مناهج التعليم بين الواقع والتاريخ

فوزي عمار

فجوة الواقع مع اللغة والمناهج التعليمية تمثل فجوة الإنسان بين تاريخه والزمن الذي يعيش فيه؛ ففي التعليم العربي يدرس الطالب أمجاد صلاح الدين وبطولات خالد ابن الوليد وعدل عمر ابن الخطاب، لكنه عندما يخرج في الشارع، فإنه يرى المسؤول السارق والخانع والرئيس المنبطح والشيخ المدلس، إنه تناقض بين التاريخ والواقع.

هذا لا يحدث في تعليم الغرب؛ لأن التلميذ يدرس لأبطال الموسيقى الجاز والروك والرياضيين الذين يجدهم في الشارع أمامه، وهذا أيضا ينطبق على اللغة؛ فالتلميذ الذي يدرس الشعر العربي يحفظ (مُكِرٍ مفر مقبل مدبر معًا // كجلمود صخر حطه السيل من علٍ"، لكن التلميذ لا يعرف ولا يجد في الشارع كلمات مثل: مكر، مفر جلمود!

التلميذ في ألمانيا يدرس تاريخ المرسيدس والفرنسي تاريخ البيجو والأمريكي تاريخ الفورد والكاتربيلير، ويجدها أمام بيته ويركبها في الوصول للمدرسة.

بينما التلميذ العربي يقرأ "الخيل والليل والبيداء تعرفني // والسيف والرمح والقرطاس والقلم"،  لكنه يجد أمام بيته سيارة تويوتا وأخرى هونداي ولا يقرأ تاريخها في المدرسة.

العشرات والمئات من الكلمات التي لم تعد متداولة اليوم والتاريخ الذي لا يجده التلميذ في الحياة حوله؛ لذلك الفجوة بين الواقع والتاريخ اليوم هي العمر الذي يفصلنا عن مواكبتنا للعصر خاصة بعد تجدد المناهج في العالم من الذكاء الاصطناعي والروبوت والبيانات الضخمة والتجارة الإلكترونية. وغيرها من مظاهر حياة يومية لا يجدها التلميذ في المنهج الذي يدرسه اليوم.