مؤكدين أهمية دور الأسرة والمدرسة والإعلام في التنشئة الصحيحة للأبناء

تربويون يثمنون الاهتمام السامي بالتماسك الأسري ومواجهة التأثيرات السلبية في المنظومة الأخلاقية والثقافية

 

 

الرؤية- ريم الحامدية

ثمّن عدد من المختصين والتربويين اهتمام حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- بتمسك أبناء عمان بالقيم والعادات والتقاليد العمانية الأصيلة، ومحاربة الممارسات الدخيلة ورصد التحديات التي تواجه كل فئات المجتمع ومعالجتها لضمان تماسك الأسر العمانية، الأمر الذي يترتب عليه تعزيز تماسك المجتمع العماني بمختلف فئاته.

وقال جلالة السلطان- أعزه الله- في خطابه السامي خلال افتتاح الدورة الثامنة من مجلس عمان: "إننا إذْ نَرْصُدُ التحدّياتِ التي يتعرضُ لها المجتمعُ ومدى تأثيراتِها غيرِ المقبولةِ في منظومتِهِ الأخلاقيةِ والثقافيةِ؛ لَنُؤكِّدُ على ضرورةِ التصديّ لها، ودِراسَتِها ومتابعتِها، لتعزيزِ قدرةِ المجتمعِ على مواجهتِها وترسيخِ الهُويّةِ الوطنيةِ، والقيمِ والمبادئِ الأصيلة، إلى جانبِ الاهتمامِ بالأسرةِ؛ لِكونِها الحِصنَ الواقيَ لأبنائِنا وبناتِنا من الاتجاهاتِ الفكريةِ السلبيةِ، التي تُخالفُ مبادئَ دينِنا الحنيفِ وقيمَنَا الأصيلةَ، وتَتَعارضُ مع السَمْتِ العُماني الذي يَنْهَلُ من تاريخِنا وثقافتِنا الوطنيةِ".

ويقول الدكتور خلفان بن سالم البوسعيدي اختصاصي استشارات أسرية، إن جلالة السلطان- أعزه الله- تحدث في أكثر من مناسبة عن تماسك الأسرة والتمسك بالهوية الوطنية والعادات الأصيلة، وأهمية تنشئة الأطفال التنشئة السليمة في ظل التطور التكنولوجي وانتشار بعض الأفكار والسلوكيات الشاذة التي تهدد قيم المجتمع بشكل عام، مؤكدا أن تماسك الأسرة من تماسك المجتمع.

ويرى أن هناك الكثير من القنوات التربوية التي يجب أن تقوم بدورها في ترسيخ القيم المجتمعية، وفي مقدمتها المنزل الذي يشكل أكثر من 70% من التوجيه والإرشاد لدى الأبناء، ولذلك فإن البيت لا يمكن أن يكون ناجحا في التربية إلا بالاختيار السليم للزوج والزوجة، بالإضافة إلى دور المدرسة التي يجب أن تقوم بدورها في محاربة بعض الظواهر التربوية السيئة المتعلقة بمواقع التواصل الاجتماعي، إلى جانب دور الإعلام من خلال بث الرسائل التربوية، والمسجد ومن خلال البرامج الدينية وخطب الجمعة والقوافل الوعظية.

وفيما يتعلق بتجديد الخطاب التربوي وتطوير عمل المؤسسات المعنية بتنمية المجتمع، فيقول البوسعيدي إنه يمكن تحقيق ذلك من خلال تعيين مجموعة من الشباب ممن يمتلكون الوعي الكافي في توصيل الرسائل التربوية إلى مختلف فئات المجتمع.

من جهتها، تقول كلثم المقبالة- أخصائية توجيه وإرشاد أسري- إن رؤية عمان 2040 اشتملت في محاورها على محور "الإنسان والمجتمع" وهو ما يؤكد الحرص على دعم جميع الفئات والارتقاء بالمجتمع اجتماعيا وثقافيا وأخلاقيا، مثمنة الجهود المبذولة لدعم قضايا تماسك الأسرة وتنميتها في مختلف المحافظات، والتعامل مع التحديات المجتمعية.

