عائض الأحمد
المكان حيثما تقف والزمان الآن وغدا وبعد غد، من يحملك على اعتقاد الشيء ونقيضه؟ أفكار مسبقة تستحضرها وقتما تشاء وجلها مرتبط بحالتك النفسية والبدنية ومحيطك الذي تتصل به أيا كان نوع اتصالك سواء كان عاطفيا أو أخلاقيا أو غير ذلك، الأثر لا يمكن أن ينفصل عن المؤثر أو شخصه أو أسلوب حياته.
كل هذا يعلمه الكثيرون منا، ويجهله الأكثرية لذلك نقدم أحكامنا على أحاسيس تخصنا، ليس للمعنيين بها أي علاقة تذكر، فقد طرحناها لأنها تناسب لحظاتنا، ثم نجزم بأنها حقيقة وعلى الآخرين التعامل معها على أنها شيء مسلم به، مصدرها هو نقلاً عن صاحب الفكرة وملهم الشعوب ومصنف الشخصات، واهب الحكمة، وصائد الضالة، فريد عصره وأوانه، عليك أحياناً أن تشك فى صحه ما تدعو إليه، لعلك تستوعب ولو بعد حين أن الناس لها الحق أن تخرج من عباءة أفكارك وحتميتها المقررة دون أن تبدي أسباباً ليس للمنطق فيها مكان غير تلك النظرة البائسة من شخصكم الكريم في نثر كل معتقداته وأحلام ليلته الباردة على كل من حوله، ثم توزيع ملابس الشتاء فى حرارة الصيف وتدعو كل من تعرفه لحفلة الشواء تحت ما تظن أنها أجواء "رومانسية" وعشاءً فاخرًا في صحراء جرداء لا يسكنها أفقر الزواحف بحثًا عن قطرة ماء.
ما ذنب كل هؤلاء حينما أطلقت العنان لتلك الموسيقى الغاضبة وألحانها "الريفية" القديمة التي تشبه تساقط أحجار انهيار جبل شامخ على أهل قرية لم يتجاوز تعدادهم أصابع اليد وأنت تلبسهم ما لا يطيقونه، غير تلك الأحجيات التي يفسرها شيخك بأنها علم يدرس مستحضرا أيها من القرون الوسطى، ونحن على أعتاب ألفية جديدة لم تغير فيك شيئا ولم تحسن الوقوع في شراكها كما فعل أقرانك، ماذا فعلت بك دعوة الهجرة لتلك الجزيرة النائية لتنكفئ على نفسك وتحاسبها وتتحدث معها عودي قبل أن يرفضك الجميع وحينها لن يسرك المكان ولن يغير الزمان شيئا قد قضى.
المشاعر الإنسانية ليست سلعة نتاجر بها، منَّا من يخاف العتمة ومنَّا من يحبس أنفاسه، ليرى النور في عتمتها.
ختامًا: لو كان العالم ملك يديك لطلبت المزيد وتمنيت ما في يد ابن جارك الفقير الذي يسند ظهره إلى حائط قصرك بحثاً عن ظل يحميه من لهيب الشمس.
شيء من ذاته:
الحب والعشرة لا يقفان لتفسير لحظات طيش تستدعيها كلما توقفت ساعتك البيولوجية أمام أحداث طواها التاريخ.
نقد:
حينما تأتي الأحداث دون رسم بياني أو تخطيط مُسبق، فهي تظهر بهذا الشكل الذي تقرأه الآن وحسابنا على الله يكفينا.