مؤكدين أن "التجارة السرية" تسهل التحويلات المالية خارج البلاد

مختصون: مكافحة "التجارة المستترة" خطوة مهمة لدعم سياسات الاستقرار الاقتصادي وتحقيق التنافس العادل

◄ فرق رقابية لمكافحة التجارة المستترة في المؤسسات التجارية

◄البادي: رسم آليات واضحة لمكافحة الغش التجاري والتهرب الضريبي

◄الحجري: التجارة المستترة تقيد فرص المنافسة العادلة وتتسبب في تفشي الفساد والرشوة

◄الزعابي: نحتاج أولا للتخلص من ظاهرة "المواطن التاجر غير المتفرغ"

الجنيبي: مكافحة التجارة المستترة ستنعش خزينة الدولة

الرؤية- مريم البادية

أكد عدد من المختصين أن القرار الوزاري الصادر بشأن مكافحة التجارة المستترة، سيساهم في النمو الاقتصادي للدولة وتنظيم سوق العمل والنهوض بقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، إذ إن التجارة المستترة هي السبب الرئيسي في ارتفاع حجم التحويلات المالية لخارج البلد، كما أنها تعد صورة من صور التهرب الضريبي.

ويوضح الدكتور محمد بن راشد البادي مدير دائرة الشؤون القانونية بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، أن الوزارة مستعدة لمكافحة التجارة المستترة من خلال الفرق الرقابية التي خصصتها الوزارة، ومن خلال آليات العمل التي سيتم الإعلان عنها في وقت لاحق، مضيفاً أنَّ هذه الآليات تهدف إلى مكافحة هذه التجارة في كافة المنشآت التجارية سواء في العاصمة مسقط أو باقي المحافظات.

ويشير إلى أن القرار الصادر من وزارة التجارية والصناعة وترويج الاستثمار رقم (412/2023)، والمنشور في الجريدة الرسمية، جاء بأحكام تجعل هناك قاعدة قانونية تستطيع من خلالها الوزارة أن تنطلق في رقابة كافة المنشآت التجارية والعمل على مكافحة هذا النوع من التجارة الذي يعد ظاهرة مضرة للاقتصاد الوطني، لافتاً إلى وجود ممارسات غير مشروعة من قبل بعض الشركات التجارية ومنافسة غير متكافئة مع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى حالات الغش التجاري في القطاع التجاري، وخروج أموال طائلة من الدولة تؤثر سلبًا على الاقتصاد الوطني وتلحق أضرارا بالغة به، ولذلك وجب مكافحتها بمختلف الطرق.

ويضيف البادي أن العقوبات التي وضعتها الوزارة هي مجزية في هذه الفترة، لذا دائما التشريعات تأتي تباعا وأن العقوبات تكون متوافقة مع المخالفة، لذا جاء هذا القرار للتعريف بهذه التجارة، ولحث المواطنين والمقيمين للحد من هذا النوع من التجارة والإبلاغ عنه في حالة اكتشافه من قبلهم وذلك بالتنسيق والتعاون مع التجارة، ومن بين هذه العقوبات شطب النشاط من السجل التجاري، وغرامات إدارية تتراوح ما بين 5000 ريال عُماني إلى 15000 ريال عُماني وذلك في حال تكرار ارتكاب المخالفة. وإذا لم يأتِ هذا القرار بالنتائج المرجوة قد يصدر قرار أكثر صرامة لاحقا، لكن في الفترة الحالية فهو يفي بالغرض، ونأمل أن يحقق النتائج المرجوة.

من جانبه، يرى سعيد بن محمد الحجري أن التجارة المستترة المعروفة بـ"التجارة السوداء" أو "التجارة السرية"، عبارة عن نشاط تجاري يتم فيه تداول البضائع أو الخدمات خارج القنوات الرسمية والقانونية للتجارة، بحيث يتم ذلك لتجنب الضرائب والرسوم الجمركية وتجنب القيود واللوائح التجارية الأخرى المفروضة من قبل الحكومة.

وبيّن أن هذا النوع من التجارة ينتج عنه مجموعة من الأضرار الاقتصادية مثل التهرب من الضرائب، موضحا: "عندما يتم تجاهل القوانين الضريبية وعدم دفع الضرائب المستحقة على الأنشطة التجارية، يتأثر الاقتصاد الوطني بفقدان الإيرادات الضريبية التي يمكن استخدامها لتمويل الخدمات العامة والمشاريع التنموية، كما أن التجارة المستترة تؤدي إلى انحراف المنافسة العادلة في السوق، حيث يتم منح المتاجرين غير القانونيين ميزة تنافسية على المتاجرين القانونيين الذين يلتزمون بالقوانين واللوائح، وهذا يؤثر على قدرتهم في البقاء في الأسواق والنمو، كما يمكن أن يؤدي ذلك إلى إفلاس الشركات القانونية وفقدان فرص العمل، إذ تتسبب هذه التجارة في تفشي الفساد وظهور الرشوة لأنها تعمل بشكل غير قانوني، مما يوفر بيئة ملائمة للممارسات غير الأخلاقية وغير القانونية".

