وطن العُلا

حاتم الطائي

على مدى ثلاثةٍ وخمسينَ عامًا، ووطننا الحبيب يمضي قدمًا نحو آفاق التقدم والازدهار.. خمسة عقود ونيف من العمل الوطني المُتواصل، لم تتوقف فيه لحظة عجلة التنمية، تلاحمت السواعد مع بعضها البعض، تآزرت الجهود، وأخلص الجميع، من أجل بناء عُمان التي نُريدها، وقد تحقق- ولله الحمد- ما كُنَّا ذات يوم نعتقد أنَّه صعب المنال، فعمّت المُنجزات ربوع الوطن، وتوالت المُكتسبات في شتى القطاعات، فلا نجد نقطة على خارطة عُمان، إلّا والتنمية قد نثرت عبيرها فيها، وقطف المواطن من ثمار النهضة الحديثة.

ومنذ أن تولى حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم- حفظه الله ورعاه- مقاليد الحكم، وعُماننا تحث الخطى نحو تحقيق أهدافها المستقبلية الطموحة، ترجمةً للرؤية الواعدة "عُمان 2040"، لا سيما وأنَّ جلالته- أعزه الله- هو من أشرف على وضع وصياغة وبلورة أهداف هذه الرؤية. وعلى الرغم من التحديات التي عصفت بالاقتصاد العالمي خلال السنوات الماضية، وتأثير ذلك سلبيًا على اقتصادنا الوطني، إلّا أنَّ الرؤية السديدة والقرارات الحكيمة التي أسداها جلالته- نصره الله- نجحت في قيادة اقتصادنا نحو مرافئ الأمان والاستقرار. فقد شهدنا ما تعرضت له اقتصادات عالمية من هزّات عنيفة، تسببت في أزمات بالغة الخطورة، وكم من دولة لم تستطع التعامل مع هذه الأزمات، رغم ما تملك من إمكانيات ومقومات. ولذلك عند النظر إلى ما اتُخِذَ من إجراءات- رُبما مثلت ضغطًا على البعض- نجدُ أنها مثّلت طوق النجاة للانعتاق من براثن الأزمات الخارجية التي انعكست سلبياً علينا.

وعلى مدى 4 سنوات من النهضة المتجددة تحت الراية الهيثمية المباركة، شهد وطننا العزيز تحولات إيجابية؛ منها التطور المشهود في مسيرة التحول الرقمي، ودعم جهود تعزيز التنويع الاقتصادي، والتوسع في إنشاء المناطق الاقتصادية والمدن الصناعية، علاوة على خفض الدين العام وزيادة الإيرادات العامة للدولة، وبصفة خاصة الإيرادات غير النفطية، وتعزيز التوجه نحو استخدامات الطاقة المتجددة، وعلى رأسها التحول نحو إنتاج الهيدروجين الأخضر، والذي من المتوقع أن يصل حجم الاستثمارات فيه لأكثر من 30 مليار دولار في غضون سنوات قليلة.

لقد نجحت حكومة صاحب الجلالة، في معالجة العديد من الملفات الاجتماعية، ومنها ملف التوظيف، من خلال تحفيز القطاع الخاص على استيعاب الشباب، وتقديم العديد من البرامج التأهيلية لهم لمواكبة متطلبات سوق العمل، بالتوازي مع طرح تخصصات دراسية وأكاديمية تعزز من مهارات وإمكانيات الخريج، بما يضمن له الالتحاق بوظيفة ملائمة تلبي تطلعاته في بناء مستقبله. وتزامنت هذه الجهود، مع إطلاق منظومة الحماية الاجتماعية، التي تكفل توفير مظلة حماية اجتماعية شاملة لكافة فئات المجتمع، سواء الباحثين عن عمل، أو المطلقات، أو الأرامل، أو كبار السن، وكذلك الأطفال، والطلاب، وغيرهم. وكل هذه الجهود تؤكد مدى الحرص السامي على توفير المعيشة الكريمة للمواطن، وتحفيزه على مزيد من الإنتاج والعمل، لتحقيق رفعة الوطن وازدهاره.

أما في الشأن الخارجي، فقد واصلت بلادنا دورها المحوري الفاعل في العديد من القضايا الإقليمية والدولية، بفضل نهج السلام والوئام الذي ترتكز عليه دبلوماسيتنا، وما تستند إليه من ثوابت وطنية، عمادها الحياد الإيجابي، ودعم القضايا العادلة، وفي مُقدمتها قضية فلسطين، ذلك الجرح الذي ينزف دمًا لا يتوقف.

وختامًا.. إنّ مسيرة النهضة المتجددة بقيادة جلالة عاهل البلاد المُفدّى، تسير بخطى حثيثة، لتحقيق الأهداف والغايات الوطنية، وقطف ثمارها لينعم بها المواطن.. وبمناسبة فرحتنا بالعيد الوطني الثالث والخمسين المجيد، نتشرف أن نُجدد الولاء والعهد للقائد الهُمام وصاحب البصيرة النافذة، جلالة السلطان المُعظم- أيده الله- ونرفع أسمى آيات التهاني بهذه المناسبة الغالية، سائلين الله أن يمد في عمر جلالته، وأن يُغدق على عُمان مزيد فضله ونعمه، وأن تحيا بلادنا في رخاء وسؤدد وازهار.