الخبيئة

 

عائض الأحمد

سأظل مهما بلغ بي العمر طفلًا بين يديها، فخسر نفسه واعتقد بأنَّ محيطها الدافئ أقصى حدود مملكته، دُفن حيًا بإرادته، وبعد كل هذا يلوم الزمن واختياره ويلعن ظروف الوقت وسوء أمره، وحينما تسأله: وماذا بعد؟ يقول لك: انتظر لحظات فأنا وهبت كل الوقت لها ولن استطيع الرد الآن، وكأنه شاطئ تحيطه كل أنواع التضاريس يدعو الناس للاستمتاع بالطبيعة دون أن تلامس أقدامهم الرمل أو يجرؤ أحدهم على الاقتراب.

ينشد الحل والسجان يتملكه، ويرغب في الخلاص وهو يحلف بعمره أن يبقى رهينة أفكاره دون أن يسكن الفراغ الذي خلفه وركن فيه كل مستحقاته، وتنازل عنها طوعا لجمعيات الرفق بالعقول. صورة برجوازية لعمل لا يدركه غير تلك الطبقة التى توظف أشخاصًا بعينهم، ثم تنحت الصخور بدلًا عنهم، وحينما يأتي الحساب ينصرف الجميع سعداء ويبقى هذا الشقي ينعى حظه ويعدد خسائره، ويعيد الكرّة يومًا بعد آخر، دون أن ينفد صبره. كل هذا بغية لحظات ظن أنها منتهى أمله في إنسان استوطنه فكر وسلوك يستحيل الانفصال عنه، قبل أن يدفع ثمن سجنه سنوات، وضع فيها الأغلال في أفكاره، قبل يده، دون أن يأتيه حلم ليل، بأن تكامل البشر في توازن العطاء.

ماذا أخذت في مقابل وعيك بكل هذا؟ وأي إنصاف حلمت به سيظل أملا ترجوه قد لا يتحقق.

الروح لا تحرك جمادًا عفا عليه الزمن، ولكن عوامل الطبيعة كفيلة بتغييره قَسْرًا، ومهما فعلت سيبقى أثر من مرَّ من هنا وحينها عليك أن تتساءل أي أثر ستبقيه لمن خلفك؟

فإن كان المبنى رائعًا وليس له أبواب، فلن تستطيع دخوله دون التشبث بأسواره؛ فجل علمه اعتقاد بأنَّك تمارس طقوسًا تعود أصولها إلى ما قبل بلوغك الحلم، يستحضرها في كل مرة ليعاقبك دون أن يشعر بألم.

المنطق يقول إن لم يكن القاضي حرًا؛ فحكمه أقرب لهواه.

نقد: لسنا ملائكة أو معصومين، ومن حق الجميع أن يقول ما يشاء في حدود الأدب والمتعارف عليه "مدحًا أو قدحًا". أفهمُ أن ما يقال أو يُكتب ليس نظرية علمية نتائجها لا تحتمل الخطأ، لكن إن لم ترَ فيما تقرأ ما يُضيف لك، فتجاهلهُ فقط.

ختامًا: كيف لمن يرى ظلك أعوجا أن تستقيم أمامه؟

شيء من ذاته: تحدث مع ذاتك ليسمعك الناس؛ فكلما جعلت عقدك كرباط حذائك حلّت بسهولة.