هل مستقبلًا ستكون المقاطعة قرار شعوب؟

 

 

خليفة بن عبيد المشايخي

 

بادئ ذي بدء يقول الحق تبارك وتعالى "أليس الله بكافٍ عبده"، لا ريب أن المؤمن يستأنس بكلام الله عز وجل إذا جاء على نحو "أليس الله بكاف عبده" وإذا جاء أيضا على سياق "فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ"، والمقصود بهذه الآية الكريمة أن الله تبارك وتعالى سوف يكفي سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه هو وأصحابه، الذين قالوا لهم "كونوا هودا أو نصارى تهتدوا" إلى آخر المقصد من هذه الآية الكريمة.

الله تعالى قادر أن يكفي الإنسان المسلم الضر وكل الشرور والآفات والمصائب والأخطار وحالات الغدر والخيانة والتآمر عليه، إن أراد هو وقرر، وذلك بالتيقن على ذلك؛ سواء كانت علاقته بربه سوية، ومقرا ومعترفا بربوبية الخالق ووحدانيته وقدرته وعلمه بما في السماء والأرض، إو إذا كان بعيدا عن الله تعالى، فالله تبارك في علاه قريب منَّا يسمع ويرى ويعلم، ولا يخفى عليه شيء، ويجيب المضطر إذا دعاه، حتى ولو كان مقصرا في حق مولاه وخالقه. فإذا كان حال الله جلَّ وعلا هكذا مع المُدبرين عنه، فكيف إذن مع المقبلين عليه، فيا الله يا حبيبي ما أكرمك وأرحمك. آخي الكريم يا من تقرأ هذه السطور المتواضعة تعلم بأن العالم الإسلامي برمته يسمع ويشاهد هذه الأيام، ما يجري ويدور في فلسطين وغزة وفي الهند وفي بعض البلاد، من اضطهاد المسلمين فيها وإذلالهم ومضايقتهم والتنكيل بهم وتشريدهم وقتلهم وتجويعهم ومحاربتهم. ومع ذاك لم يعد بمقدورنا فعل شيء تجاههم، إلّا الدعاء لهم ومساعدتهم ماليًا، ومدهم بالغذاء والكساء والدواء إن تيسر إيصال ذلك لهم.

وإزاء ذلك أصبح كل منَّا يدلى بدلوه في التعاطي مع هذه القضايا والأحداث والحروب، فكان هناك شجب وتنديد ورفض ومظاهرات وتضحيات ومواقف مشرفة رافضة، كالذي حدث وبدر من حكومتنا الرشيدة عامة، ومن استنكارها وسماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي حفظه الله تعالى، لما حدث ويحدث في فلسطين وغزة، وما جرى ويجري للمسلمين في دول أخرى، من تهجير وتعذيب والتضييق عليهم في بلادهم، وظلمهم وممارسة أبشع الجرائم ضدهم وسلبهم حقوهم المشروعة والمسلوبة، ومنعهم من حرية العيش بكرامة وممارسة شعائرهم الدينية والإسلامية بحرية وسلامة.

لهذا فإنه في ظل ما حدث ويحدث، لم تجد الشعوب الإسلامية والعربية وغيرهم الرافضين للحرب أي كانت، وللتطبيع مع إسرائيل واستمرار الممارسات المحرمة في حقوق المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، إلا أن تقاطع المنتجات والبضائع والسلع التي تنتجها الدول الداعمة للكيان؛ سواء كانت أمريكا أو بريطانيا أو غيرهما من الدول التي تدعم الكيان الصهيوني، وتشجع الجرائم الممارسة والقائمة على المسلم أينما كان وحتى اليوم.

تلك الشعوب والآراء الرافضة للظلم عامة، تنادي بضرورة المقاطعة على نطاق واسع، في ظل استمرار الحرب والقتل والعنف والتجويع، سواء في فلسطين وغزة والهند، أو في أقطار أخرى.

ومنذ بدء الحرب على أولئك المسلمين في تلك البلدان مثل فلسطين وغيرها، فإن أشكال المقاطعة تنوعت وتعددت. والسؤال الذي يطرح نفسه، هل هذه المقاطعة ستكون قرارًا دائماً للشعوب المسلمة والعربية وغيرهم ولها أثر على المدى البعيد؟ أم هي فترة وتنتهي؟ وهل لو دامت المقاطعة سيختلف دور وقرار الحكومات العربية مثلًا حيال ذلك؟

حقيقة من الآراء والتوجهات والأحاديث التي أعجبت بها بعد نهج حكومتنا الرشيدة وموقف سماحة الشيخ أحمد الخليلي، حديث الأستاذ حاتم الطائي رئيس تحرير جريدة الرؤية، حينما قال إننا كعمانيين خاصة لدينا القدرة على المقاطعة، فمثلاً التوقف عن الذهاب إلى أحد المقاهي المعروفة والشهيرة والموجودة في السلطنة التي تدعم الكيان الصهيوني شهرا واحدا، فإن ذلك سيكلف ذاك المقهى خسائر فادحة، سينجم عنها إفلاسه، وبالتالي سيغلق لا محالة. وقال أيضا لماذا لا ينبري الشباب العماني، بتأسيس علامة تجارية عُمانية منافسة في السوق، ستغني عن ارتياد ذاك المقهى. وهذا النهج إن تم، فسيقضي على تواجد أمثال تلك المقاهي والمطاعم وغيرها على أرضنا، وكل ما يدعم الصهاينة. من هنا أقول إن كانت لدينا الإرادة والعزيمة والقوة وتمسكنا بالله تعالى، فسيكون النصر لنا بإذن الله، وعلينا أن نتذكر "إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ".

تعليق عبر الفيس بوك