حيدر بن عبدالرضا اللواتي
لا يختلف اثنان على أنَّ هناك تنافسًا كبيرًا بين الصين وأمريكا والدول الأوروبية في تصنيع العديد من المُنتجات، ومن ضمنها السيارات الصينية التي أصبحت منتشرة في الشوارع الخليجية، بجانب تواجدها في كثير من قارات العالم؛ بفضل رخص ثمنها، وتؤدي هذه العملية المستمرة في الإنتاج إلى تسريح العمالة لدى بعض الشركات العالمية المُنتجة للسيارات، ومن بينها شركة "تسلا" الأمريكية لإنتاج السيارات الكهربائية.
هذه الشركة متجهة حاليًا إلى تسريح أكثر من 10% من عمالتها العاملة حول العالم نتيجة لانخفاض مبيعاتها من السيارت الكهربائية، وسط تنافس وحرب أسعار متصاعدة لهذه السيارات وفقًا لمعلومات نشرتها وكالة رويترز للأنباء. التقرير الأخير لشركة تسلا يُشير إلى أن لدى الشركة عمالة كبيرة في إنتاج السيارات حول العالم يصل عددها إلى 140473 موظفًا على مستوى العالم، في الوقت الذي تعد فيه هذه الشركة واحدة من كبريات شركات صناعة السيارات في العالم من حيث القيمة السوقية لها. ومما لا شك فيه أن التسريح المقبل لهذه الشركة سوف يؤثر على الكثير من العاملين وعائلاتهم بحيث يتوقع أن يصل عددهم حوالي 14500 عاملٍ مُسرَّحٍ تقريبًا.
والتسريح، كما هو معروف عنه، يعني الفصل عن العمل لعدة أسباب تخص معظمها سلوكيات وكفاءة العاملين، إلا أن موضوع المنافسة يدخل اليوم في هذا الإطار بحيث تحاول الشركات تسوية أوضاعها الإدارية والمالية مع ظروفها الإنتاجية ومبيعاتها السنوية. وبعض الشركات تضطر إلى قيامها بعمليات التسريح في حالات مُعينة ومن ضمنها الأمور المالية. وقد تعرضت الشركات العاملة في المنطقة وكثير من الشركات العالمية عند انتشار وباء "كوفيد-19" إلى تسريح العمالة قبل عدة سنوات، بحيث أصبح بعضهم ما زال يبحث عن فرصة عمل جديدة. وهذا ما حدث لدينا في سلطنة عُمان نتيجة قيام بعض شركات المقاولات والعقارات والصناعة والسياحة بتسريح العمالة الوطنية.
الرئيس التنفيذي لشركة تسلا للسيارات الكهربائية إيلون ماسك يشير في مذكرته لرويترز إلى أن الشركة تقوم حاليًا بالإعداد للمرحلة التالية من النمو، من حيث خفض بند التكاليف وزيادة الإنتاجية؛ الأمر الذي أدى بالشركة إلى إجراء مراجعة شاملة واتخاذ قرار تسريح 10% من عمالتها على مستوى العالم.
إنَّ عملية التسريح في العالم خلال السنوات الماضية كانت ظاهرة للعيان خاصة لدى شركات قطاع التكنولوجيا، بجانب قيامها بإجراء تغييرات وتحسينات جديدة في الوظائف الجديدة. ومعظم هذه القضايا تنتج بسبب رغبة الشركات في خفض التكاليف السنوية والاستجابة لارتفاع التضخم، وارتفاع أسعار الفائدة، بالإضافة إلى أخذ الاحتياطات من أي مخاوف تتعلق بالركود والانكماش الشديد في الأسواق. ففي يناير من العام الماضي بلغت عمليات تسريح العمال بشركات التكنولوجيا بواقع 90 ألف عامل من خلال قيام 277 شركة تعمل في التكنولوجيا بهذه الخطوات.
هذا هو الحال اليوم لدى بعض شركات السيارات، ومن ضمنها تسلا، التي أعلنت عن خفض أعداد الوظائف لديها من أجل التقليل من المصروفات وتحفيز الطلب العالمي، اضافة إلى تحديث النماذج الجديدة للسيارات، بحيث يمكن للأشخاص شراؤها بما يتناسب مع الظروف المالية لهم في ضوء ارتفاع أسعار الفائدة المرتفعة للجهات التمويلية. التقرير الاخير لشركة تسلا يشير إلى أن عدد السيارات الكهربائية التي قدمتها للسوق خلال الربع الأول من العام الحالي أقل مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. وعمومًا تعد الصين دولة منافسة قوية في هذا المجال، وفي مجالات تصنيعية أخرى يحتاج إليها المستهلك في كثير من أنحاء العالم.
إنَّ عمليات التسريح في العالم مستمرة مع وجود قوانين تكفل حصول المُسرّح على حقوقه كاملة ليتمكن من العيش وأسرته في أمان، خاصةً حينما تتراكم الديون على الشركات أو تتراجع أرباحها بسبب انخفاض المبيعات. ومن هنا تضطر الشركات لمواجهة قضايا أخرى من دفع تكاليف للدعاوي القضائية وتعويضات التسريح، فيما يؤثر التسريح على انخفاض الروح المعنوية للعمال الآخرين، وانخفاض إنتاجيتهم. لكن ستبقى هذه العملية مستمرة في الاقتصادات الكبيرة والتي تطلق على نفسها مسمى "اقتصادات حرة".