يعكس حجم التطور التشريعي في ضوء مستهدفات "عمان 2040"

قانونيون يثمنون لـ"الرؤية" مواد وأحكام قانون العمل الجديد

 

 

ضمانة تشريعية تُعلي حق العمانيين في العمل وتغلق ملف "التسريح" إلى الأبد

 

◄ العجمي: نصوص القانون يكمل بعضها البعض وتدور في فلك الصالح العام

◄ الجساسي: القانون الجديد يعكس حجم الرعاية السامية لتنظيم سوق العمل

◄ الراشدي: خطوة مهمة نحو تعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي

◄ الزيدي: المُشرع العماني ضَمِن للعمال استمرارية خدماتهم دون تسريح

◄ البلوشي: تعديلات تحقق المرونة لسوق العمل وتعزز دور العمالة الوطنية

 

 

     

الرؤية - ناصر العبري

ثمَّن قانونيون -في تصريحات خاصة لـ"الرؤية"- المرسوم السلطاني القاضي بإصدار قانون العمل الجديد، مؤكدين أنَّ القانون بمثابة حِزمة تشريعية مُتجدِّدة تضمن ضبط سوق العمل وفقًا لجُملة حقوق وواجبات تحقق مرونة وديمومة التوازن بين العمَّال وأصحاب العمل، وتوفر في الوقت ذاته بيئة جاذبة للعمل في القطاع الخاص؛ من خلال مواكبة المتغيرات الدولية، وإدارة التحديات الحالية والمستقبلية.

ويقول الدكتور أحمد بن علي العجمي مستشار ومحامٍ مقبول بالمحكمة العليا، إن كل دولة تُراهن على السبق الاقتصادي والنهوض الاستثماري، مُراعية المكسب البشري والمادي بمفهوم المصلحة الوطنية، وتتسارع في سلطنة عُمان وتيرة التشريع القانوني شاملة كافة الأطراف التي شاركت في رسم ملامح رؤية "عُمان 2040"، وكذلك الأطراف المنفِّذة لها، لإيجاد مناخ عمل جاذب للاستثمار يُراعي في جانبه الأساسي التوازن بين مصلحة صاحب العمل والعامل؛ كون تلك العلاقة تُراهن عليها الاقتصادات الناجحة؛ وترجمةً لذلك جاء قانون العمل الجديد ليحل محل القانون القديم الذي تناول عدة أدبيات تصوغ النظرة التشريعية العُمانية الخاصة وفق الآتي: اللغة العربية هي لغة الدولة وأساس التشريع في عُمان وتوافقاً مع المخاطبين بقانون العمل في الأساس يكون التنظيم للعلاقة العقدية بلغة الدولة دون سواه، لذلك ألزم القانون الجديد صاحب المنشأة [صاحب العمل] بأن تكون كافة قراراته ولوائحه باللغة العربية، وحال استخدام لغة أجنبية يستلزم قرينها ترجمة باللغة العربية ويكون النص العربي هو العمدة وعليه التعويل حال الالتباس أو النزاع القضائي وذلك مواءمة مع مقتضيات المادة (27) من قانون الإجراءات المدنية التجارية التي نصت على أن اللغة العربية هي لغة التقاضي وترك المشرع في قانون العمل الجديد بالمادة (150) مساحة للوزير بإيقاع أو فرض عقوبة أو غرامة على مخالفة أحكام هذا القانون.

لدكتور أحمد بن علي العجمي.jpg
 

وتابع العجمي: يخاطب قانون العمل وينظم العلاقة بين أصحاب العمل والعاملين بالقطاع الخاص دون القطاع العام التي تحكم العلاقة القوانين والأنظمة واللوائح الوظيفية الواردة بقانون الخدمة المدنية، وقد جاءت أحكام القانون ترجمه سريعة لقانون الحماية الاجتماعية التي تلبي المرحلة القادمة لمتطلبات المجتمع. وأوضح العجمي أنه وبقراءة متأنية لنصوص القانون المكملة لبعضها البعض، نجدها تدور في فلك تحقيق الصالح العام؛ إذ منح المشرِّع الأولوية في شغل الوظائف الشاغرة التي يستلزم على وزارة العمل ربط سجل الباحثين عن العمل وبيان المؤهل والخبرة لدى العماني، بالطلب الوارد إليها من القطاع الخاص للحصول على ترخيص لتشغيل غير العُماني قبل التصريح مع وضع نسب محددة لكافة المهن سواء الفنية والإدارية، ووضع جدول زمني لتحقيقها لتحقيق نسب التعمين ونجح برنامج التعمين عملياً في القطاع المصرفي كما هو مشاهد. وتابع: وكهدف كل تشريع يرنو لمواكبة التقدم الاقتصادي العالمي، فإن قانون العمل الجديد وبغية تحفيز القطاع الخاص أفرد مواد تتضمن التفويض بإصدار قرار وزاري لوضع آلية التدريب والتأهيل للعامل العُماني للحلول محل الأجنبي، والذي بدوره يكون ضمن إطار التفاعل المتكامل؛ بحيث يستنهض معاهد التدريب القائمة وربطها بصندوق دعم التدريب وتشكيل لجان، يكون أعضاؤها من القطاع الخاص والجامعات لوضع برامج مهنية موجهة بالتنسيق مع وزارة التعليم العالي لرفد سوق العمل وربط التدريب المقرون بالتشغيل.

