مسيرة ثقافية متواصلة

 

محمد رامس الرواس

تأتي الدورة الثامنة والعشرون لمعرض مسقط الدولي للكتاب هذا العام لتستكمل مسيرتها الثقافية يكللها العطاء والتواصل طلبًا لمفردات المعرفة، خاصة وأنها تقترب من العقد الثالث منذ انطلاقتها، هادفةً إلى إثراء ميادين المعرفة بشتى أنواع الفكر والأدب والعلوم، فكنوز الثقافة عامة والعُمانية خاصة التي يتم عرضها تُعد وجهًا من وجوه القوة الناعمة التي درجت السلطنة على الاهتمام بها وإبرازها حيث الإرث التاريخي العريق والحاضر المشرق، ورؤية مستقبلية استشرافية للحضارة العُمانية الرائدة.

يحرص معرض مسقط الدولي للكتاب كل عام على أن يطل علينا كتظاهرة ثقافية وموسم معرفي متنوع يحوي أنواع الفعاليات المختارة بعناية، ونافذة تواصل يستطيع القارئ والزائر وضيوف المعرض الاطلاع على مكنونات كنوز المعرفة العُمانية والعالمية، فأصبح قبلة الباحثين عن متعة القراءة والتشوق لجديد المعرفة والإبحار في مراكب وسفن التاريخ الخالدة.

لن أسرد في مقالتي هذه عدد دور النشر، أو عدد العناوين أو غيرها من الأرقام التي عادة ما تطالعنا مع بداية كل معرض؛ بل ما أودُ الإشارة إليه هو مدى تطور حضور وزيادة عدد الزوار العُمانيين للمعرض، ومدى فخرنا بالأسر العُمانية التي تتواصل جميعها مع أيام المعرض لتخلق لنفسها جسر تواصل معرفي وفكري من خلال ما يتم اقتناؤه من كتب وحضور ندوات وأنشطة وفعاليات، فتجدهم يتحاورون ويتشاركون الحديث حول ما اطلعوا عليه وما سمعوه من فكر وأدب وعلوم معرفية، فما أعظمها من متعة وما أسعدها من لحظات.

شرفتُ عام 2018 بأن أكون أحد المشاركين في الإعداد وتقديم مدينة صلالة كضيف شرف في معرض مسقط للكتاب، وكانت مساهمتي من خلال بحث تاريخي عن "الجامع الكبير بمنطقة البليد وكتابات الرحالة والمؤرخين عنه ووصفه"، ولقد قامت جريد الشبيبة مشكورة بطباعة مُلحق خاص بهذا الموضوع، وأهدت معرض الكتاب 500 نسخة مجانية تم عرضها بجناح صلالة. وتوافق هذا البحث مع ما أدلى به وزير الإعلام حينها الدكتور عبدالمنعم الحسني، عندما وصف صلالة في مستهل كلمته الافتتاحية بقوله "صلالة مدينة التاريخ"، وعند جولة راعي الحفل بجناح مدينة صلالة شاهدت ابتسامة واضحة على مُحيَّا الدكتور عبد المنعم، الذي أخذ نسخة من الملحق وفردها أمام راعي الحفل، سعيدًا بتواجد هذا البحث التاريخي في ذلك اليوم الجميل ليلة الافتتاح التي لا أنساها.

ختامًا.. أتمنى للجميع تغذية بصرية من خلال ما يتم عرضه من  آلاف العناوين، وتغذية سمعية عبر عشرات الفعاليات الثقافية بالمعرض، وكل عام والجميع ينهل من أمهات الكتب والإصدارات المتنوعة، ويستفيد من الفعاليات المصاحبة للمعرض؛ لتزداد مخزوناتهم الفكرية، وتسمو أرواحهم وعقولهم بخيرِ جليسٍ في الزمان.. الكتاب!