ويتابع: "من ضمن المسببات الناتجة عن التجارة المستترة هي عدم السيطرة على جودة وسلامة المنتجات، حيث قد يتم تداول منتجات مزيفة أو ذات جودة منخفضة أو غير آمنة للاستخدام، وهذا يعرض المستهلكين للمخاطر، بما في ذلك المنتجات غير الصحية أو الخطرة، مما يُؤثر على سلامتهم وصحتهم، كما تؤدي إلى تأثير سلبي على الصناعات المحلية، فالتجارة المستترة يمكن أن تضر بالصناعات المحلية والشركات القانونية الصغيرة والمتوسطة، وعندما تتداخل التجارة غير القانونية مع قطاعات الاقتصاد المحلي، يمكن أن ينخفض الطلب على المنتجات المحلية، مما يؤدي إلى تراجع في الإنتاج وفقدان فرص العمل، ويعمل هذا النوع من التجارة على تهديد الأمن الوطني مثل تهريب سلع حساسة أو مواد محظورة عبر الحدود بطرق غير قانونية، مما يهدد الأمن والاستقرار الوطني".

ويلفت الحجري إلى أنَّ الحكومات تعمل على تشديد القوانين وتنفيذها بشكل صارم وتعزيز التعاون الدولي في مجال مكافحة الجريمة التجارية وتبادل المعلومات، وتوعية الجمهور بأضرار التجارة غير القانونية وتشجيع السلوك التجاري القانوني والشفاف، وذلك ولمكافحة التجارة المستترة وللحد من تأثيرها السلبي على الاقتصادات.

ويعتبر أحمد الزعابي- كاتب مقالات في الشأن الاقتصادي- أن قرار وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار لمكافحة التستر التجاري، سيكون له بالغ الأثر في معالجة هذا النوع من التجارة، وأن الجزاءات الواردة في القرار كافية لمكافحة هذه الظاهرة التجارية، إذ إن المادة 10 من القرار الوزاري أقرت عددًا من العقوبات المُغلظة والتي من شأنها المساهمة في الحد من التجارة المستترة، مؤكدا: "فوائد هذا القرار لن تتأتى إلا بتكاتف الجميع، سواء من جانب المعنيين على التطبيق في وزارة التجارة أو من جانب المواطنين أنفسهم، ولذلك يجب أن نتخلص من ظاهرة المواطن التاجر غير المتفرغ، لأن هذا الأمر يساهم في وجود التجارة المستترة، ولذلك يجب تفعيل الحملات التوعوية حتى تنتهي هذه الظاهرة".

ويقول: "التجارة المستترة هي أحد أهم أسباب المنافسة غير الشريفة، التي تؤدي إلى ضياع فرص تجارية متعددة على التاجر المواطن الذي يقف على عمله بنفسه؛ الأمر الذي قد يُؤدي إلى تحمّله العديد من الخسائر أو إغلاقه لأعماله التجارية بسبب وجود مواطن آخر يتصف بالأنانية وغير مكترث بما تمارسه العمالة التي مكنّها من اقتصاد البلد، وسمح لها بالاستفادة من كافة التسهيلات التي تقدمها جهات الاختصاص للمنشآت الصغيرة والمتوسطة على الرغم من وجود شركات تنطبق عليها قواعد الاستثمار الأجنبي، لكن عبر التجارة المستترة يكون الدخول للأسواق أسهل وبكلفة تشغيلية أقل مع ضمان محصلة أرباح أعلى للوافد".

ويؤكد الشيخ محمد بن سعيد الجنيبي، أن قرار مكافحة التجارة المستترة جاء في وقته رغم طول الانتظار، مثمنًا صدور هذا القرار الذي سيكون له تبعات إيجابية على الاقتصاد الوطني وسيحد من الممارسات غير القانونية والتحويلات الخارجية، الأمر الذي سيساهم في زيادة الدخل لخزينة الدولة وسيساهم بشكل كبير في مكافحة التجارة المستترة والحد من ظاهرة هروب القوى العاملة الوافدة غير القانونية.

تعليق عبر الفيس بوك