مبادرة "لنكُن معهم"

 

 

د. خالد بن علي الخوالدي

بعد كتابة مقالي "مبادرة متحدث واعد"، تابعتُ بحرص عددًا من المبادرات الشبابية والتطوعية التي لها حضور على مستوى المجتمع المحلي، ولفت انتباهي مبادرة إنسانية لها أثرها ووقعها على النفس، وتهتم هذه المبادرة بمرضى السرطان سلمنا الله جميعاً من شر الأمراض، واطلقوا على مبادرتهم "لنكُن معهم".

و"لنكن معهم" مبادرة شبابية طموحة وتستحق التركيز عليها والأخذ بيد الشباب العاملين عليها، وهي على تواصل وتماس مع الجمعية العمانية لمرضى السرطان، وتشترك معها في الرؤية والأهداف، وتحمل روح الأمل وحب الإنسانية، والفريق يعيش الأمل مع من ابتلاهم الله بهذا المرض، الذي بدأ ينتشر في أرجاء المجتمع انتشار النار في الهشيم، دون معرفة الأسباب الحقيقية له، أو كيف يمكن الوقاية الفعلية منه. كل ما يقدموه في هذه المبادرة هو زرع الثقة والرضا بما قسّمه الله وقدره، مُركزين على نقطة محورية وأساسية مسلّم بها ونؤمن جميعًا بصدقها وواقعها وهي أن كل ما يصيب الإنسان قضاء الله وقدره وله الأجر والثواب، يحملون في قلوبهم الإيجابية وفي أرواحهم بسمة الأمل لمحاربي مرض السرطان.

ولعمري أن مرض السرطان قد قضى على أحلام عدد من الغاليين علينا من أطفال وشباب وكبار؛ إذ لا سن له ولا عمر يتقصده، وإنما يصيب كل الفئات دون سابق إنذار، ويضرب في بعض الأحيان بجبروت دون رحمة ولا شفقة، ومع قوته وهجومه الشديد إلّا أن إرادة الله أقوى، والتمسك بأمل الشفاء له جوانب إيجابية كبيرة. ويعتمد شفاء مرضى السرطان وغيره من الأمراض على الجانب النفسي للمريض بصورة كبيرة، ويعتمد بشكل أكبر على من حول هذا المريض، فكلما كانت البيئة المحيطة بالمريض صحية وإيجابية ولها حضور نفسي سليم، كان هذا المريض في أحسن حال، وقادر على مجابهة المرض ومحاربته. وقد نجح عدد كبير في التغلب على هذا المرض والخروج منه بهمة عالية للحياة والعيش بسلام وحب.

وهؤلاء الشباب وفريقهم الرائع ومن خلال مبادرتهم الراقية "لنكن معهم"، يبعثون برسائل توعوية إيجابية، ولديهم حلم بأن يروا جهدهم وثمرته في عيون المرضى؛ حيث يقفون معهم في كل أحوالهم، ويزورنهم ويتواصلون مع أهلهم، ويبثون فيهم وفي المرضى روح الامل والتفاؤل لمحاربة مرض السرطان.

إنها مبادرة تستحق أن يقوم بها الجميع وأن يكون شعارنا جميعًا "لنكن معهم"؛ فهؤلاء المرضى هم إخواننا وأهلنا وأقاربنا وجيراننا وأعزاء علينا، وبجانب ما توليه الحكومة- ولله الحمد- من اهتمام بهذه الفئة من المرضى، من خلال إنشاء مراكز ومستشفيات متخصصة على مستوى عالي من التجهيز، إلّا أننا كمجتمع تقع علينا مسؤولية الوقوف مع هذه الجهود ودعم مثل هذه المبادرات، حتى تنتشر وتعم فائدتها على الجميع.. علينا أن نتثقف ونتعلم كيف يمكن أن نقف مع مرضى السرطان ونجعلهم شجعانًا في محاربة المرض، ونغرس فيهم العزيمة والإصرار والتحدي ومجابهة الصعوبات.

إنَّ كلمات الشكر والثناء لا تفي حق القائمين على مبادرة "لنكن معهم"، وكلنا معكم ومعهم.. وفق الله الجميع لما فيه الخير والصلاح والفلاح.

ودُمتم ودامت عُمان بخيرٍ.