"رشقة" صواريخ صحفية

 

د. مجدي العفيفي

(1)

و... أنا أيضًا أطلق هذا السؤال الصاروخي :

هل كان البطل أحمد عبد العزيز في حرب 1948 ورفاق السلاح الفدائيين.. إرهابيًا؟ هل كانت عمليات الشباب المصري الثوري في مواجهة الاحتلال البريطاني البغيض.. إرهايبة؟ هل كانت «جميلة بو حريد» إرهابية، هي وخلاياها في مقاومة الاحتلال الفرنسي الهمجي في الجزائر وجعلت العالم يسخر من فرنسا؟ هل كان «عمر المختار» ورجاله، الذين قهروا الاحتلال الإيطالي في ليبيا ودوخوا عساكره وحتي ساستهم في روما وجعلوا إيطاليا أضحوكة العالمين.. إرهابيين؟ وهل كان «جيفارا المناضل الثوري الكوبي.. إرهابيا»؟ وهل كان «مانديلا» السياسي المناهض لنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.. إرهابيا؟

وفي الشام والسودان، والعراق، والمغرب، وتونس وغيرها من الدول التي كانت محتلة تحت مسمى أقبح كلمة في التاريخ «الاستعمار» وأكثر الكلمات السيئة السمعة في التاريخ قديمًا وحديثًا.. ألف هل.. وألف نموذج.. لم يقل عنهم أحد- حتى أعداؤنا السفهاء- أنهم إرهابيون!

إذن فأين الجيش الفلسطيني؟ أليس هو الفصائل الفلسطينية على اختلاف أطيافها؟ إن الذين ينكرون وجود المقاومة ويعتبرونها إرهابية هم انهزاميون، لماذا تدينون المقاومة الفلسطينية إذن؟ كم أنتم قصار النظر وفقراء الفكر، وفي قلوبكم مرض، وعلى بصائركم غشاوة.

فلسطين وجيشها الذي هو المقاومة، لم يطلبوا من أحد أي شيء، فالصمت من هذا الأحد خير له، فلا فضل لأحد على أهلنا في فلسطين، ولم ولن يطلبوا، لأنَّ نفوسهم عزيزة، والشواهد دالة، والمشاهد ماثلة «تخلي الأعمي ساعاتي»، على رأي المثل.

(2)

الصراع بين إسرائيل وغزة!! الحرب في إسرائيل وغزة!! الحرب بين إسرائيل وحماس!! وغير ذلك من التعبيرات الكاذبة التي يسوق لها خطاب الإعلام الغربي مقروءًا ومسموعًا ومرئيًا، ويروج معه كثير من وسائل إعلامنا العربي الذي أصفه دائمًا أنه "أضغاث إعلام". ثبت يقينا أن كبريات الصحف والفضائيات الأمريكية والأوروبية لا علاقة لها بالحيادية ولا بالموضوعية، طبقاً لانقيادها الأعمى مع الخطاب السياسي لديهم.. سقطت «بروبجندا» الآلة الإعلامية سقوطا مدويا، فلا هو إعلام عملاق ونموذج للعالم، ولا هو إعلام حر كما يثرثرون ليل نهار، إنه قطيع أيضًا، فقد مصداقيته كثيرا خاصة في الحرب الصهيونية الأمريكية على فلسطين، وتوابعهم من بريطانيا وأحفاد «بلفور» المجرم الأول، وفرنسا التي تريد الانتقام هي الأخرى من دول العالم العربي والإسلامي.

(3)

في هذا السياق أضم صوتي وطلقاتي مع الزميل «‏أدهم شرقاوي» بعثها من قلب الميدان الفلسطيني «لو كانت الصواريخ عبثيَّة، لما جاؤوا بحاملات الطائرات ليساندوا كيان الاحتلال الذي زرعوه كالشوكة في حلوقنا.. ‏ولو كانت الكتائب مجرد بضعة مسلحين، لما وقفوا على أبواب غزّة خائفين أن يخطوا نحوها خطوة؛ ولو كانت الخطابات لا تُجدي، لما تسمَّروا أمام الشاشات يسمعون كلام المُلثَّم ويحلِّلونه، ولما شعرنا نحن بشيء من العزَّة تدبُّ فينا.. ‏لو كانت المنشورات في مواقع التواصل غير مجدية، لما حذفوها، وقيّدوا الحسابات! ولكنها معركة وعي، وصناعة رأي عام، ألم تُشاهدوا الـ «BBC»كيف تكذب، والـ «CNN»كيف تُدلِّس، و«الجارديان« تطرد رسَّامها ستيف بيل بعد أربعين سنة من العمل لديها، فقط لأنه انتقد إجرام رئيس حكومة الاحتلال برسم ساخر!

نعم .. هذه معركة أُمَّة كاملة لا معركة غزَّة وحدها، غزّة هي رأس الحربة فقط؛ والمعركة إنما هي معركة عقيدة لا معركة جيوش، والقتال هو قتال وجود لا قتال حدود!. فخُذْ موقعك منها بحسب مجالك، بالمال، والتظاهر، وكتابة المنشورات في مواقع التواصل، وبإسكات التافهين والمتصهينين.. خُذْه بقلبك، قلبكَ أحياناً يكفي، المهم أن تصطفَّ بعواطفك مع أُمَّتكَ، ولا تستهِنْ بما يفعله الدعاء!

(3)

ألف مقاتل فقط ألف فلسطيني فقط، أوقفوا الكرة الأرضية على قدم واحدة، حركوا الأسطول الأمريكي، أوقفوا موجة الكورونا الجديدة المتحورة، أنسونا زلزال المغرب، وأنسونا فيضان ليبيا، تبخرت حرب أوكرانيا، واختفت حرب السودان واليمن، وهدأ تسونامي سوريا، أنسونا انقلابات مالي والنيجر وبوركينافاسو، ولم يعد لمشكلة التغير المناخي وجود.

تبت يدا ولسان كل من يقول إن الفلسطيني مسكين! قل له إن الفلسطيني نبض الحرية احك له أن أبا عبيدة لما يطلع يخطب تتوقف الأرض عن الدوران حتى ينهي خطابه !

(4)

معظم المتحدثين والمعلقين عن الحرب الصهيونية الأمريكية في أرض فلسطين، خاصة بعد المؤتمرات الصحفية أو في ميكروفات الفضائيات، إنما يتحدثون على طريقة الشاعر «العبقري» في قصيدة طويلة :

الأرض أرض والسماء سماء

والماء ماء والهواء هواء

والصيف صيف والشتاء شتاء

والنور نور والظلام عماء

والمر مر والحلاوة حلوة

والنار قيل إنها حمراء

كل الرجال على العموم مذكرٌ

أما النساء فكلهن نساء!

......

يا ليتهم يصمتون ويسكتون، و«ينقطونا بسكاتهم» على حد تعبيرنا الشعبي البلاغي!