ناصر أبوعون
يقينًا أنّ كل إنسان يحمل صخرة إيمانه فوق كتفيه، ويصعد بها جبل أقداره؛ فالطريق إلى الله واحدة، يسير عليها- بلا تَنَكُّب- من قبض على جمر صراطه المستقيم، ولا يحيد عنها إلا من زلّ وأتبع نفسه هواها؛ فمنذ بدء الخليقة إلى يوم أن أَهْبطَ اللهُ آدمَ من الجنّة فوق (عرفة)، كان شرط العبور موصول بالغاية الأسمى {أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ}. فلمّا أنْ مسح الله على ظهر آدم خرجت كل نسمة هو بارئها إلى قيام الساعة {وأَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ}؛ فكتب آجالهم وأرزاقهم ومصائبهم، ثُم أخذ عليهم الميثاق أن يعبدوه، ولا يشركوا به شيئًا {وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛشَهِدْنَا}.
لقد كان هذا التمهيد العقائدي مدخلَ صدقٍ إلى سيرة عَلَمَين من رجالات الدين والعلم والأدب؛ فالممدوح هو الشاعر والفقيه والصحفيّ والمناضل الليبيّ سليمان باشا البارونيّ "ربُّ السيف والقلم"، والمادح هو الشيخ الفقيه والشاعر القاضي ومستشار السلاطين عيسى بن صالح الطائي قاضي قضاة مسقط. ومن هذا المدخل نواصل استكمال موضوع "السِّيرة البارونيّة في القصائد الطائيّة" في حلقته الثانية، والتأريخ الأدبيّ لسيرة "الممدوح" المناضل الليبيّ سليمان باشا الباروني الذي كانت سلطنة عُمان آخر محطة في مسيرة حياته، قبل يجف مداد عمره، ويتسجّى للقاء ربّه في شبه القارة الهندية التي وصل إليها طلبا للعلاج من الملاريا، ثم في الحلقة الثالثة نشتغل على تحليل القصيدة الشعرية التي ألقاها الشيخ القاضي عيسى الطائي بين الأعيان وكبار رجال الدولة في ميناء مسقط ترحيبا بمقدم البارونيّ إلى عُمان.
ألسنة الناس.. أقلام الحق
ومن سلامة إيمان المرء ألا يُزكّي على الله أحدًا، فالله أعلم بالجوهر، وما خفي من بواطن الأمور، وليس لنا إلّا ما ظهر وما تواتر ذكره في الصحائف والكتب، وتوارد من الأخبار والسِّيَر وجرى العُرف بأنّ "ألسنة الناس أقلام الحق"، وثبتت صحته بما وافق السنّة وصحيح الأثر، كما جاء في مسند بن ماجة [3419] قول سيد البشر صلى الله عليه وسلم "يُوشِكُ أن تعرفوا أهلَ الجنةِ من أهلِ النارِ. قالوا: بِمَ ذاك يا رسولَ اللهِ؟ قال: بالثناءِ الحسنِ والثناءِ السيِّئِ. أنتم شهداءُ اللهِ بعضُكم على بعضٍ". وهذا ما صحّ في سيرة وتاريخ الشيخ القاضي عيسى بن صالح الطائي فقد كان يُشار له بالبَنان، ونال قسطًا وافرًا من الثناء، وشهد له معاصروه بالإيمان، وبياض صفحته، وعُلُّو هِمَّته، ونورِ حكمتِه.
