غزّة بين النّزيف والحُرّيّة

 

محمد التوبي

إذا كانت غزّة تنزف دماءها، فلا شك أنه من أجل كرامة العرب المفقودة في ظل الصمت العربي... عندما تنزف غزّة فإنّ ذلك من أجل أن ترفع رأس الأحرار الشّرفاء الذين قُطعت عليهم السُّبُلْ من أن يشاركوا في هذا الجهاد المُبارك لأجل الحُرّيّة ومن أجل الشُّهداء الذين ارتقوا كي يكونوا مع الله.

الدّماء المُباركة التي سالت هي شهادة الأبرار على الأحياء الذين دسّوا رؤوسهم في التراب، وشهادة الحياة على (الأموات الأحياء) الذين لا يرتجون الدنيا وجعلوها وراء ظهورهم، هي شهادة الأرض المُباركة على الذين يشهدون أن "لا إله إلاّ الله وأنّ مُحمّدًا رسول الله" وهم عنها في سُبات، لا همّ لهم سوى الدُّنيا وملذّاتها وجعلوا الله وراءهم، وهي شهادة وفاة ختمت لهم بدماء الأطفال والأبرياء الذين ارتقوا إلى ربهم.

غزّة تعني النّصر القادم ووعد الله المتين للأوفياء لدينه ولِطُلاّب الحُرّيّة المُنْتَزَعَةَ من براثن الظلم والإستبداد الذي يمارسه الصّهاينة في أرض الله المباركة. انتصار غزة يعني انتصارًا لفلسطين في وجه أعداء الله الذين تحالفوا ضد فلسطين مُدّة طويلة من الزمن، ولا يوجد لدي شكّ في أن الله سيُبدّد شَمْلَهم وسيُفرِّق جَمعَهم؛ وإن بدا في واقع الأمر قوّتهم وجبروتهم وطغيانهم.

انتصار غزّة لا جِدال فيه، ويكفي أن غزّة انتصرت على الغوغائية الإعلامية التي تقودها أمريكا (رأس الصهيونية) فكان نصرًا مدويًا، كشف الله بها بصيرة الذين ينشدون الحُرّيّة في هذا العالم، وقد تعبت نفوسهم من الكذب الإعلامي والهالات الإعلامية التي بنت أُسُسُها الصهيونية العالمية منذ عقود طويلة وسخّرت لها كل الإمكانيات المالية من أجل بثّ التضليل وتوجيه الشعوب في كل أنحاء العام .

النصر لغزّة التي علّمتنا أن الحياة لا تطيب إلاّ بالحُريّة للوطن، ومهما فعلت المشاورات والمداولات فلن تأتي بالنصر ولن يتحرّرّ تُراب الوطن فما أُخِذَ بالقوة لا يمكن أن يُسْترّجع إلاّ بالقوّة؛ فكم من محادثات أُجْرِيَتْ واجتماعات عُقِدَتْ من أجل الإتفاقيات الموهومة التي يُرْتجى منها السّلام لجميع الأطراف ولكن في حقيقتها لم تكن إلاّ مساحةً من أجل تمدّد الكيان الغاصب.

غزّة انتصرت بقدرتها على لم شمل العالم لصالح قضيتها التي بقيت سنين طويله طيّ النسيان، فلم تتوحّد البشرية كما توحّدت بعد هذا الطوفان المبارك الذي على أثره نَزَفَتْ غزّه الكثير من الدّماء الطّاهرة لأبنائها وبناتها ؛ ولكن هذه الدماء أيقضت العالم على الكارثة البشرية التي تدير رحاها الولايات المتحدة الأمريكية في حرب إبادة جماعية وقتل وتشريد لم تعرف له البشرية مثالًا من قبل، يقاس عليه ما فعلته إسرائيل في المائة يومٍ التي مضت.

تعليق عبر الفيس بوك