وأكد العجمي أنه ووفقاً للقاعدة العامة بأن عقد العمل شريعة المتعاقدين؛ فإنَّ فلسفة وجود عقد إلى ما لا نهاية حد منها المشرِّع في القانون الجديد وقيدها؛ فقرر أنَّ العقد غير محدد المدة يكون مدته (5) سنوات قابل للتمديد باتفاق الطرفين، ونظم القانون ابرام عقود العمل بشكل أوسع سواء للعاملين.

 

مزايا اجتماعية واقتصادية

ويرى الدكتور عبدالله بن حمد الجساسي، أنَّ قانون العمل الجديد جاء مراعيا للكثير من الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والصحية، والذي هدف لتنظيم العلاقة بين أطراف الإنتاج الثلاثة -الموظفين وأصحاب العمل والحكومة- وتحديد حقوق وواجبات كل منهم، وبما يدل على الاهتمام السامي لمولانا حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- بتنظيم سوق العمل والسير بالبلاد إلى تحقق تطلعات المواطن والمقيم؛ من خلال مواد القانون التي حفظت للعامل حقوقه وأعطت أصحاب العمل خارطة طريق؛ من خلالها يُمكنه السير نحو مستقبل آمنٍ بعيد عن كل ما قد يؤدي لأي معوقات اقتصادية. وأضاف أنَّ القانون الجديد غلّب المصلحة العامة التي من المعول عليها أنْ تخلق توازناً في السوق وتعزز الاستثمار وتحسن بيئة العمل من خلال وضع تشريع واضح لدى أطراف العمل والإنتاج يمكن من خلاله السير نحو عمان الغد وفق رؤية 2040.

الدكتور عبدالله بن حمد الجساسي.jpg
 

وقال المحامي يونس بن علي بن حمد الراشدي: يعدُّ صدور قانون العمل الجديد بمثابة إضافة لجهود سلطنة عُمان نحو تحسين الظروف العملية، وتعزيز حقوق العمال، فالقانون الجديد لم يأخذ في الاعتبار فقط حقوق العامل باعتباره عاملاً، بل شمل أيضاً حقوق أسرة العامل، والتي تتأثر بواقع عمل العامل في سوق العمل؛ حيث يهدف القانون إلى "تحديث إطار العمل وتنظيم العلاقات بين أصحاب العمل والعمال"، مما يشكل خطوة هامة نحو تعزيز الاستقرار الاقتصادي، والاجتماعي في البلاد، وإيجاد حالة من التوازن بين طرفي العلاقة، كما أنه جاء متواكباً مع التطور الجديد، في مجال العمل المصاحب لتطبيق التكنولوجيا الجديدة في ممارسة طرق العمل، والتي يطلع عليها العمل عن بعد.

الاستاذ المحامي يونس الراشدي.JPG
 

وفيما يتعلق بالأحكام العامة للقانون، قال الراشدي: رسم القانون الجديد العديد من الأحكام العامة منها ما يلامس ممارسة الدولة لسيادتها الداخلية، والمتمثلة في فرض استخدام اللغة العربية في اللوائح، والقرارات، والتعاميم التي يصدرها صاحب العمل لِعماله، مع اعتماد الحجية للنص المحرر باللغة العربية في حال صياغته بلغة أجنبية إلى جانب اللغة العربية، وهذا المبدأ يترجم نص المادة (3) من النظام الأساسي للدولة، والتي تنص على أن "لغة الدولة الرسمية اللغة العربية"، ومنها ما يلامس حقوق العامل والمتمثل في حظر فرض أي شكل من أشكال العمل القسري، أو الاحتفاظ بجواز سفر العامل، أو وثائقه الخاصة ملزماً في ذات الوقت صاحب العمل بتوفير الحد الأدنى من الحقوق المقررة للعامل في هذا القانون، ومقرراً بعدم قبول الاتفاق في حالة مخالفته للقانون إلا في الأحوال التي تحقق رخاء أكبر للعامل. ومتسلسلة، والتي كانت محل خلاف في التفسير، والتطبيق وفقا لأحكام قانون العمل السابق.

