على إيقاع الانتخابات

د. عائشة بنت عبدالله العلوية

إذا كانت الطموحات لدى الشارع كبيرة والواقع مهيأ لها فتحققها تحصيل حاصل وإن طال الزمن، بالرهان على فاعلية القنوات المتاحة قانونيًا لنقل تلك التطلعات إلى أجندة متخذي القرار، ومن ذلك البرلمانات أو المجالس المنتخبة، أي تلك التي يصل ممثلوها عن طريق التصويت، شريطة أن يتوفر في الاختيار الإرادة المستقلة، دون أي قوى تأثير خارجية سواء كانت عشيرة أو عائلة أو أي رابطة اجتماعية أخرى.

وفي حين أصبحت ممارسة الضغط على الناخبين ظاهرة تُفسد أجواء الديمقراطية، من حيث إنها تقيد حرية الفرد في ممارسة حقوقه لأن القبيلة تسعى إلى تأييد مرشح بالانتماء القبلي وتغض النظر عن أبرز سمات الكفاءة والشخصية والنزاهة، وتبعات ذلك تنعكس في الفجوة بين تطلعات الشارع وأداء أعضاء مجلس الشورى، لكن كيف يمكن التغلب على هذه الظاهرة وهي جسر العبور في بعض الدوائر الانتخابية إلى مجلس الشورى؟

لقد تجاوزت دوائر انتخابية أخرى- كما هو الحال في ولايتي مطرح وصلالة- الظاهرة أعلاه، وتمكنت من تكوين مزيجها المستقل والمميز في الاختيار، بعد التقييم لكافة عناصر القوة والضعف في شخصية المُرشَّحين، وتغليب عناصر ذات وزن نسبي على عناصر أخرى غير ذات أهمية، والاعتماد على مُحكّمين مُستقلين من خارج الدائرة الانتخابية، ضمانًا لنزاهة التقييم، ونجحت بالفعل في رفع مرشحين ذوي كفاءة يسهمون في قيادة دفة التشريع وتفعيل الدور الرقابي لمجلس الشورى، لأكثر من دورة انتخابية، وكانت مسيرتهم ناجحة في العمل البرلماني خلال فترات عضويتهم، ورفعتهم تلك الكفاءة ليكونوا ضمن التشكيلة الحكومية برتبة وزير أو وكيل وزارة.

السؤال الذي يطرح نفسه: كيف يروِّج المُرشَّحون خارج هاتين الدائرتين لأنفسهم؟

يتنافس المُرشَّحون في كل الدوائر الانتخابية على الفوز بثقة الناخبين، وإذا شبهنا الدوائر الانتخابية بالأسواق، والمُرشَّحون بالمنتجات، فالناخب يبحث عمّا يُشبع حاجته في المنتجات المعروضة، فإذا كانت السمات الشخصية كالكاريزما، والسمعة، والكفاءة العلمية والمكانة الاجتماعية، والمسيرة العملية وغيرها عناصر تؤدي دورًا في كسب ثقة الناخب، فثمّة جوانب أخرى لا بُد أن تتوافر في استراتيجية الترويج، فكلما كانت كفاءتها عالية من حيث الأدوات، والمحتوى واللغة، حققت أهدافها. واختيار الوسيلة المناسبة لنوع البيئة الجغرافية والثقافية، واختيار المحتوى المناسب لثقافة الناخبين المستهدفين، أمر مهم جدًا، فإذا اهتم المُرشَّح بتقسيم  الدائرة الانتخابية إلى أقسام حسب المهن أو الانتماءات (مثقفين، رجال أعمال، حرفيين، رجال دين.. إلخ) فسيكون أمامه تقسيمات متنوعة ومختلفة، وتتطلب منه مزيجًا ترويجيًا خاصًا لكل منها؛ ليضمن أكبر حصة من سوق الناخبين في دائرته الانتخابية، متزامنًا ذلك بطبيعة الحال مع لغة التأثير التي لن تنجح إلّا بدرجة المصداقية والثقة التي تتسم بها شخصية المُرشَّح، ويلترم بها فريق الحملة الانتخابية.

وإذا كانت الوعود الانتخابية هي الوتر الحساس الذي يتم من خلاله العزف على تطلعات الشارع الحالم، خصوصًا فيما يتعلق بملفات التوظيف، والترقيات، وزيادة الرواتب وغيرها؛ فالتعامل مع هذه الوعود يتم بحذر بالغ في ظل محدودية الصلاحيات الممنوحة للمجلس، ولكونه مجلسًا تشريعيًا ورقابيًا لا يُناقش الخدمات الحكومية، التي كانت في يوم من الأيام جسر العبور إلى عقل وقلب الناخب، فإنَّ المُرشَّحين الحاليين يُدركون أداورهم التشريعية وما تتطلبه من ثقافة معرفية ببيئة القوانين والتشريعات من جهة، ومن جهة ثانية اقتراح الجديد منها، أو تعديل بعضها بما تسمح به المرونة التي تتسم بها القوانين بشكل عام.

تعليق عبر الفيس بوك