاعمال على شركات كبيرة.

الحدث الأخير أعطي فرصة للشركات الكبيرة من توقيع اتفاقيات تطوير وإطلاق المبيعات ببعض المدن العقارية الجديدة في السلطنة، بجانب أنه نشط الحوار بين المهتمين من خلال إطلاق الحلقات الحوارية في هذا القطاع، ومعرفة الاتجاهات والفرص الكامنة فيه، بجانب معرفة توجهات الحكومة في التنمية السياحية وكيفية التمكين في تعزيز العمل بهذه الصناعة العقارية، بالاضافة إلى تقييم العقارات والاستراتيجيات التسويقية المبتكرة في مجال التطوير العقاري، ومستقبل العقارات، والتسهيلات المقدمة للاستثمار الأجنبي، وتوجهات الحكومة نحو التنمية المستدامة في التطوير العقاري في المرحلة المقبلة.

وجود هذا العدد الهائل من العارضين وتوافر 10 أجنحة دولية في المعرض، يؤكد رغبة الشركات المتواجدة في السلطنة وخارجها للمشاركة في تطوير هذا القطاع والدخول في المشروعات التنموية المستقبلية التي ستقام في البلاد بجانب تطوير المشاريع السياحية، خاصة وأن بعض هذه المشاريع تتميز بتجربة فريدة في بناء العقار تناسب احتياجات الأفراد من حيث السكن والعيش بأعلى مستويات الرفاهية والراحة، ولكنها تتطلب أموالًا كبيرة ليست في استطاعة الكثير من العمانيين إيجادها في ظل الرواتب المتوضعة للكثير منهم وخاصة في القطاع الخاص.

إنَّ ما يأمله الفرد العماني في الدرجة الاولى هو الحصول على قطعة أرض مناسبة له ولأسرته كما اعتادت الأجيال  السابقة في الحصول عليها منذ بداية السبعينيات من القرن الماضي، ومن ثم يمكن أن تتعاطى الوزارة مع المشاريع العقارية الأخرى وتوجهاتها الجديدة لتوفير السكن للمواطنيين والوافدين الراغبين، وإيجاد قنوات التمويل المناسبة لهم ليتمكنوا من شراء تلك الوحدات الجديدة؛ فهذه الوحدات والمجمعات الجديدة سوف تجذب بعض الاستثمارات الاجنبية للذين يبحثون الاقامة في دولة كعُمان عُرف عنها السلام والهدوء والطمأنينة، ولكن نأمل أن تكون تلك الاستثمارات نظيفة وبعيدة عن الشبهات المالية العالمية كما نراها في بعض الدول القريبة.