مصادر السيرة الأدبية
قديمًا وفي عصور الصراعات السياسية، والتناحرات العسكرية التي عصفت بالعديد من الأقطار العربية تراجعت حركة التدوين، وانزوت جهود التحقيق العلمي، ونامت الكراريس المنسوخة ومتون الكتب في بطون الخزائن المنزلية،ول ولا الجهود الفرديّة التي يقوم بها حُرَّاس العقيدة، وسدنة التاريخ العُماني لضاعت كل المخطوطات سدى. أما لمن يرغب في الكتابة والدراسة وإعداد أطروحات أكاديمية عن سيرة الشيخ القاضي عيسى بن صالح الطائي ونتاجه الأدبيّ والفقهيّ فيمكنه العثور على سيرته وتراثه الفكريّ متناثرا في مطبوعات وصحف ومجلات عربية وعُمانية شتى نذكر منها: (المنهاج والأهرام المصرية)، و(الأسد الإسلامي الليبية)، و(وادي ميزاب الجزائرية)، ومجلة (كاظمة الكويتية)، و(جريدة الرؤية العمانية). أمّا الكتب التي وردت فيه سيرته، فمجموعها حتى كتابة هذه السطور تسعة هي: [شقائق النعمان على سموط الجمان في أسماء شعراء عمان (جـ3)] - وزارة التراث القومي والثقافة - مسقط 1984م لمؤلفه: محمد بن راشد الخصيبي، وكتاب: [صدق المشاعر في رسالة الشاعر(مختارات شعرية)- المطابع العالمية - روي (سلطنة عمان) 1990م لمؤلف: عبد الله بن أحمد الحارثي، وترجم له الشاعر سعيد الصقلاوي في كتابه: (شعراء عمانيون - مطابع النهضة - مسقط1992م)، وذكر سيرته حسين الريامي في كتابه [تحقيق وتصحيح ديوان أبي الفضل الحارثي] الصادر عن مكتبة الضامري للنشر والتوزيع- السيب (سلطنة عمان) 1995م، وورد ذكر سيرته في كتاب: [الموجز المفيد، نبذ من تاريخ آل بوسعيد]- مطبعة عمان ومكتبتها (ط2)- مسقط 1995للكاتب:حمد بن سيف البوسعيدي، وأشار إليه المحققان علي محمد إسماعيل ود.إبراهيم الهدهد لكتاب:[البلبل الصــداح والمنهل الطفاح في مختارات الشعراء الملاح] الصادر عن مطبعة النهضة الحديثة - المنصورة (مصر) 2002م. وترجم له سعيد بن محمد الهاشمي في كتابه [غاية السلوان في زيارة الباشا الباروني لعمان] الصادر عن مطابع النهضة (ط1)- مسقط 2007م، وأخيرا ورد ذكره في كتاب:[نهضة الأعيان بحرية عمان] الصادر عن دار الجيل لمؤلفه: محمد بن عبد الله السالمي. وآخر ما صدر عنه في طبعةَ رقميةَ في الأول من شهر محرم 1443هـ/ أغسطس) آب عام َ2021مَ عن دار محبوب للنشر الرقمي كتاب: المتفرق من أشعار الشيخ عيسى بن صالح الطيواني للباحث سلطان بن مبارك بن حمد الشيباني، و(ديوان عيسى بن صالح الطائي)، تحقيق: حارث بن جمعة الحارثي، منشورات مؤسسة الرؤيا للصحافة والنشر، ومطبعة العنان 2023م.
وبالبحث وراء شخصيته وآثاره عثرنا على مقطع من السيرة الأدبية للقاضي عيسى الطائي في مجلة كاظمة الكويتية كتبه الشاعر الكويتي عبدالله الصانع على مساحة خمس صفحات تحت عنوان: "كم في الزوايا من نفائس الخبايا"، وأشار إلى قصة المقالة الأديب الوزير عبدالله الطائي في كتابه: "الأدب المعاصر في الخليج العربي"، وقد طبعه معهد البحوث والدراسات التابع للجامعة العربية عام 1974 كتب الشاعر عبدالله الصانع يقول: "وقد اجتمعت بالشيخين عيسى بن صالح قاضي القضاة وأخيه الشيخ محمد بن صالح الطائيين – تغمدهما الله برحمته وأسكنهما مع الأبرار غرفات جنته - وقد كان التعارف بيني وبينهما بالمراسلة قبل سبق المقابلة، فحصل الأنس وانزاحت الغمة ورأيت من فيض فضلهما ما هما به زعيمان، وفوق ما كنت أتصوره؛ فتذكرت بعد رؤيتهما قول ابن هانيء الأندلسي في جعفر ابن فلاح الكتاميّ قائد المعزّ أبي تميم العبيدي: [(كانت مسائلة الركبان تخبرني//عن جعفر ابن فلاح أطيب الخَبَرِ)،(حتى التقينا فلا والله ما سمعت//أذني بأحسن مما قد رأى بصري)].
السيرة الأدبية للقاضي عيسى الطائي
الشيخ القاضي عيسى بن صالح بن عامر بن سعيد بن عامر بن خلف الطائيّ من مواليد الربع الأخير من القرن التاسع عشر 1880- والمتوفى في نهاية النصف الأول من القرن العشرين 19 من مايو 1943]، فقيه وقاض وشاعر؛ زهت بمولده ولاية سمائل الفيحاء عام 1306هـ/ 1889م، وكان أبوه قاضيا وفقيها ثم ترحّل بصحبته إلى (مسقط) واستقرّ في ولاية (بوشر) المسماة نسبةً إلى (أبُو بِشْرٍ الطَّائيّ السمائليّ). وفي مطلع صباه جلس الشيخ القاضي عيسى الطائي إلى أساطين العلم في عصره، واستحلب مصاصة فكرهم، وتربّى على الدر المكنون في صدورهم، واستظهر الفيض المتدفق من معين الفقه الإسلامي في حضرتهم، واستوقد الكوكب الدريّ من ذُبالة أسرجهم التي لا تخبو نارها، ولا يزوي نورها مادامت الدنيا مستنيرة بعلومهم.