وتشير إلى أن ارتفاع نسب الطلاق يعد من أبرز التحديات التي تواجه المؤسسات المعنية بالمجتمع في الوقت الحالي، وذلك بسبب تأثيرها المباشر على الروابط الأسرية، إذ إن انفصال الزوجين قد يؤدي إلى انهيار الأسرة بأكملها، بالإضافة إلى التأثير النفسي السلبي على الأطفال، الأمر الذي يتطلب جهودا مضاعفة لتقديم التوجيه والدعم النفسي والاجتماعي للأسر.

وعن دور المؤسسات التربوية في معالجة التأثيرات السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي، وضّحت المقبالية أن وسائل التواصل الاجتماعي تعتبر جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، ومع ذلك يمكن أن يكون لها تأثير كبير على صحة العقل والتواصل الاجتماعي الحقيقي، وعلى المؤسسات التربوية مسؤولية كبيرة في توجيه الطلاب لفهم الاستخدام السليم لهذه الوسائل والتعامل مع تحدياتها والتأثيرات السلبية لها، كما أن المؤسسات التربوية عليها دور في معالجة التأثيرات السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي على الطلاب والشباب، من خلال برامج التوعية في المناهج الدراسية لتعزيز الوعي حول الآثار السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى قيام المدارس بدورها في هذا الإطار من خلال تعزيز المهارات الرقمية والتحفيز على التفكير النقدي لدى الطلاب، وتوضيح الآثار السلبية لمنصات التواصل الاجتماعي، وتوفير بيئة تعليمية تشجع على التواصل الإيجابي وتعزز التفاعل الاجتماعي الصحي.

وتؤكد المقبالية أن فئة الشباب هي العنصر الأهم والأقوى في تقدم وتطور المجتمعات، مضيفة: "من هنا أتت أهمية تنمية واستثمار هذه الفئة والتركيز عليها في السلطنة، حيث يمكن تطوير العمل في هذا الجانب من خلال تعزيز برامج التوجيه المهني  المتمثلة في إطلاق مبادرات لتوجيه الشباب في اختيار مساراتهم المهنية، بما في ذلك تقديم ورش عمل وفعاليات تفاعلية تساعدهم في فهم مجالات العمل المختلفة وتطلعات سوق العمل، وأيضا تطوير برامج التدريب وورش العمل وتوفير فرص للشباب للمشاركة في دورات تدريبية تعلمهم مهارات حياتية ومهنية مثل التفكير النقدي وإدارة الوقت ومهارات التواصل، كما أنه من الممكن تعزيز ريادة الأعمال لدى هذه الفئة، وذلك بدعم مشاريع ريادة الأعمال الشبابية من خلال توفير التمويل والتدريب والموارد اللازمة لتحفيزهم على تحويل أفكارهم إلى مشاريع مستدامة، وإقامة منتديات وورش عمل للحوار، وتوفير بيئة تفاعلية تشجع على الحوار وتبادل الأفكار بين الشباب والمسؤولين لفهم احتياجاتهم والعمل على تلبيتها".

وأوضحت المقبالية أن الإعلام الرقمي يلعب دورا حيويا في معالجة القضايا الاجتماعية، حيث يمكن أن يكون أداة فعّالة في معالجة القضايا الاجتماعية وتعزيز الوعي بالمخاطر والتحديات التي قد يواجهها المجتمع، وذلك من خلال نقل المعلومات، حيث يتيح الإعلام الرقمي نقل المعلومات بشكل سريع وفوري، مما يمكنه من تسليط الضوء على قضايا اجتماعية هامة ونقل الأحداث والتطورات بشكل فوري ويعزز الوعي والفهم حول تلك المشكلات، مضيفة: "كذلك هو الحال بالنسبة لتوفير مساحة للحوار حيث يفتح الإعلام الرقمي المجال للمناقشة والحوار العام حول القضايا الاجتماعية، إذ يمكن للأفراد التعبير عن آرائهم وتجاربهم بشكل أوسع والتفاعل معها والمشاركة في حملات توعية وحشد الدعم لحل المشكلات الاجتماعية".

