كن أنيقاً في كل شيء.. حتى في الوجع

 

 

د. قاسم بن محمد الصالحي

في الغالب الأعم، نجدنا نتعامل مع القضايا المعولمة وتحولاتها الاجتماعية الحديثة، كأننا ذوو اختصاص وأصحاب حلول، ونقدم رؤى وتحليلات للتحديات التي تواجه مجتمعنا، ثم نسعى إلى إبراز الآثار الاجتماعية والثقافية لتلك التحولات بطريقتنا الخاصة، مُستخدمين محتويات متعددة، عبر "ما سُمِّي بالتواصل الاجتماعي"، نطرحها إما سرداً او ورواية، وتارة شعراً أو أسلوباً درامياً، مقصدنا تسليط الضوء على قضية نتبناها فرادا وجمعانا، ونركز في المحتوى على عدالة تبنينا للموضوع، معتبرين أسلوبنا في الطرح هو الوحيد وإلهام للتفاعل مع تلك القضية أو القصة وما فيها من تحولات، أو ان طريقة طرحنا هو الفاعل والمفيد للتعامل مع تلك القضية أو القصة.

كما أنَّ معظمنا يعتبر أن قدرته على التوقع في كيف سيكون رد فعل الآخرين والتفكير والسلوك في التفاعلات الاجتماعية أمراً مفروغاً منه، دون الإدراك بأن الواقع غالبًا ما يكون مليئًا بحواجز اجتماعية لأي طرح في قضية أو قصة ما تهم عموم الناس وتلامس حياتهم، أضف إلى جانب ذلك صعوبة التنبؤ بتصرفات الآخرين؛ الأمر الذي يؤدي أحيانًا للخوف أو سلوك غير منتظم.

حيث من الصعوبة بمكان أنْ نستبدل التقدير الواقعي من أفراد المجتمع، ليحل بدلاً منه علامات الإعجاب وعدد المتابعين على المواقع الإلكترونية الذين لم نلتق بهم على الإطلاق بشكل شخصي؛ لذا فإنَّ الأمر يستدعي تجنب الانجذاب الخطير للمقارنات والتقييم على مواقع التواصل الاجتماعي، فواقعنا الاجتماعي في غالبه يسوده الاستقرار -يغبطنا عليه الآخرون- وليس كل شيء فيه يجوز أن يطرح رقميا رغم الاعتقاد الشائع بأننا أكثر سعادة بوجود الإنترنت، بل لحياتنا المجتمعية الواقعية نكهة خاصة، فيها شوق إلى عصر لم توجد فيه التقنيات الرقمية، وإلى مجتمع قائم على تواصل حقيقي بعيداً عن العالم الافتراضي، الذي بات يبعد الناس عن واقعهم الذي يعيشون فيه.

لقد أصبحت صناعة الواقع الافتراضي  مجالاً مثيراً للاهتمام بما يتعلق بحياتنا المجتمعية، فينظر من قبل بعضنا على أنها فرصة لتطوير ثقافة مجتمعية أكثر شمولاً، والحقيقة أنَّ غالباً ما تتم صناعة تجارب الواقع الحقيقي والقصص حول أخذ المتلقي "داخل القصة" وتهيئة بيئة تسمح له بتجربة شيء قد لا يكون قادراً على الوصول إليه عادة، فعلينا أنْ نعلم أن صناعة المحتوى تحتاج إلى أمور لابد أن تتحقق في صُنَّاعها، ولعل الطموح والرغبة ووجود الدافع والشغف من أهم ما يدفعنا لطريق النجاح، نعم لا ننكر أن العالم الافتراضي غامر عندما تكون تجربته في عالم حقيقي، يمكننا فيه أن نمشي أو نركض بسرعات متفاوتة؛ بحيث لا نشعر كما لو أننا غادرنا المكان الذي نقف فيه، أنيقين في كل شيء، فيكون انتقالنا من حركة المشي إلى وضعية الركض تغييرًا متوقعًا أو متوقعًا، فيتيح لنا الوقت للتحضير، لا نسمح بإنشاء طرق سهلة لإبتداع قضايا او قصص لتغييرات محددة في واقعنا الحقيقي.

تعليق عبر الفيس بوك