"طوفان الأقصى" يُعيد كرامة المسلمين

 

حيدر بن عبدالرضا اللواتي

haiderdawood@hotmail.com

 

العالم يعيش معايير مزدوجة خاصة مع أولئك الذين يتحدثون عن حقوق الإنسان، واحترام الديموقراطية، والعمل بالقوانين الدولية، ومساعدة الدول والشعوب الضعيفة في العالم، نرى اليوم أن هذه الدول التي تسمي نفسها بالديموقراطية هي أول من تُحمّل منظمة "حماس" مسؤولية الانتهاكات في الحرب الدائرة ضد المحتلين الصهاينة باسم "طوفان الأقصى" التي استطاعت أن تكسر شوكة الظلمة والجبابرة بإرادة الله والمجاهدين المخلصين من أبناء فلسطين الحرة.

وتجاه هذه الحرب، نشير إلى أن معظم العرب والمسلمين أقصى ما فعلوه إلى اليوم هو إصدار بيانات كالعادة تشير إلى ضرورة التهدئة في الصراع الدائر، وعدم التصعيد وضرورة ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، في الوقت الذي يطالب به ساعي البريد الأمريكى من الدول العربية والإسلامية بضرورة شجب ما قام به المجاهدون الفلسطينيون تجاه قضيتهم.

واليوم نرى أيضًا أن وسائل الإعلام العالمية الأجنبية ومنها قنوات  سي سي إن، وبي بي سي، وسكاي نيوز، والفرنسية وأخواتها من المحطات المرئية التي تخضع لقوى غربية بدأت في توجيه أسئلة إلى بعض المسؤولين الفلسطينيين بضرورة شجب هذا العدوان ضد الدولة الصهيونية اللقيطة "إسرائيل"، ناسين في الوقت نفسه أن هؤلاء المجاهدين من حماس وغيرهم يدافعون عن أرضهم وعرضهم وكرامتهم وقضيتهم التي حاولت تلك الدول الغربية وأمريكا طيها ونسيانها في أروقة الأمم المتحدة وفي كامب ديفيد ووادي عربة وأوسلو وغيرها، ومن خلال التطبيع مع هذا العدو الشرس الذي يقوم في كل مرة بتسوية المباني التي يقيم فيها أناس أبرياء بالأرض في مثل هذه الحروب الاستنزافية.

الآن تعمل الدولة الصهيونية بكل قوتها في نشر الدمار في كل الأرض الفلسطينية باستخدام الطائرات الغربية والأمريكية والمدفعية الثقيلة وغيرها من الوسائل الحربية الحديثة في ضرب المدنيين الأبرياء من أجل أن تحقق شيئاً يعيد كرامتها التي قضى عليها المجاهدون من خلال ثورتهم الميمونة "طوفان الأقصى" لاستعادة بعض أراضيهم التي احتلها العدو منذ أكثر من 75 عامًا، وإعطاء درس لهذا العدو بأنهم باقون في أرضهم ومستعدون في تقديم الغالي والرخيص من أجل القدس والأقصى مهما كلفهم ذلك.

فلا يهابون من الحملات العسكرية لـ"السيوف الحديدية" لنتنياهو ولا الطائرات والبوارج الحربية الأمريكية والوسائل الحربية الحديثة التي تحصل عليها هذه الدولة المارقة من الغرب، وذلك كله من أجل كرامة الإنسان الفلسطيني الذي يرفع قبعته اليوم لهؤلاء المجاهدين الذين يلقنون دروساً في التضحية والفداء من أجل قضيتهم العادلة التي تحاول إسرائيل بمساعدة أمريكا والغرب وبكل طرق ممكنة العمل على نسيانها. وهنا نُذكِّر الحكومة الإسرائيلية الفاشستية بأنه من المستحيل إعادة الأمن والسلام إلى المستوطنات التي قمتم ببنائها على الأراضي الفلسطينية ما دام المواطن العربي الفلسطيني يتعرض للمهانة والسلب والجوع والموت يومياً، وستدفع أجيالكم القادمين من العالم ثمناً باهضاً نتيجة اعتداءتكم المتكررة على هذا الشعب البطل والصبور.

لقد تعرض الإخوة الفلسطينيون إلى كثير من المحن والاعتداءات المتكررة من الكيان الصهيوني خلال العقود الماضية، ولم نر هناك إدانة من القوى الكبرى وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه تلك الهجمات، مثلما نرى اليوم ضد حرب الكرامة التي يشنها المجاهدون من حماس لإعادة بعض حقوقهم من خلال "طوفان الأقصى". وسائل الإعلام الخاصة بالعدو ومن يساندهم، لم تتوقف عن تحميل المسؤولية لحماس لما يجري في فلسطين المحتلة، دون أن تشير إلى جذور هذه المشكلة المستعصية في المنطقة العربية منذ عام 1948 وما قبلها، وإلى القرارت الدولية للأمم المتحدة والمحكمة الدولية. فبيانات الإدانة لمنظمة حماس جاهزة في أروقة الخارجية الأمريكية والدول الغربية، ووصف المجاهدين الفلسطينيين بالإرهاب أصبحت كلمة شائعة على وسائلهم اليومية، وضغطوهم على الدول الخليجية بالتطبيع مع هذه الدولة الصهيونية لا تتوقف يومياً، بل يصل الأمر الاتصال مع بعض المنفذين في وسائل الإعلام المحلية بالحديث عن إيجابيات التطبيع مع الكيان الصهيوني، وهذا ما رأيناه في بعض الصحف الموالية للغرب التي نشرت المقالات التي تتحدث عن ذلك. ونرى اليوم أيضًا أن المفوضية الأوروبية تقوم اليوم بمراجعة عاجلة للمساعدة التي يقدمها الاتحاد الأوروبي لفلسطين للتأكد من عدم وصول أي تمويل من الاتحاد الأوروبي إلى حماس، أي أن الحرب المالية بدأت من قبل هذه الدول لوقف بعض المساعدات التنموية التي تُقدمها للفلسطينيين والبالغة 730 مليون دولار.

للأسف الشديد هناك قلة من الدول الإسلامية التي عبرّت عن فخرها بعملية "طوفان الأقصى"، وتأييدها لهذه العملية التي تعيد للمسلمين وللعرب بعض كرامتهم التي افتقدوها منذ عشرات السنين؛ بل الكثير من الدول ما زالت تُراقب الوضع، في الوقت الذي نستطيع أن نقول فيه بأنَّ هذه الحرب الدائرة ضد المحتل ما هي إلا نقطة جديدة وساطعة في تاريخ الأمة العربية والإسلامية وفي تاريخ نضال الشعب الفلسطيني ضد الصهاينة الذين ألحق بهم العار من طوفان الأقصى.