رسالة من مواطن غيور

 

راشد بن حميد الراشدي

 

عندما يكون للوطن مظلة أمن وأمان يستظل بها، وعندما تكون هذه المظلة السامقة هي قائد همام محب لشعبه ووطنه يسهر على راحته وتحقيق الخير والرخاء والازدهار من أجله، وعندما تكون تلك المظلة هي عهد متجدد لمختلف جوانب الحياة الكريمة التي ينشدها المواطن المحب لوطنه وسلطانه المحتسب أمره لله والمؤمن بأنَّ الخير قادم لا محالة، وعندما يكون هذا المواطن هم أبناء عُمان الأخيار، هنا وجب رفع الأمر إلى المقام السامي الكريم لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- فهو الملاذ الآمن والصدر الرحب ذو القلب الحاني على أبناء شعبه المحب لهم.

نهضة متجددة وشواهد حيَّة نعيشها جميعًا وفي جميع مجالات الحياة من حولنا، تنمية شاملة ومشاريع عملاقة عمت الوطن من أقصاه إلى أقصاه فلله الحمد والمنة. ومع هذا الاهتمام الكبير بالوطن في مختلف جوانب التنمية الشاملة، كان لزاما أن نرى الجانب الآخر من حياة المواطن، فهو عماد الوطن، ومحور التنمية المستدامة، فمع هذا النمو الذي يُعلن عنه مسؤولو الدولة من أرقام استبشر الجميع بها خيرًا بعد صبر سنين، والتي أفرزتها الأزمات المتتالية، ومع تطبيق خطة التوازن المالي التي مرت بسلام، والنتائج المبشرة ولله الحمد التي تم تحقيقها من عوائد وسداد مديونيات، وفوائض مالية، إلّا أن هناك جانبًا آخر في هذه المنظومة المرتبطة ببعضها هو جانب المواطن الذي انعكست عليه تلك الخطط والبرامج، والذي أرهقته من خلال متطلبات الحياة اليومية؛ حيث أثرت في مجريات حياته، فمنذ تطبيق خطة التوازن المالي والمواطن ينتظر انفراج الأزمة ليعيش سعيدا؛ حيث أدت الخطة إلى خروج الكثير من المواطنين من وظائفهم، وإلى تطبيق ضرائب ورسوم مختلفة، مع قلة التوظيف وزيادة أعداد المسرحين خلال السنوات الماضية، الكثير منهم يواجهون الديون، وهناك من لم يعد قادرًا على الوفاء بجميع التزامات الحياة، إلى جانب تأثر عدد من الشركات والمؤسسات بالأوضاع الاقتصادية التي مرَّت علينا سابقًا، وزيادة تكلفة إنشاء المشاريع، وتباطؤ جهود توطين الشباب العماني وتزايد أعدد الوافدين ومنافستهم للمواطن في كثير من الوظائف واستحواذهم على الوظائف التنفيذية العليا والمتوسطة في الكثير من الشركات وإدارتها وفق أهدافهم وسياستهم، والتي ربما ساهمت في تسريح المواطنين بوتيرة متزايدة، مقابل زيادة أعداد العمالة الوافدة في مختلف الشركات، كل ذلك تسبب في زيادة التحديات على كثير من الأسر العمانية.

إن التشخيص الحقيقي لكل ما تم ذكره موجود في الميدان الحياتي ونعيشه جميعًا من حولنا كل يوم، ويجب أن يكون هناك تقييم حقيقي ووقفة جادة لكل ما تم ذكره من تحديات يواجهها المواطن، بين باحث غُلت يداه بلا عمل رغم تفوقه وشهاداته العلمية، وبين مُسرَّح مهدد بالسجن نتيجة تسريحه وتراكم الديون عليه؛ فهو مهدد حتى بتفكك أسرته بعد حالات الانفصال والطلاق الكثيرة التي تعرف حقيقتها المحاكم.

إنني أوجه ندائي في رسالة يحملها قلب مواطن غيور على وطنه مُحب لسلطانه وأبناء شعبه بأن الأمر يتطلب التدخل، ولكن بوجود سلطان كريم ستهون بإذنه الله الصعاب، وأن تتكاتف كل الجهود مع مراجعة السياسات في مجالات الاستثمار والتوظيف والعمل وقوانين التجارة؛ فالهدف الأسمى ومحور العزة والكرامة هو المواطن، فهو عماد الوطن وصانع نهضته وحامي حماه ومجده، وشبابنا بناة الغد مستعدون لبذل الغالي والنفيس من أجل رفعة الوطن وتقدمه ورقيه، إذا أتيحت لهم السبل.

وأطرح هنا عددًا من المقترحات والتوصيات:

1- ضرورة وجود خطة متكاملة للتوظيف، تساندها خطة متكاملة للتعمين، تساندها خطة متكاملة لمعرفة احتياجات الوطن وسوق العمل من الوظائف المستقبلية لمساندة خطة وزارة التعليم العالي في رفد الوطن بالتخصصات المطلوبة من خلال نوع التخصصات التي تحتاجها وحدات الجهاز الإداري للدولة ومؤسسات وشركات القطاع الخاص.

2- احتواء المسرحين من أعمالهم وتوظيفهم بأسرع وقت في الشركات والمؤسسات الخاصة حسب تخصصاتهم ومتطلبات العمل.

3- التوسع في التخصصات المهنية بأعلى المواصفات العالمية لإعداد الشباب الكفؤ في مختلف المهن إعدادًا متكاملًا يتخرج الشاب وهو يستطيع ممارسة عمله باقتدار مع ضرورة توفير البيئة المناسبة لنجاحه في المستقبل وخدمة الوطن.

4- تعمين معظم الوظائف في جميع القطاعات الحكومية والخاصة خاصة الوظائف الإشرافية العليا والمتوسطة التي يسيطر عليها الوافدون.

5- رفع الحد الأدنى للأجور إلى 500 ريال، وزيادة الرواتب التقاعدية للمواطنين لمواجهة غلاء المعيشة وأعباء الحياة.

6- زيادة دعم المواطنين في خدمات الماء والكهرباء وأسعار المشتقات النفطية فهي شريان حياة العصر.

7- التخفيف من الضرائب وخاصة ما يتعلق بمعيشة المواطن.

8- تقديم المزيد من الدعم لرواد الأعمال خاصة فيما يتعلق بالرسوم، والخدمات الضرورية كالماء والكهرباء.

إنَّ تبسيط وتقديم مثل هذه الحلول ونجاحها هو إنجاز سوف يضاف إلى منجزات الحكومة الرشيدة، وسوف يسهم في رفعة الوطن واستقراره وراحة أبنائه، وسيوفر الحياة الكريمة للمواطنين الذين ينتظرون الفرج القريب والأمل المشرق السعيد.