وقد وقع عليه الاختيار من قِبَل السلطان السيد تيمور بن فيصل بن تركي بن سعيد بن سلطان بن أحمد بن سعيد البوسعيدي (1886- 1965) ليخلف الشيخ راشد بن عزيز الخصيبي في منصب (قاضي قضاة مسقط)، بعد أنْ أَشْرَبَ روحه الحَييّة من بحر الأحكام الشرعية للشيوخ والأقطاب، فاستبصر على أيديهم فنون الأحكام، وعلوم السياسة والدهاء، وتمثّل بهم في قضايا الشريعة والإفتاء؛ فجمع في شخصيته بين الفقه والشعر وعلم القضاء، واستوقد ذُبالة المجاهدة من جذوة الانتصارات العُمانية في ذبِّ الأجنبيّ وطرده فاستعرت روحه الوطنية التواقة إلى الريادة والعطاء، فكان جديرًا بأن يكون الساعد الأيمن لكبار القضاة والفقهاء، ثم قاضيا للقضاة.
الأغراض الشعرية في القصائد الطائية
انتسب شعر المناسبات العُمانيّ في جلاله وعظمته، وحسن لفظه، وجمال سبكه إلى الشيخ القاضي عيسى بن صالح الطائي، ودارت معظم قصائده على أغرض ثلاثة هي: الاستنهاض القومي للأمة من رقدتها واستثارة الحمية في عروق أبنائها، والرثاء الفني من غير أثرة أو مفاخرة، وفرائد شعرية في التهاني في غير ابتذال أو منادمة، ولأنّه كان رجل دولة واشتغل بالسياسة، وقرّبه أصحاب الدواوين والرئاسة فقد مدح العلماء والأئمة والسلاطين بلاء رياء أو مجاملة، وكانت جُلّ أفكار قصائده المدحية، تبعث التاريخ العربيّ والعماني من رقدته، وتحيي القدوات في قلوب سامعيه.
السمات الشعرية للقصيدة الطائية
ومن السمات البادية بجلاء في شعر القاضي عيسى الطائي؛ التزامه عمود الشعر الخليلي، وجزالة اللفظ العربي، وبلاغة المعنى البياني، ورصانة الصورة الشعرية، والتدفق الشعوري ممثلا لمدرسة البعث والإحياء في الخليج العربي وأطراف المحيط الهندي، كان التراثي العربيّ في بعده التاريخي والجغرافي حاضرا، ومستحضرا للتراث العمانيّ بخصوصيته وتفرده في قصائده، طبعت السلاسة والجزالة وجهها على أسلوبه الشعري، وكان يؤثر المحسنات اللفظية، ويحتفي بفنون البديع القولية، ويستظهر عناصر الموسيقى الخارجية في البناء المعماري لسائر منظوماته، فلما غلبته النزعة القومية وطبعت شعره الروح الوطنية جاءت قصائده محملة بشحنات عالية من الحنين للوطن، والاحتفاء بالعروبة لغةً وأصولا، والإحياء للوحدة الإسلامية منهاجا وتطبيقا، فنراه في جُل قصائده بلا استثناء يُذكر يرفع راية (سليمان باشا الباروني) السياسية، ويستظل تحت شجرة (محمود سامي البارودي) الشعرية وتتبدى هذه السماء بجلاء أكثر في قصائده: (للحق نور) و(بشرى) و(أبو اليقظان) و(للعليا رجال) و (برق أو هديل).
الآثار الأدبية القاضي عيسى الطائي
قرابة نصف قرن من الزمان عاشها الشيخ القاضي عيسى بن صالح الطائي منذ عام 1306هـ / 1889م وحتى وفاته 1362هـ/1943نجده عاصر ثلاثة سلاطين في تاريخ عُمان هم: السيد فيصل بن تركي بن سعيد الذي وقع مع الإنجليز الاتفاقية العُمانية البريطانية للصداقة والملاحة والتجارة، و(السيد تيمور بن فيصل بن تركي 1913–1932) الذي تنازل عن الحكم لابنه السيد (سعيد بن تيمور-1932 1970) والد السلطان قابوس (1970– 2020)– طيّب الله ثراه - مؤسس نهضة عمان الحديثة في سبعينيات القرن العشرين. وقد أشرنا من قبل إلى مصادر سيرة الشيخ القاضي عيسى بن صالح الطائيّ، وهي تحوي الكثير من متفرقات من شعره وتمثلات واستشهادات بلاغية، وآخر ما وقعنا عليه من بديع آدابه: (ديوان عيسى الطائي) حققه حارث بن جمعة الحارثيّ، وقدّم له حفيده الشاعر سماء عيسى، وطبعته مؤسسة الرؤيا للصحافة والنشر المملوكة لحفيده حاتم بن حمد الطائي 2023م، ومن آثاره الأدبية الزاهية كتاب: (القصائد العُمانية في الرحلة البارونية)، حققه وراجعه "سلطان بن مبارك بن حمد الشيباني"، وصدر في طبعة منقحة عام 2013 عن مؤسسة "الرؤيا للصحافة والنشر" بالتعاون مع "مؤسسة ذاكرة عُمان"، ويعود تاريخ هذه القصائد زمن تكليف السلطان سعيد بن تيمور للشيخ القاضي عيسى بن صالح الطائي باستقبال المناضل القوميّ (سليمان باشا الباروني الليبيّ النشأة والعُمانيّ القبيلة والإباضيّ المذهب) والطوافُ به في سائر ولايات عمان، وتقديمه للمشايخ والعلماء والأعيان.
