سلام عليكِ يا غزة

 

علي بن حمد المسلمي

  ana.1970@hotmail.com

 

"كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ"

القرن الحادي والعشرون قرن بلغ العلم ذروته وتصورنا أن الإنسان بلغ مجده بما أنجزه من منجزات تفوق الخيال وظن أنَّه قادر على هذه الأرض بعد ظهور زينتها وزخرفها، ولكن  جوهره لم يتغير منذ أن قتل قابيل أخاه هابيل. المشهد يتكرر والمأساة تظهر بقتل الإنسان لأخيه الإنسان بلا هوادة ولا رحمة، القلب أقسى من الحجر "وإنَّ من مِنَ ٱلْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ ٱلْأَنْهَٰرُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ ٱلْمَآءُ".

إن الناظر للوضع في غزة ومساحتها الصغيرة والمزدحمة بالسكان والتي زج فيها الصهاينة عتادهم وعدتهم وكأنهم يحاربون دولة عظمى بقضها وقضيضها  وما يستخدمونه من قنابل محرمة دوليا كالفسفورية مثلا  فاقت ما ألقي وزن القنبلة التي ألقيت في اليابان على مدينتي هيروشيما وناكزاكي حسب تصريحات المختصين في هذا الجانب، وكذلك القصف المدفعي التدميري العشوائي الذي قضى على الحجر والبشر؛ لجعلها غير صالحة للعيش والذي يفوق تصور عقول البشر أن يفعل الإنسان هكذا بأخيه الإنسان.

التصريحات التي يطلقها قادتهم بين الفينة والأخرى والتي دانتها محكمة العدل الدولية في لاهاي ضمن الدعوة المقدمة من جنوب أفريقيا من تشبيه العرب بالحيوانات البشرية في غزة، والذين لا يستحقون العيش وإلقاء قنبلة نووية على غزة لمسحها من الوجود،  واستشهادهم بكتبهم بقتل الأطفال بحيث لا يبقى هناك طفل في غزة وقتلهم الشيوخ والنساء وهدم دور العبادة؛ كالمساجد والكنائس وقصف المشفيات والبيوت وتدميرها على رؤوس قاطنيها،  وجرف المزروعات وتجويع الناس وتعطيشهم وتهجيرهم؛ بإقامة بحيرة صناعية لهم في البحر المتوسط.

إنه لحريّ بالإنسان أن يتأمل وتستوقفه العبر والعظات وما دل عليه القرآن الكريم في محكم آياته البينات التي لا يزيغ عنها إلا هالك، إن هؤلاء قتلة الأنبياء والمرسلين وعبدة العجل وخونة العهود والمواثيق قد تجردوا من إنسانيتهم كوحوش في صورة بشرية، لا تعرف الرحمة ولا الشفقة .

إن ما نشاهده في غزة من مآس إنسانية ليشيب منه الرأس، وتقشعر له الأبدان وتتفطر له القلوب. والعرب صامتون وأخوانهم وبني جلدتهم تهدم على رؤوسهم المنازل ويقتل أطفالهم وشيوخهم، والجوع ينخر بطونهم الخاوية أصلا. ويفترشون الأرض ويلتحفون السماء مع برودة الطقس وبركات السماء.

أما آن الأوان لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؛ لوقف هذا العدوان وهذه الحرب الطاحنة غير المتكافئة وغير العادلة. أن يقوم العرب والمسلمون خاصة والعالم أجمع بالضغط بكل ما يملكونه من قوة لمساعدة الغزيين بكل السبل والوسائل الممكنة؛ وخاصة أن محكمة العدل الدولية قد حكمت باتخاذ التدابير والإجراءات الإنسانية اللازمة للمساعدات الإنسانية لأهل غزة.

لا سيما وأن القانون والمعاهدات والمواثيق الدولية تسمح بمثل ذلك في النزاعات والحروب التي يتعذر تسليم المساعدات فيها مباشرة كما حدث في الحرب العالمية الثانية في بعض مناطق الصراع التي يتعذر فيها توصيل المساعدات للمتضررين كالعاصمة الألمانية برلين على سبيل المثال.

ومن ضمن الوسائل التي يستطيع العرب والمسلمون والعالم مساعدة أهل الغزة بها بسبب غلق المعابر والبطء في إدخال المساعدات القيام بعملية إنزال جوي للأغذية والمستلزمات التي يحتاجون إليها، وإقامة المزيد من المستشفيات الميدانية في القطاع؛ لمعالجة المرضى والجرحى، وكذلك إقامة ورش للمستلزمات الطبية لإصلاح المعدات والأجهزة الطبية، وتأهيل المستشفيات لإعادتها لوضعها الطبيعي، وكذلك إقامة محطات متنقلة لتحلية المياه على شاطئ غزة؛ لتزويد المواطنين والمشفيات بمياه صالحة للشرب وأغراض أخرى .

إن الإنسانية جمعاء يجب أن تقف وقفة رجل واحد ضد طغيان الإنسان ومايملكه من جبروت ضد أخيه الإنسان من أجل صالح البشرية؛ ليعم السلام والازدهار؛ تجنبا لتكرار قصة قابيل وهابيل.

تعليق عبر الفيس بوك