الطباخ

 

 

أحمد الرحبي

 

يتطلب الطهي مهارات إبداعية وتفانيًا كبيرًا؛ فالطهي مهنة مبدعة، من حيث الطرق المُستخدَمة في تحضير الطعام وتقديمه، وتطوير وصفات جيدة في الطعام، وتقديم أطباق مختلفة في الأكل.

ويحتاج العامل في مهنة الطهي إلى القدرة على التعامل مع الضغوطات والتحمل في مواجهة الأعباء المُستمرة المتلاحقة لهذه المهنة؛ ففي بعض الأحيان، يمكن أن تكون البيئة في مطبخ المطاعم أو المطابخ الكبيرة تحت الضغط الشديد.

وتكون مهارات التعاون والتواصل جزءًا هامًا من شخصية العامل في مهنة الطهي، ففي المطابخ الكبيرة يحتاج طاقم العمل إلى أن يكون جيدًا ومتعاونًا على الدوام في تواصلهم مع بعضهم البعض.

وإلى جانب الذوق والتميز، يأتي التركيز والدقة في اتباع الوصفات المُعدة للطهي، جزءًا من شخصية الطباخ، حيث يتطلب النجاح في الطهي التركيز والانتباه للتفاصيل.

كما إن القدرة على التحليل واتخاذ القرارات بسرعة، قد تكون سمة مميزة لشخصية الطباخ، خاصة في حالات الضغط؛ حيث يحتاج إلى القدرة على التفكير السريع وحل المشاكل بفعالية.

وربما لا يختلف الطباخ خوسيه أندريس كثيرًا عن هذه السِمات التحليلية للطباخين، الطباخ أندريس الذي أنشأ مع شركائه مؤسسة "المطبخ المركزي العالمي" بعد ذهابه للمساعدة في إطعام النَّاس في هاييتي التي دمرها زلزال مُميت. ومن هناك أخذت المؤسسة تنمو، مُستجيبةً للحاجة إلى الغذاء بعد الأعاصير في هيوستن وبورتوريكو، وحرائق الغابات في غرب الولايات المُتحدة وفي أستراليا. وكان عمال المؤسسة يطبخون للاجئين الذين يعيشون في خيام على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك والفارين من الحرب في أوكرانيا.

وتؤكد المؤسسة في معرض حديثها عن مهمتها بأنها "أول من يصل إلى الخطوط الأمامية، ويقدم وجبات طازجة استجابة للأزمات الإنسانية والمناخية والمجتمعية".

الطباخ خوسيه أندريس (المولود عام 1969)، بنى شهرته من خلال كتب الطبخ والمطاعم الشهيرة، التي يملكها لكنه أصبح معروفًا أيضًا بالسفر إلى مناطق الكوارث والصراعات حاملًا مواد الإغاثة الغذائية مع المنظمة التي شارك في تأسيسها.

وفي عام 2021، قام جيف بيزوس، مالك صحيفة واشنطن بوست الأمريكية ومؤسس شركة أمازون العملاقة، بمنح أندريس 100 مليون دولار من خلال جائزته السنوية للشجاعة والكياسة.

خوسيه أندريس الطباخ، هو صاحب مبادرة إرسال أول سفينة مساعدات إلى غزة، سفينة "أوبن آرمز" أو "الأيادي المفتوحة" أول سفينة تحمل مساعدات إلى غزة منذ عام 2005 وصلت الأسبوع الماضي إلى القطاع المحاصر؛ حيث قالت فرانسيس فينال الكاتبة في "واشنطن بوست" مُعلقة على هذه المبادرة: "إنَّ أول سفينة تحمل مساعدات إلى غزة منذ عام 2005 وصلت أمس الجمعة، لم تكن وراءها لا الأمم المتحدة، ولا أي زعيم عالمي؛ بل يعود الفضل فيها للطباخ الأمريكي- الإسباني الشهير خوسيه أندريس".

إنَّ الطبخ من أجل إطعام الأفواه الجائعة وملء المَعِد الخاوية، هو عمل إنساني لا يُقارن بأيِّ عمل من أعمال الخير، إنِّه "إطعام في يوم ذي مسغبة".