العلاقة بين القاضي الطائي والباروني
عندما طبقت شهرة سليمان باشا الباروني الآفاق وذاع صيته وأصبح واليا على طرابلس بمرسوم من الباب العالي، وعلا نجمه بعد تأسيسه (جريدة الأسد الإسلاميّ) وإنشائه (مطبعة الأزهار البارونية) بالقاهرة، وتأسيسه (الجيش الطرابلسي الإسلاميّ) لمقاومة الاستعمار الإيطاليّ، وانتشرت موسوعته (الأزهار الرياضية في أئمة وملوك الإباضية)؛ فصار عَلَمًا وقدوةً، وشغل عقول الكثير من شباب الأمتين العربية والإسلامية؛ ارتأى الشيخ القاضي عيسى القاضي في شبابه أن يلحق به إلى (اسطنبول) عاصمة الخلافة العثمانية؛ ليكون رفيقه في رحلة كفاحه، فكتب رسالة للسلطان العثماني عام 1338 هجرية يطلب فيها بعثة دراسية، لكن الأقدار لم توافق آماله؛ فاكتفى بمراسلة جريدة البارونيّ والاتصال به لينهل من مصباح حكمته، الذي استضاء به كثيرٌ من مريديه.
لقد جمع سليمان باشا البارونيّ الذي استحوذ على عقول الشباب التواقين إلى حرية أوطانهم في أزمة نفسه بين القلم (شاعرا وصحفيا، وفقيهًا وخطيبا ورجل سياسة)؛ فصار له ربّا، وبين (البندقية والمدفع)؛ فقضى الشطر الأكبر من عمره مناضلا للاحتلال الإيطاليّ، ومقاومًا له في الصفوف المتقدمة من الجبهات، وانتهى به المآل مطاردًا ومطلوبا على امتداد جغرافية الوطن العربيّ وسائر ولايات الدولة العثمانية التي نهشتها سلطات الاحتلال لأوربيّ بعد أفول شمس الخلافة وجلوس كمال أتاتورك وطغمته العلمانية على كرسي الباب العالي في اسطنبول.
سليمان باشا الباروني في عُمان
وفد سليمان باشا البارونيّ إلى مسقط قادًما من مكة بعد أداء فريضة الحج، على إثر طلب قدّمه للسلطات السعودية راغبا وساطتهم لدى الإنجليز بالسماح له بالعبور إلى مسقط؛ ليقضي بين ظهرانيها بقية حياته، فغضوا الطرف عنه، وأبرقوا للسلطان السيد تيمور بن فيصل بن تركي (15أكتوبر 1913حتى 10 فبراير 1932م)، برغبة الباروني بالوفود عليه، فرّحبَ به وكلّف وفدا عُمانيا رسميا باستقباله ومرافقته في زياراته في سائر الولايات برئاسة الشيخ الشاعر عيسى بن صالح الطائي قاضي قضاة مسقط، وأصدر مرسوما بتفويضه في تنظيم (سياسات السلطنة وشؤنها المالية والعسكرية).
فلما إن رست الباخرة التي تُقلّ سليمان البارونيّ على ميناء مسقط حتى وجد سائر والوزراء والأعيان ورجال السلطان، وجماهير غفيرة في استقباله. وكان ذلك في بدايات العقد الثالث من القرن العشرين، إذ كانت عُمان يومها تتنازعها (إمامة) في الداخل تسعى لإعادة استنبات (الخلافة الراشدة) بعد أن تجاوزها الزمن، و(سلطان) في الساحل يأمل في لمّ الشمل العُمانيّ، ورتق اللحمة الوطنية التي مزقتها الخلافات القبليّة، وتوحيد الخارطة الجغرافية التي نقضت غزلها الصراعات السياسية.