أرجوحة آدم وحواء

 

 

لينا الموسوي *

تأرجُح العلاقة بين آدم وحواء ليس بالشيء الجديد، فهو موجود منذ القدم، حيث نجدها تارة تسمو إلى الأعلى وتارة تنخفض إلى الأسفل.. خلق الله تعالى آدم وحواء وأنزلهما إلى الأرض وجعلها بين أيديهم، وسخر لهم كل ما فيها، حيث أنزل عليهم الكتب السماوية ليزيدهم علمًا ودراية، وأعطى كلًّا منهم حقوقا وواجبات ومعرفة أسلوب وطريقة الحياة التي يجب أن يتبعوها فيحافظوا على وجودهم بما يرضيه.

حيث خلق آدم في أحسن صورة ومنحه صفات مُعينة بمعيار معين وأكمل هذا المعيار سبحانه بخلق حواء التي بدورها تعادل وتوازن الكِفَّة ليكمل بعضهم الآخر؛ لذلك أعتقد مهما تعددت الألوان والأعراق واختلفت الأشكال واللغات في المجتمعات المنتشرة على هذه الأرض، يبقى آدم وحواء يحملان الصفات التي أعطاها الله تعالى لهما بنسب مختلفة ومتفاوتة من قوة وشجاعة وعزم وأنوثة ورقة وخشونة وغيرها من صفات موحدة في كل مكان وزمان.

وما يحدث من تجاذب أو تنافر يعود لعدم فهم أو إدراك فكر تركيبة آدم عن حواء؛ فما تملكه حواء من حب وعاطفة وإرادة قوية، يحتاج إلى رعاية وطريقة مُعاملة تختلف في الأسلوب تماماً عمَّا يحتاجه آدم وهذا يعود إلى الطبيعة التي خلقهم الله تعالى عليها، وإذا تبحَّرنا أكثر في تلك العلاقة المتكاملة، سنجد أنَّ آدم يكمل حواء، وهما عبارة عن شكلين مختلفين ومتكاملين في آن واحد، إذا فهم بعضهم فن وأسلوب التعامل المناسب مع الآخر بمعرفة ما نسميه المفتاح المناسب لكليهما.

فما يحدث اليوم في بعض التجارب المريرة للعلاقة بين آدم وحواء الناجحة في الظاهر والمجروحة من الداخل نتيجة عدم وجود فن التعامل بين الأطراف أو الفهم الحقيقي لطبيعة الطرف الآخر. هذا الفن الذي يحمل صفات الجمال والروح واللمسات اللطيفة، الفن الذي يتنوع بكل ألوانه الحارة والباردة الصافية النقية والممزوجة المُبتكرة التي تكون أو تنتج بدورها لوحات جميلة في مختلف تفاصيلها سواء كانت واقعية أم تجريدية.

فن التعامل بين آدم وحواء ليس بالأمر الهين؛ حيث هذا النوع من الفنون يحتاج بناءً وتوجيهًا صحيحًا بعيدًا عن العادات والتقاليد والمفاهيم الموروثة، الفن الحديث الذي يكمن أساسه في فهم طبيعة آدم وكيفية أسلوب التعامل مع جنسه في مختلف حالاته وظروفه، وكذلك حواء ومحاولة كليهما إنجاح رسم اللوحة الفنية بقدر المستطاع وإعطائها قيمة ورفعة.

لذلك في اعتقادي -بعيداً عن اختلاف المجتمعات والتقاليد وغيرها- تبقى صفات آدم وحواء واحدة، هي صفات إنسانية مُنِحت لهما ليعيشا في ارتياح وتكامل وتآلف، مستقرين وغير متأرجحين، ليتكاثروا ويتحابوا لا ليتصارعوا ويتعارضوا، فكلاهما لا يستطيع العيش دون الآخر، فالحب والود والتسامح واحترام الطبيعة التي خلقها الله لهما هي أهم المفاتيح التي تفتح كل الأبواب المغلقة لاستقرار حواء بين ذراعي آدم.

 

* مهندسة معمارية

تعليق عبر الفيس بوك