علاوة مُتدرِّب

 

سلطان بن محمد القاسمي

يمثل التدريب العملي إحدى الخطوات الضرورية والحيوية في مسيرة الطلاب والخريجين الباحثين عن عمل، فهو يمثل فرصة لا تقدر بثمن لاكتساب المهارات العملية والتجارب الحقيقية في بيئة عمل واقعية. حيث إن من متطلبات التخرج اجتياز فترة التدريب في إحدى المؤسسات الحكومية أو الخاصة، كما إن من متطلبات الحصول على الوظائف في وقتنا الحالي الخبرة العملية. إلا أن هذه الخطوة المهمة لا تأتي دون تحديات، خصوصاً على الصعيد المالي، حيث يجد الكثيرون أنفسهم في مواجهة صعوبات مالية تجعل تلك الفترة من التدريب مرهقة جدا لهم.

والتزام الطلاب والخريجين بالتدريب العملي يعكس رغبتهم الحقيقية في تطوير أنفسهم وتحسين فرصهم في سوق العمل. فهم يبذلون جهوداً مضاعفة مماثلة للموظفين العاملين بالفعل في المؤسسة، ليثبتوا أنفسهم ويبرزوا مهاراتهم وقدراتهم أمام أصحاب العمل، على أمل أن يتم الانتباه لهم واحتوائهم فيما بعد في صفوف المؤسسة.

ومع ذلك، فإنهم يواجهون تحديات مالية كبيرة، فكثير منهم يقومون بالعمل لفترات طويلة وبشكل مكثف دون الحصول على أي عائد مالي يعوضهم عن جهودهم ويساعدهم في تلبية احتياجاتهم الأساسية كالسكن والنقل والمعيشة، والبعض منهم يقضي شهوراً في التدريب دون أن يحصل على أي مبلغ مالي يمكنه من تلبية احتياجاته الضرورية، مما يجعلهم يعيشون في ظروف مالية صعبة خلال تلك الفترة.

أمام هذه التحديات، هناك حاجة ملحة إلى إيجاد حلول لهذه المشكلة؛ إذ ينبغي للجهات المختصة أن تدرك الأهمية البالغة لدعم الطلاب والخريجين خلال فترة التدريب العملي؛ حيث ينبغي لها أن تتبنى تدابير تشمل توفير مساعدات مالية مباشرة، بهدف تخفيف العبء المالي وتشجيعهم على مواصلة تطوير مسارهم التعليمي والمهني. وأقترح أن يتم منح علاوة شهرية للمتدربين؛ حيث إنها ليست مجرد إجراء مالي وحسب؛ بل هي عملية استثمارية تعكس اعترافاً بالجهود الجبارة التي يبذلها الطلاب خلال فترة التدريب، ما يعزز من الشعور بالثقة والمسؤولية لديهم. وبناءً على ذلك، ينبغي للمؤسسات أن تدرج منح العلاوة ضمن سياساتها الاستراتيجية لدعم وتشجيع الطلاب والباحثين عن عمل على تحقيق أقصى استفادة من فترة التدريب العملي، مما يسهم في نموهم الأكاديمي والمهني بشكل مستدام وفعّال.

وإضافة إلى ذلك، ينبغي على المؤسسات التي تستفيد من خدمات الطلاب والباحثين عن عمل المتدربين أن تدرك الجهد الذي يبذله هؤلاء وتقدم لهم التقدير الذي يستحقونه، سواء من خلال توفير مكافآت مالية أو تقديم فرص مستقبلية للتوظيف- إذا بالإمكان- بعد انتهاء فترة التدريب.

باختصار.. يعد التدريب العملي خطوة أساسية في مسار التعليم والتطوير المهني للطلاب والباحثين عن عمل، ويجب على الجهات المعنية أن تضمن توفير الدعم المالي اللازم لهؤلاء الطلاب خلال تلك الفترة الحرجة، لتحقيق العدالة المالية وتشجيعهم على المثابرة والتفاني في سبيل بناء مستقبل مهني واعد.

وفي الختام.. يجب أن ندرك أن التدريب العملي يشكل جزءًا أساسيًا من مسار التعليم والتطوير المهني، ويجب علينا كمجتمع أن نعمل معًا لضمان أن يكون هذا التجربة مفيدة ومجدية للجميع، بما في ذلك منح الدعم المالي والمعنوي اللازم للطلاب والخريجين خلال فترة التدريب العملي، وبذلك، سنحقق تحولًا إيجابيًا في حياة هؤلاء الشباب وسنساهم في بناء مستقبل مهني واعد لهم وللمجتمع بأسره.