العلاقة بين سلطنة عُمان والمملكة المتحدة

 

صاحب السمو السيد/ نمير بن سالم آل سعيد

بدأ حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظم- حفظه الله ورعاه- زيارة خاصة إلى المملكة المُتحدة قبل أيام، وهذه هي الزيارة الرابعة لجلالته- أبقاه الله- إلى المملكة المتحدة خلال أربع سنوات، وجاءت هذه الزيارة بعد الإعلان عن إصابة الملك تشارلز بمرض السرطان.

الزيارة الأولى التي قام بها جلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظم- حفظه الله ورعاه- إلى المملكة المتحدة كانت في ديسمبر 2021، واستغرقت 10 أيام، وكانت أول زيارة يقوم بها جلالته لدولة أوروبية بعد تولي مقاليد الحكم في السلطنة، وذلك مؤشر على عمق العلاقات بين البلدين الصديقين والاستمرارية السياسية التاريخية في المحافظة عليها. وشهدت تلك الزيارة الالتقاء بالملكة الراحلة إليزابيث والالتقاء بولي العهد آنذاك الأمير تشارلز وأيضا الالتقاء برئيس الوزراء البريطاني في ذلك الوقت. وقدمت الملكة اليزابيث لجلالة السلطان- حفظه الله ورعاه- في تلك الزيارة وسام الفارس الرفيع تقديرًا لجلالته.

أما الزيارة الثانية فكانت في يوليو 2022، والتي التقى فيها جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- بعدد من المسؤولين البريطانيين كما قام جلالته بحضور حفل تخرج صاحب السُّمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد من كلية سانت هيرس العسكرية في الدفعة 222.

بينما كانت الزيارة الثالثة في سبتمبر 2022، لتقديم التعازي في وفاة الملكة اليزابيث وتهنئة جلالة الملك تشارلز ملك المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وإيرلندا الشمالية ورئيس الكمنولث بمناسبة اعتلائه العرش.

جميع هذه الزيارات إلى المملكة المتحدة التي يقوم بها جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- تأتي للارتقاء بالعلاقات المُتميِّزة، ودعمًا للروابط المتينة وتعزيزًا للأهداف المشتركة بين البلدين؛ بما يُحقق تطلعات وآمال القيادتين والشعبين الصديقين.

عُمان شريك إستراتيجي وتجاري دولي لبريطانيا، وتتمتع بعلاقات قوية راسخة معها، كما إن عُمان تتمتع بموقع جغرافي مُتميِّز مُهم وتُشرف على حماية الملاحة الدولية من خلال مشارف حدودها.

وتمضي العلاقات العُمانية البريطانية في تطور مستمر، ولا سيما في الجوانب الاقتصادية والعسكرية، فقد جرى توقيع مذكرات تفاهم في شهر ديسمبر من عام 2021 في سياق الاتفاقية الشاملة للصداقة والتعاون الثنائي بين البلدين في مجال الاستثمار بهدف تعزيز أواصر الروابط وزيادة حجم الاستثمارات ذات القيمة العالية في كلا البلدين. ويبلغ حجم التبادل التجاري بين سلطنة عُمان والمملكة المتحدة نحو مليار جنيه إسترليني سنويًا، ويشكل ذلك حوالي 50% من حجم الاستثمار الأجنبي العام في السلطنة.

وفي مجال التعاون العسكري، يحافظ البلدان على هذا التعاون، وتُجري القوات البريطانية والعُمانية تدريبات عسكرية مشتركة، وتهدف إلى تبادل الخبرات القتالية واللوجستية في مجال تنفيذ العمليات العسكرية المشتركة باستخدام الأساليب والأسلحة الحديثة وآليات التنسيق المتطورة والتي تساهم في تعزيز القدرات العسكرية للقوات المسلحة للجانبين العُماني والبريطاني.

وما نشهده من علاقة قوية ولا سيما في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية بين المملكة المتحدة والسلطنة ما هو إلا امتداد تاريخي للعلاقات المشتركة الراسخة وتواصل في المسيرة الخيرة التي تخدم البلدين.

والسجل التاريخي يدون زيارات عدة قام بها سلاطين عُمان الى المملكة المتحدة من أجل ترسيخ علاقة الصداقة معها، ونذكر منها الزيارة التي قام بها السلطان تيمور بن فيصل إلى المملكة المتحدة في شهر سبتمبر من عام 1928، كما قام السلطان سعيد بن تيمور في مارس من عام 1938 بزيارة إلى المملكة المتحدة التقى خلالها جورج السادس في القصر الملكي، كما قام السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- بعدة زيارات إلى المملكة المتحدة، وقالت عنه الملكة إليزابيث الثانية إنه "كان صديقًا يُعتز به لعائلتي والمملكة المتحدة، ونشعر بالامتنان لكل ما فعله لتعزيز أواصر الصداقة بين البلدين".

وترتبط عُمان مع المملكة المتحدة بعلاقات صداقة تاريخية متميزة منذ مئات السنين- ولا زالت وستبقى- تتسم بالقوة والتماسك، ماضية على النهج المرسوم باتفاقيات ومعاهدات في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية استمرارًا  للمسار التاريخي للصداقة المخلصة، والعزم الأكيد على تطويرها إلى آفاق أرحب ينسجم مع التطورات العالمية وبما يخدم الأهداف الوطنية المشتركة.