محمد رامس الرواس
مع حلول شهر رمضان المبارك الذي تتنزل فيها الرحمات من الرحمن الرحيم بغزارة كالغيث المُمطر، رحمات ننتظرها عامًا بعد عام في هذا الشهر الفضيل، فنقابلها كمسلمين بكثرة الأعمال من صلاة وقيام، وقراءة للقرآن، وصلة للأرحام، وزيادة في الصدقات، وكافة أشكال وأنواع القربات للمولى عزَّ وجلّ..
إنه شهر فضيل تُفتح فيه أبواب الجنان وتحصل فيه الرحمة التامة والمغفرة العظمى، وتُعتق الرقاب من النيران. شهر رمضان المبارك شهر البشائر والقوة والعزة والانتصارات الباهرة، شهر التمكين، إنِّه الشهر الذي يحمل أمجاد الانتصارات للمسلمين؛ حيث يمُنُّ الله فيه بالنصر المبين على عباده المرابطين، فما من معركة لجند الله الصابرين وقعت في رمضان إلّا وتحقق لهم النصر المبين، منذ معركة بدر الكبرى في 17 رمضان تاج المعارك وأولها، ثم فتح مكة الأعظم، ثم دواليك أشهر معارك الإسلام الخالدة التي دوّنها التاريخ بأحرف من ذهبٍ في شهر رمضان: فتح السند، وعمورية (6 رمضان)، والاندلس (28 رمضان)، وحطين، وعين جالوت، ومعركة العاشر من رمضان في حرب أكتوبر 1973، ليست عنَّا ببعيد، وغيرها من المعارك.
وعندما نتصفح التاريخ الإسلامي ونُقلِّب في صفحاته لنستذكر معارك الإسلام الخالدة، نجدُ أن ما حصل منها في رمضان كانت نتائج النصر فيها حليف المسلمين؛ فرمضان حامل لواء الانتصارات والبطولات الباسلة عبر الزمن لمن نصر دين الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام.
شهر رمضان هذا العام سيكون شهرًا استثنائيًا لنا ولإخواننا في قطاع غزة خاصة، وفلسطين عامة؛ لما يجدوه ويعانوه من وضع مأساوي رهيب؛ فصيامهم مُكابدة للهيب النيران؛ سواء من آثار قصف الجيش الإسرائيلي المحتل من جهة، ومن لهيب الجوع والعطش المصحوب بقلة الدواء من جهة أخرى. ولأجل مشاركتهم مصابهم فإن أقل القليل مما يُفترض علينا هو إرسال المعونات لهم وبذل الأموال لإغاثتهم ومقاطعة كافة الشركات والمؤسسات والعلامات التجارية المساندة للكيان الإسرائيلي المحتل.
ورغم كل ما يحدث في قطاع غزة من مآسٍ بشمالها أو جنوبها حتى مدينة رفح، سيصوم الصائمون بإذن الله في غزة وسيرتفع الأذان مُدوّيًا عند المغرب، وتحصل البركات من رب السماء، وترتفع دعوات المسلمين، مُتضرِّعين للعزيز الجبّار بطلب النصر والتمكين، وسيقوم المصلون بالليل والمرابطون في ليالي الشهر الفضيل، وستأتي عليهم ليلة القدر المُبارَكة، وجميع المُوحِّدين في مشارق الأرض ومغاربها معهم بقلوبهم طالبين التعجيل بالفرج والمعونة من الرحمن الرحيم، ولن يستطيع العدو المحتل أن يمنع شيئًا من ذلك؛ بل يعلم ذلك ويخاف منه.
مع حلول شهر رمضان المبارك، ترجو المقاومة الفلسطينية- ونحن معهم- حصول انتصار كانتصارات معارك رمضان؛ سواءً بأوله أو في منتصفه أو بآخر أيامه المباركة.. نصرُ الله المؤزَّر الذي ينصر الله به جنوده في هذه الأيام المُعظَّمة.