دور فاعل لـ"جهاز الرقابة" لمكافحة الفساد المالي والإداري وتوعية المجتمع

خبراء: جهود محاربة الفساد ترسخ مفهوم "دولة القانون والمؤسسات"

◄ برامج وأنشطة توعوية لترسيخ مبدأ المسؤولية الفردية للمحافظة على المال العام

الخروصي: نشر أسماء المتهمين بقضايا مالية وإدارية يخضع لأحكام السلطات القضائية

الفهدي: ضعاف النفوس يستغلون الثغرات الإدارية للاستيلاء على المال العام

الجهوري: الجهاز يتبنى برامج توعوية للحد من المخالفات المالية والإدارية

الرؤية- ريم الحامدية

يؤكد عدد من المختصين أن جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة يقوم بدور فاعل في مكافحة الفساد المالي والإداري وضبط المخالفين، بالإضافة إلى قيامه بدور توعوي لتعزيز مفاهيم النزاهة والمسؤولية الفردية بين مختلف فئات المجتمع.

ويحرص الجهاز على تعزيز هذه المفاهيم، ومن الأمثلة على ذلك نشر "ملخص المجتمع" الناتج عن التقرير السنوي للجهاز، والذي يتم رفعه للمقام السامي لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه-، إذ يساهم نشر هذا الملخص في التعريف بدور الجهاز وتوعية المجتمع بضرورة المحافظة على الأموال العامة والإبلاغ عن أي شبهات إدارية أو مالية، بالإضافة إلى توضيح ما تمَّ اتخاذه من إجراءات حيال بعض المخالفات.

ويقول خالد بن سيف بن خلف الخروصي مدير عام المديرية العامة للرقابة على الاستثمارات والشركات بجهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة، إن الجهاز يعمل في إطار اختصاصات يحددها قانون الرقابة المالية والإدارية للدولة الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 111/2011، والذي مكّن الجهاز من القيام بالرقابة المالية والإدارية في كافة المجالات، ومن بينها الرقابة المالية بشقيها المحاسبي والقانوني، والرقابة الإدارية، ورقابة الأداء وغيرها، موضحًا أن الجهاز يقوم بالتخطيط لعملياته الرقابية بناءً على خطة فحص سنوية واضحة الأهداف والمعالم، يتم اعتمادها من قبل رئيس الجهاز قبل بداية السنة المالية، كما أن خطة الفحص السنوية تعد بمثابة خارطة الطريق لتنفيذ المهام الرقابية بالجهات المشمولة برقابة الجهاز.

خالد الخروصي.jpg
 

ويوضح أنَّ الجهاز يعتمد في الفحص على نطاق الفحص بالعينة والتي تحتاج إلى الحصول على معلومات من الجهة محل الفحص، ليتم تقييمها والتأكد من صحتها وفق أفضل المُمارسات العالمية، حيث يتم مناقشة كافة الملاحظات التي تتكشف لديه قبل إبلاغ الجهة محل الفحص بالنتائج النهائية، ثم تبدأ مرحلة صياغة وإخراج التقرير السنوي الذي يتطلب جهدا ووقتا مضاعفا لتجميع عدد ما لا يقل عن 150 تقريرا رقابيا لمختلف الجهات المشمولة برقابة الجهاز في تقرير واحد بمسمى "التقرير السنوي"، الذي يتشرف جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة برفعه للمقام السامي حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم- حفظه الله ورعاه- ونسخ منه لكل من مجلس الوزراء ومجلس الدولة ومجلس الشورى وفق النصوص التشريعية الواردة بالنظام الأساسي للدولة وقانون الرقابة المالية والإدارية للدولة، ومن ثم يتم استخلاص "ملخص المجتمع" من التقرير السنوي المشار إليه.

ويؤكد الخروصي أن الجهاز يحرص على تكثيف البرامج والأنشطة والندوات التوعوية للمجتمع ومختلف المؤسسات العامة والخاصة، بهدف تعزيز النزاهة وترسيخ مبدأ مسؤولية الجميع في المحافظة على المال العام وحمايته، حيث يعمل الجهاز على إعداد خطة إعلامية وتوعوية سنوية تقدم في قوالب إعلامية مختلفة تشمل الإعلام المرئي والمسموع والمقروء والإلكتروني، وعن طريق المحاضرات والندوات والتي بلغ عددها في عام 2022 نحو 259 محاضرة وندوة، مبيناً أن تقديم مثل هذه البرامج والأنشطة لا يقتصر فقط على الجهات المشمولة برقابة الجهاز، وإنما تغطي مختلف المؤسسات الحكومية وعدد من مؤسسات القطاع الخاص والأفراد، إيمانا بدور المجتمع في تعزيز النزاهة والمحافظة على المال العام.

