الزواج من الخارج

 

 

أنيسة الهوتية

الزواج من الخارج، مسألة جدلية أزلية قائمة لم ولن نجد الاتفاق عليها؛ كمسائل المذاهب الفقهية تمامًا، فإنها ليست سطورا نقاشية؛ بل تجارب وقصص وآراء بوجهات نظر مختلفة متعددة لا تعد ولا تحصى، سلبًا وإيجابًا كعادة أغلب الزيجات الاعتيادية المتواترة.

لا شك أنَّ أكثر العائلات ترفض ارتباط أبنائها وبناتها بأشخاص خارج إطار الجنسية الوطنية لا سيما إذا كانت هناك قوانين متشددة في تنظيم ذلك الارتباط، خاصة وأن من يفعلها سيُعاني الأمرين، خاصة في حالة المرأة، التي ربما تفقد الأمل تمامًا في أن يحصل أبناؤها على جنسيتها، وكذلك ربما تواجه تحديات هائلة من الأسرة والمجتمع.

ودون الدخول في أسباب الرفض والقبول والتي منها أمور حتمية لمُعالجة قضايا اجتماعية وكذلك اقتصادية وغيرها الكثير، إلّا أننا نجد أن هناك أشخاصًا فعلًا تزوجوا وتزوج أبناؤهم من الخارج وأمورهم طيبة و"سهالات" ولم يعانوا معاناة مواطنين آخرين خاضوا ذات التجربة. وهذا ربما يُشعر البعض بنوع من الظلم الاجتماعي.

ودون التعمق في تلك القضايا التي تختلف من قصة إلى أخرى، ودخولًا إلى باب الرغبة في الزواج من الخارج، نجد أن هناك من يتزوج بحجة تفادي الأمراض الوراثية، وهناك من لديه "عاذرة" الحُب، وهناك من "يتعلث" بغلاء المهور في البلد، وهذه إن حسبناها حسبة دقيقة بجمع تكاليف العرس مع المهر، ومن ثم مهر الخارجية مع قيمة تذاكر سفرهم "صدة ردة" كل مرة ستتكلف أكثر من قيمة المهر التي يدفعها لبنت البلد! إضافة إلى أن بنت البلد إن كانت موظفة فهي تتحمل مع زوجها أغلب التكاليف الحياتية، يعني وإن دفع لها 10 آلاف تبقى هي تحمل معه أثقالًا حياتية وأعباءً مادية أكثر من ذلك طوال مرحلة حياتهم الزوجية القائمة.

أما من باب تفادي الأمراض الوراثية، فإنَّ المواطن يمكنه أن يتزوج من خارج عائلته، أو ولايته، وأن يبتعد تمامًا عن زواج الأقارب.

هنا نكتشف أن العائلات لا ترفض فقط الزواج من خارج الوطن بالمعنى الجغرافي؛ بل أيضًا من خارج العُرف أو المذهب أو العادات والتقاليد الاجتماعية، كما لو أنهم يخشون من أن يدخل بينهم شخص يختلف عنهم؛ فيفسد عليهم تشابههم الذي يعيشون فيه. والدليل أنهم لا يرفضون زواج أبنائهم أو بناتهم من ابن أو ابنة امرأة أجنبية كان قد تزوجها رجل منهم سابقًا وتطبعت بطباعهم وعاداتهم وتقاليدهم!

وفي الختام.. الزواج من الخارج ليس أمرًا جديدًا على المجتمع العُماني، فعادة الرجل العماني منذ الأزل لا يكتفي بزوجة واحدة، وكان يتزوج الأولى من ثوبه، ثم يتزوج الثانية من مختلف الأعراق، ولربما الثالثة والرابعة حتى العاشرة! كلما خلت مساحة من "الصندقات الأربع عباها"، وكثير من العمانيين أقاموا علاقات نسب ومصاهرة مع دول عدة مثل زنجبار وباكستان وإيران والهند ومصر وبريطانيا وفرنسا ولبنان وفلسطين والأردن والمغرب، وغيرها من دول العالم.

إنني أرى أن الزواج استثمارٌ مُستقبلي، ولأجل نجاح هذا الاستثمار يجب اختيار الشريك الصحيح الذي يناسب أسلوب الاستثمار الذي نحن متوجهون إليه في مستقبل حياتنا، وأن السعادة الزوجية هي أساس الصحة النفسية والعقلية والذهنية.