 

يحدُّ من إشكالية "التسريح"

من جانبه، قال المحامي عبدالرحمن بن حمدان بن سالم الزيدي: إنَّ ما شهدناه خلال السنوات الأخيرة من أحداث مأساوية تتمثل في تسريح العمال العمانيين بشكل متواتر، أدى لإحداث صخب واسع بين أوساط المجتمع المحلي؛ الأمر الذي بدأت معه المطالبات تكثر بشأن تعديل قانون العمل العماني -السابق- كونه لا يتناسب مع ما جرى من أحداث اقتصادية واجتماعية مؤخراً، ومع ما قد يستجد من أحداث في المستقبل؛ ذلك أن التسريح من العمل هو من أسوأ ما قد يواجه العامل؛ لأنه في ليلة وضحاها يفاجأ بإنهاء خدماته ويكون غير مستعد لتلقي مثل هذه الصدمة، وقد يكون المعيل الوحيد لأسرته، وهنا تتفاقم المشكلة ويكبر معها حجم الضرر. وأوضح الزيدي: بالاطلاع على قانون العمل العماني الجديد أرى أنه جاء مواكباً مع ما يحتاجه العمال العمانيون سواء من ناحية ضمان استمرارية خدمتهم ومنع التسريح العشوائي والفصل التعسفي أو من ناحية الامتيازات في الإجازات، وفي غير ذلك. الأمر الذي أعتقد معه أن هذا القانون سيحقق نقلة نوعية كبيرة لا سيما أنه جاء ليعالج مشكلة اجتماعية خطيرة.

الاستاذ  المحامي عبدالرحمن بن حمدان بن سالم الزيدي.jpg
 

وأضاف الزيدي: من وجهة نظري المتواضعة كمحامِ، أُشيد جداً بما وضعه المشرع العماني من نصوص قانونية في القانون الجديد لأنها نصوص قوية وتكاد تكون أقوى من تلك التي وردت في قانون العمل السابق؛ مما يعني أنَّ هذا القانون سيحقق -وبلا شك- مطالب العمال العمانيين، وسيوفر لهم الحماية اللازمة التي تكفل لهم ضمان استمرارية خدمتهم مع صاحب العمل، وضمان حصولهم على حقوقهم الوظيفية الأخرى التي أقرها القانون لهم .

وقال المحامي يوسف بن أحمد بن جمعة البلوشي: إنَّ صدور قانون العمل الجديد يعكس التطور الذي تشهده سلطنة عمان في العديد من المجالات، والتي من بينها المجال التشريعي القانوني، حيث جاء القانون مواكبا لمتطلبات المرحلة المقبلة من العمل الوطني والظروف الاجتماعية والاقتصادية والتنموية، وأيضا يتماشى مع المتطلبات الدولية فيما يخص الرعاية العمالية والأجور وأيضا أطراف العمل الثلاثة.

الاستاذ المحامي يوسف بن احمد بن جمعة البلوشي.JPG
 

وأضاف البلوشي: أصبح الاقتصاد الآن عصب المجتمعات الحديثة؛ وبالتالي فإنَّ المحافظة عليه تخدم تطلعات الشعوب والدول؛ حيث أتى القانون الجديد مواكبًا لجهود السلطنة لتطوير المنظومة العمالية، فخلال السنوات العشر الماضية صدرت العديد من القرارات المهمة فيما يخص تعديل القانون، ليأتي قانون العمل الجديد مواكبًا وبشكل أساسي لرؤية "عمان 2040"، التي تطلع للمزاحمة على مصاف الدول المتقدمة، وبلا أدنى شك، فإنَّ قطاع العمل بموجب التعديل الجديد -الذي جاء في مواد القانون- سوف يضمن المرونة الكافية لسوق العمل، ويُسهم في تعزيز دور العمالة الوطنية؛ حيث إن التعديل الأخير فى المواد القانونية رُوِعي فيه تعزيز نسبة مشاركة العمالة الوطنية من خلال ما تم استحداثه وتعديله في بعض المواد.

تعليق عبر الفيس بوك