احذر الاحتيال

 

أحمد بن خلفان الزعابي

zaabi2006@hotmail.com

 

تسهم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بأدوار مُتعددة في حياتنا؛ حيث برامج الدردشة ومنصات التواصل الاجتماعي المنتشرة والتي لها الكثير من الإيجابيات التي لا تُعد ولا تُحصى إلا أنها تُعتبر بيئة خصبة لانتشار مختلف أنواع الاحتيال التي يتعرض لها المستخدمون.

وبالرغم من التوعية التي تقوم بها الجهات المعنية كشرطة عُمان السلطانية والبنوك وجهات الاختصاص الأخرى، وعلى الرغم من الحذرإلا أننا كأفراد قد نقع فريسة سهلة في يد المُحتالين على حين غفلةٍ مِنّا، وذلك لأنَّ المنظمات الإجرامية وشبكات الاحتيال التي تنتشر في الفضاء الإلكتروني تعملُ على ابتكار وتطوير طرق وأساليب جديدة كل يوم لإيهام الضحايا والإيقاع بهم في مصيدة الاحتيال بغرض التكسُّبِ غير المشروع من أموال الضحايا، خاصة مع انتشار أدوات الذكاء الاصطناعي AI والتزييف العميق "Deepfake"، واستخدام مختلف شرائح المجتمع لبرامج ومنصات التواصل الاجتماعي في حياتهم اليومية يجعلهم أكثر عرضة للتعرضِ لاستقبال مكالمات أو رسائل نصية أو محادثات عبر برامج التواصل والدردشة أو حتى من خلال رسائل البريد الإلكتروني التي لا تتوقف عند حدٍ معين.

لذلك علينا كأفراد توخي أقصى درجات الحذر عند تلقينا طلبات صداقة أو متابعة وتواصل من أحد الحسابات على أي من منصات التواصل الاجتماعي، حيث يستغل المحتالون حسابات المشاهير أو الشخصيات المجتمعية كالمهندسين والأطباء والمحامين الذين يُقدّمونَ خدمات بواسطة حساباتهم على هذه المنصات، حيث يعمل المحتالون على إنشاء حسابات احتيالية مطابقة للحسابات الأصلية ويعمدون إلى التواصل مع الضحايا بغرض الإيقاع بهم في شرك الاحتيال، لكننا كمستخدمين لوسائل التكنولوجيا وبرامج التواصل، علينا أولاً الابتعاد عن كل من ليست لدينا صلة به، وعلينا أن نتقي الله تعالى في أنفسنا كمسلمين لأنَّ الله يرانا ويعلم ما نخفي وما نُعلن لقوله تعالى "يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ" (غافر:19)، وجاء في تفسير ابن كثير أن الله تعالى يخبر عن علمه التام المحيط بجميع الأشياء، جليلها وحقيرها، صغيرها وكبيرها، دقيقها ولطيفها؛ ليحذر الناس علمه فيهم، فيستحيون من الله حق الحياء، ويتقوه حق تقواه، ويراقبوه مراقبة من يعلم أنَّه يراه، فإنه تعالى يعلم العين الخائنة وإن أبدت أمانة، ويعلم ما تنطوي عليه خبايا الصدور من الضمائر والسرائر)؛ لذلك علينا تجنب قبول الصداقات وإلغاء متابعة الشخصيات المشبوهة وعدم متابعة الحسابات التي تثير الجدل، كما يتوجب علينا عندما تأتينا أية طلبات صداقة أو متابعة تحري الحقيقة من خلال البحث عن الحساب الأصلي للشخصية التي أرسلت لنا طلب صداقة أو متابعة، ومؤكد أننا سنجد أكثر من حساب لهذه الشخصية وسنجد أن الحسابات الاحتيالية أخذت من يوميات صاحب الشخصية الحقيقة وقامت بتزييف حساب آخر احتيالي للإيقاع بالضحايا.

أما برنامج الواتساب الشهير فهو الآخر عرضة للاختراق لذلك عندما تأتينا رسائل مشبوهة أو طلبات تحويل أموال ومساعدة علينا الاتصال هاتفيا بصاحب الرقم للتأكد وكثيرًا ما يتم اختراق حسابات الواتساب دون علم أصحابها، كذلك عندما تأتينا رسائل العروض السخية جداً خلال المناسبات الوطنية أو عروض العمل عن بعد.

لنعلم يقينًا أننا أمام شرك الاحتيال فعلينا على الفور تقديم بلاغ ضد المرسل من خلال الضغط مطولاً على الرسالة، ثم الضغط على النقطتين أعلى التطبيق ثم الضغط على إبلاغ أو Report، كما إنه علينا الحذر من الرسائل النصية القصيرة التي تحتوي على العروض غير المنطقية أو رسائل تحديث بيانات الحسابات البنكية أو أرقام التحقق (OTP)؛ حيث إن الكثير من المحتالين قد يعمدون إلى إعادة تعيين كلمات المرور لحساباتنا على منصات التواصل ثم يتصلون بنا هاتفيا أو بواسطة البريد الإلكتروني مدعين أنهم جهات خدمية كالبنوك أو شركات الاتصالات طالبين تزويدهم برقم التحقق الذي وصلنا عبر الهاتف لإتمام عملية تحديث البيانات أو تزويدهم ببيانات البطاقات البنكية فعلينا الحذر كل الحذر عند التعامل مع مثل هؤلاء المحتالين وعلينا المسارعة وأن لا نتوانى في إبلاغ السلطات إن وقعنا في شرك الاحتيال لا قدَّر الله.

علينا كأفراد أن نتحرى الحقيقة في كل ما يعترضنا أثناء استخدامنا لمنصات وشبكات التواصل الاجتماعي وعلينا أن نأخذ بإيجابياتها غيرالمحدودة وعلينا أخذ أقصى درجات الحذر في التعامل مع كل ما هو يثير الشك والريبة وتجنبه حتى لا نقع ضحايا الاحتيال.