ويلفت خالد بن سيف بن خلف الخروصي إلى أن نشر أسماء المدانين في الاستيلاء على المال العام أو المخالفين للقانون، يخضع للأحكام القضائية، إذ إنَّ الجهاز يقوم بدوره فيما يتعلق بالمخالفات المالية والإدارية بحسب اختصاصاته التي حددها القانون.

ويبين الخروصي أنَّ نشر "مخلص المجتمع" يساهم في تعزيز تصنيف السلطنة عالميًا وفقاً  لمؤشرات مكافحة الفساد، لأن أحد معايير مؤشرات مكافحة الفساد مرتبط بالإفصاح عما تتضمنته التقارير السنوية للأجهزة الرقابية، بالإضافة إلى أنَّ الجهاز قام بإعداد خطة وطنية لتعزيز النزاهة وتم اعتمادها من مجلس الوزراء، والتي تعد بمثابة الأداة المرجعية للعمل الوطني والتكامل المؤسسي في توحيد الجهود بين مؤسسات الدولة لمكافحة الفساد.

من جهته، يرى الدكتور صالح الفهدي رئيس مركز "قِيم"، أن دولة المؤسسات والقانون تقوم على أساس الحوكمة التي تستندُ على النزاهة والرقابة والمساءلة والشفافية، وهذه الأسس يتولى تحقيقها جهاز الرقابة الإِدارية والمالية للدولة وفقاً لاختصاصاته ومسؤولياته.

د. صالح الفهدي.jpeg
 

ويضيف: "جهاز الرقابة يقوم بدوره الإِصلاحي على أكمل وجه، لأنَّ عمله لا يقتضي البحث عن مصادر الفساد وإنما التقويم والإِصلاح أولا، أما حماية المال العام وتعزيز الكفاءة لمؤسسات الدولة فتلك أدواتٌ مهمَّة لكي تسير الدولة في مسارها السليم، وتحقق الأهداف التي رسمتها، لأن وجود أية سلوكيات بشرية تعيق هذا التوجُّه الوطني فهذا يعني إعاقة المسير وتأخير النماء بنيَّة متعمَّدة، ولهذا يجب كشفها ومعاقبة أصحابها".

ويشدد الفهدي على ضرورة قيام وسائل الإعلام بدور أكبر في تعزيز النزاهة والشفافية وتوعية المجتمع، لكي يتكامل دور الإعلام مع جهود جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة.

ويلفت إلى أنَّ من أسباب لجوء بعض الموظفين إلى طلب الرشوة أو اختلاس المال العام، ضعف الوازع الديني، وضعف النفوس وعدم القدرة على تحمل الأمانة والمسؤولية، ومساومة الآخرين لتكوين ثروات في وقت قليل، بالإضافة إلى ضعف الإدارة في بعض المؤسسات واستغلال ثغرات إدارية للتكسَّب الحرام، وإعلاء المصلحة الشخصية على المصلحة الوطنية والأنانية وحب الذات.

ويؤكد الدكتور أحمد بن سعيد الجهوري محامي ومستشار قانوني، أن دور جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة تجاوز رقابة الأعمال القائمة على كشف التجاوزات والأخطاء، وامتدَّت إلى تحسين مستوى العمل والقضاء على الفجوات، وتصحيح ومعالجة الانحرافات التي تؤثِّر على الأداء بطريقة فعَّالة في إطار مؤسَّسي مبنيٍّ على القوانين والشراكة مع الجهات الخاضعة لرقابته.

د. أحمد الجهوري.jpeg
 

ويوضح أن الجهاز يتبنى برنامجا متكاملا للتوعية وتعزيز النزاهة، وذلك وفق إطار زمني ومؤشرات قياس وتقييم دقيقة، إذ يستهدف البرنامج 3 فئات رئيسية وهي: منتسبي الجهات المشمولة برقابة الجهاز والمؤسسات المتعاقدة مع الحكومة، وطلبة مؤسسات التعليم العالي والمدارس، والجمهور العام من خلال الجوامع ومؤسسات المجتمع المدني، مضيفا: "لعل الورش التي تقام لجميع منتسبي الأجهزة الإدارية للدولة هي الأهم في نشر الوعي عن الأفعال المجرمة والطرق الحديثة المستخدمة في مكافحة الفساد".

ويشير الجهوري إلى أن من أهم أسباب وقوع بعض الموظفين في المخالفات المالية والإدارية، هو ضعف الوازع الديني وعدم توعية المجتمع في خطب الجمعة  ودروس المساجد، وقلة الوعي القانوني بعقوبات هذه الجرائم، مشددا على ضرورة أن يتحلى كل شخص بالمسؤولية والأمانة للحفاظ على أموال الدولة وعلى مؤسساتها والنهوض بها على كافة المستويات.

تعليق عبر الفيس بوك