عودة الملقوف

 

عائض الأحمد

ما زلت أتعجب أيُّما تعجب منذ زمن ليس بالقصير ولا الطويل من هذا الشخص الذي نصب نفسه حارسًا للفضيلة وكأنه مسؤول عن عباد الله يترصد أخطاءهم ويرصد حركاتهم وسكناتهم، وينصب نفسه داعية وقاضيًا ومستشارًا أسريًا ويعلم ما يضرُّهم وما يجلب النفع لهم.

كانت هذه احدى مقالتى التى نشرت هنا من سنوات وكلما حاولت تجاوز هذه الشخصية، أعود إليها دون أن أعلم، تثير حنقي وتجعلني في حالة اضطراب كامل من تجددها وممارسة حقوق الآخرين دون إذن منهم بل والحديث نيابة عنهم وإسكاتهم فى أوقات أخرى، يعلن الحروب وينشد السلام ويحلل لك أسباب الحرب الروسية الأوكرانية ويقول نقلا عن صديقته الروسية إن أحد الأسباب الجوهرية حبات قمح سقطت سهوًا في يد عامل مخبز روسي وجد فيها بذور متعفنة لنبتة مجهولة المصدر، غير صالحة للاستخدام البشري مما يعد إهانة لا تغتفر، فغفر الله لنا وله.

عزيزي "الملقوف" هل سمعت من قبل بأنك مزعج ووجودك يثير القلق؟ للحاضرين والغائبين ولمن خلف الشاشات.

حين يسألك يريد جوابا يرضيه هو..... وكأنه ينتظرك أن تقول رأيه! ثم تؤكد على حسن قوله ومنطقة السليم وصواب فكرته وطرحه الرائع.

لن يدع لك ولا لغيرك فرصة للحديث لديه قدرة عجيبة على صنع الحدث والتعليق عليه والتأكيد بأن قوله أصاب الحقيقية! يا ملقوف!

يعلم جيدا أن الاقتصاد مرحلة والسياسة مجرد ضحك ولعب على الشعوب الفقيرة، وهو على ثقة بأن إغلاق بعض مصانع الأعلاف تحدٍ لشعوب المنطقة الجغرافية التي يسكنها.

يا رجل.. ماذا لديك لم تقله هل هناك مؤامرة في عدم وجودك متحدثا رسميا لهيئة الأمم المتحدة، هو ابن الرياضة، ومولود في أحضان السياسة، وخصم عنيد في الحفاظ على الموارد الاقتصادية في دول العالم الثالث.

والشيء بالشيء يذكر يقسم لك بأنه شاهد عيان على وجود أحد أبناء حارته يفوق "رونالدو" لو تم استدعاؤه للفريق الوطني.

ظهر في أحد أيامه متحدثًا عن قراءته للمستقبل وتغير المناخ وانتشار ما يسميه "علمنة" المفهوم التصادمي مع الدول الفقيرة في أفريقيا لنهب الثروات الكامنة فى باطن الأرض في وسط هذا الانفلات "الأسود" كما يسميه والهيمنة "البيضاء" وحشد مرتزقة العالم لإفساد أخلاقيات الشعوب بإظهار القوى المنتفعة دون وجه حق بما يسمى الاقتصاديات المتناحرة خارج أراضيها، ونقل الصراع فى بؤر مدروسة بعناية لبقاء الأقوياء، وكلما شعر أحدهم بنهايته أحدث ضجة مفتعلة لبسط نفوذه وتعالى صوته "أنا هُنا"!

عزيزي الملقوف.. هل نستحق منك كل هذا الحديث؟ هل جربت الصمت يومًا؟ أعْلَم أنك لن تملك القدرة على ذلك ولكن حاول رحمك الله.

وإن لم تستطع فعليك بحبات من بذور "الحكمة" وقليلا من"التروي" تناولها بالقدر الذي يكفي ليجعلك هادئًا يوميًا مُسيطرًا على انفعالاتك ومتجاوزًا ما قد يحدث جراء وجودك. وإن لم تف بالغرض فاعلم أن حالتك مستعصية جدًا وتحتاج إلى تدخل جراحي قد يصل إلى البتر، يا ملقوف!

ختامًا.. الحكمة غطاء فلسفي قائم على خبرات مكتسبة وليست كِتابًا أو نهجًا يتبعه العامة  ليصبحوا حكماء.

شيء من ذاته: الحديث مع المغرور مضيعة للوقت وهدر للطاقة.

نقد: التكرار مباح فى حالتين للتذكير، فإن لم يكن ذلك "فاسمعي ياجارة".