لماذا غابت المرأة العُمانية عن "الشورى"؟

 

مدرين المكتومية

أُسدل الستار على انتخابات أعضاء مجلس الشورى للفترة العاشرة، بعد فترة طويلة من التحضيرات والجهود المضنية التي بذلتها وزارة الداخلية والجهات المعنية، من أجل إنجاح العملية الانتخابية، والتي جرت بطريقة رقمية بالكامل.

وقد تابعنا النقلة النوعية التي حدثت في الانتخابات حيث واكبت التطورات المتسارعة من حولنا، من خلال رقمنة جميع الخدمات سواء في مراحل تسجيل الناخبين والمرشحين، وتقديم الطعون، وكذلك علمية التصويت والفرز وإعلان النتائج؛ الأمر الذي انعكس إيجابًا على العملية الانتخابية بأكملها.

وعلى الرغم  من أن العملية سهلت الكثير إلا أن نتائج هذه الفترة كشفت عن إشكالية كبيرة في المسيرة الشوروية، إذ كان الفوز بمقاعد المجلس كاملًا من نصيب المرشحين الرجال، مع عدم حصول أي امرأة على مقعد تمثيلي في المجلس. ولا شك أن هذا الأمر يؤكد الحاجة الماسة لتعزيز الوعي السياسي بأهمية دور المرأة في العمل العام، لا سيما وأن نساء عمان أثبتن قدرة عالية على تولي زمام القيادة وتحقيق نجاحات في العمل بمختلف المجالات، حتى تلك المجالات التي كان البعض يظن أنها حكر على الرجل فحسب.

صحيحٌ أن لكل ناخب الحق في اختيار الشخص المناسب الذي يمثله، لكنني كنتُ أتمنى أن يكون صوت المرأة أكبر بكثير، وحضورها أكبر، فنحن مجتمع يزخر بعدد كبير من الكفاءات النسائية، ولذلك لا بُد من الاستفادة من هذه الكفاءات، خاصة من خلال جمعيات المرأة المنتشرة في جميع ولايات عُمان، وأن تعمل هذه الجمعيات على تعريف المجتمع بالنساء الناجحات، من خلال استضافتهن في الندوات والمؤتمرات والتجمعات العامة، وتسليط الضوء عليهن، وهو الأمر الذي سيضمن أن يكون المجتمع على دراية بهن، وبإنجازاتهن.

لقد آن الأوان لتعزيز الجهود من أجل إيصال صوت المرأة، خاصة وأن الحكومة الرشيدة وعلى مدى عقود النهضة الممتدة، عززت من المساواة بين الرجل والمرأة في مختلف الحقوق والواجبات الوطنية، وفي تولي مختلف المناصب.

وعندما نتحدث عن ضرورة تواجد المرأة تحت قبة مجلس الشورى، فإننا نقول ذلك من منطلق الدور الرائد للمرأة في نهضة المجتمع وتطوره، فهي الأم والأخت والزوجة والابنة، القادرة على صياغة التشريعات المختصة بدور الأسرة والنساء في المجتمع، ومن ثم غياب المرأة عن مجلس الشورى قد يؤثر على عملية تحقيق التكاملية المطلوبة في جهود صياغة القوانين.

لا شك أن عضوية المرأة العُمانية في مجلس الشورى تحقق العديد من المنافع، كما إن غيابها يتسبب في خسارة معرفية وخدمية كبيرة كانت ستقوم بها المرأة، ولنا أن نتخيل كيف سيكون الحال عند مناقشة قضية معينة تخص المرأة أو الطفل أو الأسرة، مع غياب أي عضوة في المجلس؟!

ومن الغريب أن نسبة أصوات الناخبات النساء في الانتخابات ليست بالقليلة؛ بل هي نسبة مرتفعة جدًا، وهذا يعني أن المرأة الناخبة شاركت بفعالية، لكن كان من المؤمل أن تمنح المرأة الناخبة صوتها للمرأة المُرشَّحة، حتى تحصل على مقعدها في مجلس الشورى.

الواقع يؤكد أننا نحتاج إلى تخصيص نسبة مُعينة من مقاعد مجلس الشورى للمرأة العمانية، وهذا يتطلب من الأعضاء الجدد طرح هذا التعديل التشريعي على قانون الانتخابات، من أجل ضمان التمثيل الفعلي والحقيقي للمرأة داخل المجلس المُنتخب.

إننا نأمل أن تشهد الانتخابات في الفترات المقبلة مزيدًا من الحضور النسائي، من أجل مزيد من الفعالية في الأداء والتوازن بين أدوار المرأة والرجل في الحياة العامة.