قراءة في المواقف الدولية حول غزة

 

سالم بن محمد العبري

أولًا.. أود التأكيد في هذه الوقفة على أن أشد على أذرع المقاومين الفلسطينيين والمقاومين في كل الميادين والساحات، ومنهم الإعلاميون، المرابطون على الجبهات وفي الأستوديوهات في القنوات الإخبارية وتليفزيون وإذاعات سلطنة عمان التي تواكب الأحداث على مدار الساعة، ووسائل الإعلام المقروءة وفي مقدمتها جريدة الرؤية العُمانية وسائر وسائل الإعلام العربية والعالمية التي غطت بأمانة وحرفية والشكر موصول لكل الكتاب والمتحدثين الذين أدوا أمانة الكلمة والموقف والتحليل العلميّ غير المؤدلج.

ثانيًا.. وجبت التحية والتقدير لمواقف سلطنة عمان قيادة وشعبا ووزارة خارجية وسائر الدبلوماسيين وجماهير؛ فأقول: شكرا لكم لقد أديتم ما يتوجب علينا وحين أقول ذلك فإنني لا أنظر إلى المواقف التى تقفها بعض التجمعات والأقطار بصورة عالية، لكنني أنظر إلى ما نؤديه قيادة وشعبا ويتلاءم مع موقعنا الجغرافي من فلسطين والأمة وإلى تعدادنا من تعداد الأمة العربية ومن الإمكانيات التي سخرها الله لنا ومن موحيات تراثنا النضالي على مدى التاريخ العماني، وأن المواقف العمانية المعاصرة والتاريخية تعرفها الأمة من الفكر العماني الوطني السيادي ومن المواقف التي تعرفها مصر والعراق والأردن وسوريا بشهادة وإشادة من سائر الرؤساء والحكام.

هذه عمان في كل العصور ومع كل المحن والابتلاءات وإن أردت أن أورد شيئا بسيطا مما أشير إليه فأُعيدكم إلى الحرب على غزة سنة 2008؛ حيث كان على عمان أن تترأس البرلمان العربي وتذهب إلى غزة تأييدا وتضميدا لجراحها وهي كانت في مرحلتها الأولى قبل أن تتحول إلى قلعة المقاومة وأمل التحرير والتحرر ويريد الاستعمار والكيان القضاء على أسس قيامها، فذهبت عُمان بشخص الشيخ أحمد العيسائي رئيس مجلس الشورى آنذاك بتوجيه ومباركة من السلطان قابوس بن سعيد- رحمه الله- ولم يذهب بخفي حنين بل ذهب ومعه الدعم المؤكد والفوري؛ فهذه هي عمان التى يعرفها القادة وكتاب التاريخ دون أن تتباهى أو تطيل الخطاب.

ثالثًا.. أُثمِّن خطاب الملك عبد الله ملك الأردن في لقاء القاهرة ظهيرة السبت 21 أكتوبر فقد كانت كلماته وخطابه ومظاهر وجه تعبر عن حزم مصداقية وقد يكون عبر عن ضمير غالبية الشعب الأردني وموقفه يجب أن تقفه كل القيادات والحكومات لأنه يتفق مع القرارات الدولية التى أيدتها كل القوى المعرقلة للتطبيق محاباةً للكيان المحتل والغاصب وغضًا للطرف عن سلوكه الاستعماريّ.

رابعًا.. كان الملفت قول رئيس وزراء العراق محمد شايع السوداني حين قال من يتكلم ويقرر مصير فلسطين والقضية والكفاح ضد العدو هم المقاومون الذين يضحون ويسقون الأرض الفلسطينية بدمائهم ويزرعون أشلاءهم ثمنًا لتحريرها.

خامسًا.. لقد وُفِّقَ الرئيس الفلسطيني محمود عباس حين أبي المشاركة في لقاء الرئيس الأمريكي جو بايدن، ولم يوفق في حضور اجتماع القاهرة لأنه لا يمثل فلسطين المنتفضة والمضحية والعابرة يوم 7 أكتوبر 2023؛ بل هو يمثل هيئة صنعتها اتفاقيات أوسلو التي قال عنها الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد "كل سطر في هذه الاتفاقية يحتاج لمؤتمر لفك لغزه ومراده".. لذلك كانت باهتة لا ترقى لمستوى الحدث وطبيعة النضال، وكان عليه- وقد أراد الحضور- أن يأخذ معه أحد قيادات الفصائل المناضلة ولو من المستوى الثالث، ويتيح له فرصة التعبير باسمه وباسم فلسطين.

سادسًا.. لعل مبادرة الأمين العام للأمم المتحدة غير مسبوقة ويُشكر عليها وتُسجل له موقفًا وحضورًا لكن لأن الغرب الاستعماري في وادٍ وهو في وادٍ آخر وتوجهه لا يمثل كل أطياف الأمم المتحدة؛ بل كانت حركته غير مدعومة لتعطي ثمارًا يانعة وخصوصًا أن القيادات العربية لم تتهيأ لتفعيلها وتقويتها، فتلاقيه في العريش وتعسكر هناك حتى توقف المجازر وتفتح الحدود بدون موافقة الكيان وبعيدًا عن أهواء وعجرفة الصهاينة، ثم يأخذ الدول الفاعلة الحركة والمبادرة للحل السليمي الذي تؤيده كل البشرية غير الغرب المستكبر الذي يقوم على تعطيل تطبيق كل القرارات الدولية ذات الصلة وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.

وفي الأخير أقول.. إن ذهبت القوى الدولية الحرة وغير الخاضعة في هذا الاتجاه يمكن أن ترى البشرية أمنًا وسلامًا وإلّا فإن العبور في السادس والسابع من أكتوبر سوف يجدد نفسه كل فترة أو كل سنة بوتيرة أقوى وإبداع أوسع فهل من يسمع ويرى في هذا العالم اللاعب بالبشرية؟!

تعليق عبر الفيس بوك