وتشدد المقبالية على ضرورة تنشئة الطفل التنشئة الصحيحة من قبل الوالدين، لأن الأسرة هي العامل الأساسي في تكوين شخصيات الأطفال، لافتة إلى أن الكثيرين يختلفون على وسائل التربية والفرق بين الوسائل القديمة والحديثة في تنشئة الأطفال بشكل صحيح.

وتوضح: "الطرق القديمة تعتمد على الثقافة التقليدية وهي التربية المتوارثة من الآباء من ناحية الحزم والتشديد على تعليم الأطفال واجباتهم بدقة، أما التربية الحديثة تعتمد على أن لكل جيل وقتا وأسلوبا مختلفا وأن الأسلوب الأنسب للطفل في الوقت الحالي هو الحوار والنقاش والتركيز على حقوق الطفل ومن ثم واجباته، ولا يمكن الجزم بأن هناك أفضلية سواء للأسلوب القديم أو الحديث حيث أن كل الطرق لها مبرراتها ونتائجها المختلفة".

ويؤكد عبدالله بن محمد البلوشي، أخصائي استشارات تربوية بمؤسسة همم الشباب للاستشارات التربوية والتعليمية، الحرص السامي من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- على تماسك المجتمع ومحاربة العادات الدخيلة إذ يظهر ذلك في تأكيد جلالته- أعزه الله- في كثير من خطاباته على هذا الجانب، وحث جميع أفراد المجتمع على التمسك بالعادات الأصيلة والقيم الصحيحة.

ويشير إلى أن ظاهرة الطلاق تعد من المؤشرات التي تدل على وجود تحديات مجتمعية يجب الانتباه إليها والعمل على الحد من هذه الظاهرة وتعزيز تماسك الأسرة وتنشئة الأبناء على القيم العمانية وتعزيز الوعي المجتمعي بمخاطر وسائل الاتواصل الاجتماعي، واستحداث أنظمة حماية ودعم تكفل الحياة الكريمة للأسر.

ويبيّن أن المؤسسات المعنية بالجوانب التربية تعد شريكة أساسية في نشر التوعية بمخاطر وسلبيات وسائل التواصل الاجتماعي بأسلوب عصري حديث يتماشى مع مفهوم الحداثة والتطوير، بالإضافة إلى وضع مناهج تربوية تغرس القيم الوطنية لدى النشء يتشارك في إعدادها وتنفيذها أفراد المجتمع، وتفعيل الدور التوعوي لمجالس أولياء الأمور حول الظواهر والسلوكيات عبر مواقع التواصل الاجتماعي .

ويدعو البلوشي إلى استحداث وسائل تربوية حديثة للتواصل والتفاعل مع الأجيال الحالية، من خلال تفعيل منصات التواصل الاجتماعي للمؤسسات التربوية، وتطوير المحتوى التربوي وتجديده بحيث يلامس احتياجات الشباب وتحدياته من خلال تفعيل الحوار  وحلقات النقاش وتحليل المحتوى  عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتعزيز النماذج التربوية الحديثة التي تعزز من السلوك الإيجابي عند الشباب من خلال اللقاءات الإعلامية والمسابقات والاجتماعات المحلية والدولية، والتوجيه بتطبيق  نتائج الدراسات التربوية والأخذ بها عند إجراء التغيرات التربوية الحديثة في مختلف المسارات.

ويشدد البلوشي على ضرورة تعزيز دور الإعلام من خلال بناء منظومة إعلامية رقمية تشاهم في تعزيز القيم الوطنية وإبراز الجهود الوطنية بالأحداث والأدلة العلمية والعملية، وإبراز النماذج الشبابية الإيجابية، لافتا إلى أن وسائل تربية الأبناء تطورت على مر العصور، وقد شهدت تغيرات كبيرة في العهد الحديث، ناصحا المؤسسات المعنية بالتربية بضرورة تشجيع الأبناء لأبنائهم على التفكير النقدي والمشاركة في اتخاذ القرارات.

تعليق عبر الفيس بوك