مسفاة العبريين.. موقع سياحي واعد

 

علي عبد الله اللواتي

هي منطقة جبلية مرتفعة واعدة بمستقبل باهر في مجال السياحة، تبعد عن العاصمة مسقط بحوالي 200 كم، ويمكنك الوصول إليها عبر ولاية نزوي على مسار طريق مسقط / نزوى لمسافة 150 كم، ومن ثم طريق نزوى / حمراء العبريين بطول حوالي 50 كم، ومصمم بأحدث المواصفات العالمية والسلامة المرورية، ويمر بحمراء العبريين والتي تقع أسفل المسفاة.

وتعد مسفاة العبريين من المناطق الواعدة سياحيا بالسلطنة، وهي إحدى مناطق الداخلية التابعة لولاية نزوى، وتعتبر الثالثة من حيث العلو بعد منطقتي الجبل الأخضر وجبل شمس. وتتميز منطقة مسفاة العبريين بطبيعتها الجبلية الصخرية حيث حفرت على أسطحها بيوت ذات طابع عماني من خامات البيئة المحلية، هي بيوت مبنية بشكل معماري فريد قلما تجده في العصر الحديث، حيث لا يقل عمر أي بيت عن 200 سنة. وعند وصولك إلى أعلى المنطقة يستقبلك نسيم نقي بارد قادم من كل الاتجاهات، وأنت على ارتفاع مكشوف السماء ممتد بنظرك على ولاية نزوى وتضاريسها العمرانية في جو معتدل في فصل الصيف وبرودة أثناء فصل الشتاء.

وتتكون طبيعة تلك الكتلة السكنية من بيوت متلاصقة بعضها ببعض ومركّبة  فوق بعضها البعض حتى يخيل إليك أنها كضفائر الشعر تزاحم نفسها ومشبوكة ببعضها، ولكن عندما تدخل أحد هذه تلك البيوت ستجد أنها تتمتع بخصوصية كاملة شاملة لجميع مرافقها الخدمية. يقول ساكنو هذه المعمورة، إن عمر البيت الواحد لا يقل ما بين 100 إلى 200 سنة وهي حتى هذه اللحظة تتمتع بكامل قوتها وصمودها الشامخ، إلاّ بعضاً منها التي شملها بعض الترميمات والتعديلات الشكلية مع إدخال بيوت أُخرى بعض وسائل الرفاهية كالمكيفات والثلاجات (المبردات).

تتميز بيوت مسفاة العبريين بخصوصية منفردة في التكوين البنائي بحيث تتميز دروبها وطرقاتها (سككها) بخصوصية واضحة، فأنت يمكنك السير أو المشي من خلالها دون أن تحس بحرارة الشمس وأشعتها إلاّ في حالة خروجك أو حسب الفراغات الهندسية في البناء، طرقات ودروب بنيت بحيث إن بعضا منها لا يسمح بالمرور من خلالها إلاّ لفرد واحد، بينما معظم الدروب لا يسمح بمرور مجال الحرمة فيها لأكثر من فردين. إن مداخل المسفاة ومخارجها مبنية بطريقة آمنة بحيث توفر للساكن الحماية الكافية من غزو الغريب أو دخول المتطفل، كما ستلاحظ إن بعض الطرقات تعلوها أقواس ضخمة وتحتوي على مصطبات (دكة) جانبية للاستراحة أثناء المشي أو للاستمتاع بالهواء النقي القادم من خلال الممرات وفتحات التهوية أثناء فترة القيظ. إن مرورك من خلال الطرقات ورؤيتك لتلك الأواني الفخارية (الجحول)* المعلقة بطريقة فنية وجمالية في بيوت ساكنيها وشرب الماء منها وخاصة أيام القيظ، لقلت، ما ألذ شربة الظامئ من المياه النقية المنعشة في تلك الجحول، ولشربت حتى الثمالة دون أن تتردد في التقاط صورة فوتوغرافية. أروع ما في تلك المعمورة هو تكاملها الاقتصادي، فإنها تحتوي محلات بيع المواد الغذائية الأولية التي تستدعي شرائها فورا وفي الظروف الطارئة.

عمان مشهورة بنظام الأفلاج في الري والاستخدام الآدمي، والعمانيون متميزون في بناء الأفلاج منذ القِدمْ وفي نظام توزيع الحصص المائية للساكنين وبحصص متساوية من مبدأ لا ضرر ولا ضرار، ويوفر هذا النظام ماء الشرب والري بسقي المزروعات في المدرجات الزراعية عن طريق قنوات الأفلاج من الأودية المتواجدة في أسفل المنطقة بحيث تتدفق هذه المياه بطريقة حسابية دقيقة ومنذ آلاف السنين من الأسفل إلى الأعلى.

عند وقوفك على الجهة المقابلة لبيوت المسفاة، ستشاهد ذلك الحي المزدحم البناء كأنة حصن يحتضن ساكنيه وأسرار حياتهم اليومية. بناء شامخ العلو ممتدا من أسفل الوادي إلى أعالي السماء، تزينه أشجار النخيل الباسقة بسعفها المخضرة شتاءً وبرطبها (البلح) صيفا وكأنها إطار للوحة طبيعية من إحدى إبداعات الخالق سبحانه تعالى. وإذا مددت بنظرك من الأسفل إلى الأعلى ستلاحظ التدرج الزراعي الطبيعي محتضناً جميع أنواع المزروعات. طريقة وصول المياه للمساكن لها أسلوب خاص، ففي الماضي كانت الأفلاج ولا زالت لها دور أساسي وحسب الأدوار المتعارف عليها لسقي المزروعات والاحتياجات اليومية من الماء، أما حاضرا فهناك شبكة مياه حديثة وكذلك الكهرباء. وقد فرض موقع المسفاة المميز بالعلو والبُعد عن الازدحام السكان شيء من الخصوصية على الناس في مسفاة العبريين وجعل منهم وحدة اجتماعية متكاملة يعرفون بعضهم البعض جيدا تجمعهم أشياء كثيرة وأحوالهم المعيشية والاجتماعية مستقرة منذ القدم.

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــ

مسفاة: السَّفى هو اسم كل ما سفت الريح، والسَّفي اسم التراب الذي تسفيه الريح، والمسفاة البقعة التي تسفوها الرياح. سميت بهذا الاسم لكون موقع هذه القرية على سفح الجبل وتكثر فيها المزروعات.

موسوعة أرض عمان، الجزء الأول، ص130ـ باب ولايات، المدن والقرى.

جحول: مفردة جحله، هو وعاء فخاري من صنع محلي أُستخدم في عمان كثيرًا في الماضي لتبريد الماء فيه أيام القيظ.

تعليق عبر الفيس بوك