روجيه جارودي.. بين الحقيقة الدامغة وزيف الهولوكوست

حمد الناصري

 

وُلِدَ روجيه جارودي عام 1913 لعائلةٍ، لأم مسيحية وأبٍ مُلْحِد.. اعتنق البروتستانتية في سن مُبكرة من حياته، قِيْل في الرابعة عشرة من عُمره وقيل في العشرين من عُمره.. وفي سياق المَد النازي في ألمانيا، انضم روجيه إلى الحزب الشيوعي الفرنسي ولم يزل على المسيحية البروتستانتية.

وقف روجيه جارودي ضد التدخل السوفياتي في ألمانيا؛ فاعتبره بعض أعضاء الحزب الشيوعي، آنذاك، مُتطرفا يمينيا لأنه خالف توجهات حزبه، وخرج عن خط الحزب، وفي الغرب يتمّ تناول قضية المُفكر الفرنسي روجيه جارودي على أنها محطة من حياته الفكرية.

عُرف جارودي بإنكاره المحرقة النازية لليهود أو ما يسمى بالهولوكوست، وقد شكك في أطروحته في الهولوكست واستطاع إثبات نظريته بالأدلة والإثباتات التي لا ينفيها عقل إنسان وأسقط القناع عن تلك الكذبة التي فبركتها الجمعيات الصهيونية بدعم ومساعدة الأحزاب الحاكمة في أوربا وأمريكا وصدقها الناس لعقود ما بعد الحرب العالمية الثانية ورغم ذلك تمت مُحاكمته لكشفه كذبة إبادة ستة ملايين يهودي أو الهولوكست، وبالعِبْرية "هشوا" والتي يُقصد بها الاضطهاد النازي المُمنهج في إبادة اليهود، وكلمة ممنهج هنا تعبير عن نظام دولة النازية الألمانية ومن معهم من الحلفاء المُتعاونين لإبادة اليهود في أوروبا التي كانت أجزاء كبيرة منها تحت السيطرة الألمانية في الفترة من 1933 حتى 1945 وقد أقامت الولايات المُتحدة الأمريكية ذكرى الهولوكوست، واعتبرت حقبة1933 حتى 1945. هي فترة الهولوكست.

ويرون أن أدولف هتلر والحزب النازي الألماني شُركاء في المحرقة اليهودية. هشوا. أو الكارثة Shoah.

واعتبر جارودي معاديًا للسامية حين قدم كتابه "الأساطير الموسّسة للسياسة الإسرائيلية" وترجم في 23 دولة إلى أنّ "الليغرا او الرابطة الدولية لمناهضة العنصرية ومعاداة السامية" اعتبرت فكر جارودي السليم وتحليله المنطقي مُعاداة للسامية، لأن جارودي، حذّر في كتابه من خطر حرب كونية يشعلها اللوبي العالمي، وفنّد بأنّ الخطر يكمن في الأساطير التي قامت عليها دولة إسرائيل، وأثارت دعوته الصريحة إلى بحث علمي دقيق في الرقم الذي ادعاه منظرو الهولوكوست وهو 6 ملايين ضحية من اليهود. كما انتقد روجيه جارودي، سياسة إسرائيل وغزوها للبنان عام 1982 والذي أسفر عن 20 ألف قتيل. ونشرت صحيفة لوموند الفرنسية مقالا لجارودي ينتقد فيه الوحشية الإسرائيلية للبنان.

ولتلك الأسباب رأت مجموعة " الليكرا" مقاضاته ومحاكمته، لمجرد تشكيكه في عدد ضحايا الهولوكست، وبسبب مُناهضته للسياسة الإسرائيلية، ولأن الدعوى رُفضت في بداية الأمر، وتجددت في 1996م بناءً على تبني فرنسا لقانون "فابيوس جيسو" القاضي بتجريم أفعال تنم عن عنصرية مُناهضة للسامية ومعاقبة الآراء التي تحض على الكراهية العرقية.

ورغم أن جارودي قال عن محكمة نورمبرج، إنها آخر عمل حربي للحلفاء، وإن الدول المنتصرة جعلتها كمرجع نهائي أو مطلق للحقيقة التاريخية.. والحقيقة أن تلك المحكمة لم تُستخدم إلا لإدانة الأشخاص والأفكار التي يرونها مُعادية للسامية فيتهمونها بالعنصرية العرقية.

وفي عام 1998، صادر الغرب المُتحرر حرية الفكر السليم وتمت مُحاكمة الكاتب روجيه جارودي، بسبب تشكيكه فقط في مزاعم وادعاءات المحرقة النازية، وثانياً لأنه أعلن إسلامه، في جنيف وثالثًا لأنه أصدر كتابيه "وعود الإسلام" و"الإسلام يسكن مستقبلنا". واللذين كانا مُثار صدمة لليهود. ولتلك الأسباب مُجتمعة، تمت إدانته بمحكمة افتقرت لأبسط مقومات العدل والمنطق السليم.

وبقي جارودي ملتزمًا بقيم العدالة الاجتماعية التي طالما آمن بها، ووجد أن الإسلام ينسجم مع ذلك ويطبقه. وبقيَ على عدائه للإمبريالية والرأسمالية، وبالذات لأمريكا.

وخير ما قاله روجيه جارودي، إن الإسلام استوعب الديانات المختلفة وكان أكثر شمولية للتوحيد وانفتح على كل الثقافات والحضارات وبشكل مُثير للدهشة، واستوعب العرب إمكانية التعايش مع تلك الحضارات المختلفة، فالمسلمون في الشرق وأفريقيا والغرب قوة عظيمة، وذلك الانفتاح جعل من الإسلام قوة عظمى، وحصنًا منيعًا.

الخلاصة.. أنّ أحداث المحرقة كما أثبت جارودي محض خرافة تاريخية بأبعاد عنصرية وظّفت في الصراعات، فلطالما كان اليهود مادة الحروب والإبادة، ولكنهم اقتبسوا الدور وأصبحوا هم الظالمين ولم يأخذوا عبرة من التأريخ وارتكبوا ابشع جرائم القتل والتهجير القسري من خلال جيوش إسرائيل ضد العرب الفلسطينيين وإلى يومنا هذا.

تعليق عبر الفيس بوك