مؤيد الزعبي
حرائق غابات في كل مكان في العالم، تغيرات بيئية بات من الواجب إيجاد حلولاً لها، ارتفاع درجات الحرارة في الكثير من مدن العالم، احتباس حراري وموجات حر غير مسبوقة، والقائمة تطول من الأخبار والأحداث التي بتنا نشهدها خلال السنوات الماضية والمتعلقة بالبيئة والتغير المناخي؛ ولكن عزيزي القارئ هل فكرت كيف سيكون الذكاء الاصطناعي هو سلاحنا لمواجهة كل هذه المخاطر؟ وكيف سنستفيد من هذه التقنيات لنتجنب الكوارث الطبيعية القادمة؟ في هذا الطرح سوف استعرض معك عزيزي كيف للذكاء الاصطناعي أن يكون طوق النجاة للبشرية في مواجهة أخطر الأخطار التي نواجهها.
للوهلة الأولى قد يخطر ببالك أن الذكاء الاصطناعي سيكون مُفيدًا لنا كبشرية كونه قادرًا على توفير معلومات وبيانات وتحليلات نستطيع استخدامها لبناء قراراتنا القادمة، وهذا صحيح فالذكاء الاصطناعي يمكن أن يقدم بيانات تفصيلية أو مؤشرات دقيقة للكثير من الأمور المتعلقة بالبيئة فيمكنه قياس درجات التلوث في المدن والدول، ويمكنه مراقبة درجات الحرارة والمتغيرات التي تحدث بشكل متسارع والتنبؤ بمستقبل هذه المشكلة، ويمكنه أيضاً دراسة تأثيرات ارتفاع درجات الحرارة على الكثير من القطاعات مثل الزراعة والصناعة والبيئة الاجتماعية، وغيرها من القطاعات والمجالات، ولكن سوف نظلم الذكاء الاصطناعي لو تم استخدامه فقط لتحليل وجمع البيانات بينما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يولد لنا محاكاة شبه حقيقية لشكل حياتنا في قادم السنوات لو استمررنا كبشر في استنزاف مواردنا البيئية أو تخريبها، وهذا سيجعلنا نرى الصورة بشكل أوضح وأعمق.
تخيل معي أن يتم إيجاد نظام ذكاء اصطناعي عالمي ينظم عمليات استخدام الطاقة وينظم عمليات الطلب العالمي على الطاقة ومعالجة المشاكل التي تحدث في أسواق الطاقة، وتخيل أن يتم استخدام تقنيات التعلم الآلي ليتعلم النظام كيفية توليد الطاقة أو الحصول عليها بكفاءة عالية، وتقديم حلول لكيفية التحول للطاقة المستدامة حينها لن يساعدنا ذلك في معالجة أثار استخدام الطاقة على المناخ فقط، بل سيقدم لنا حلولا عملية لكيفية التحول الأخضر دون الإضرار بمصالح الدول والشعوب طالما أن النظام يقدم حلول عادلة للجميع دون سيطرة دولة أو جهة على قطاع مؤثر مثل قطاع الطاقة.
من خلال استخدام أنظمة إنترنت الأشياء وربط الجمادات والأجهزة بمستشعرات خاصة، يمكننا قياس كفاءتها وكفاءة استخدامها للطاقة، وما هي الطرق أو الحلول للوصول للاستخدام الأمثل للطاقة؟ فتخيل أن يتم تصميم المباني بناء على بيانات محددة عن البيئة الخارجية للمبنى ويتم إدارة الطاقة بداخله بنظام ذكي يستطيع توفير الطاقة ويضمن استخدامها بشكل مثالي وتقديم تقارير دقيقة عن حجم الاستهلاك داخل المبنى، ويتم ذلك أيضاً في الأجهزة المنزلية والصناعية ووسائل النقل من سيارات وطائرات لضمان أن يتم ربط جميع هذه المكونات ضمن أنظمة مراقبة دقيقة تقدم لنا الحلول لتقليل استخدام الطاقة.
أيضاً يمكن للذكاء الاصطناعي أن يراقب جودة المياه والهواء ويمكنه معالجة حالات التلوث إن وجدها عن طريق ربطه بأجهزة تنقية الهواء أو الأنظمة المتخصصة بمعالجة جودة المياه، وهذا سيساعدنا كأفراد وحتى كدول وحكومات في معرفة جودة البيئة من حولنا وتأثير ذلك على صحة الإنسان والحيوان وحتى النباتات، ويمكنه مرقبة وتتبع مصادر التلوث وإصدار تحذيرات مباشرة قبل وقوع الكارثة.
ومن خلال الأقمار الصناعية، يمكن للذكاء الاصطناعي مراقبة كل ما يحدث على سطح الأرض والمتغيرات البيئية التي تطرأ، ويمكنه مراقبة الغطاء الأخضر وعمليات استنزاف الغابات وقطع أشجارها بحث يمكننا السيطرة على مثل هذه المشاكل التي تؤثر سلباً على جودة الحياة البيئية، ويستطيع تقديم حلولاً لكيفية زيادة الرقعة الخضراء للمدن والدول بحيث تعادل الانبعاثات الكربونية الناتجة، وليس هذا فقط بل يمكن لهذه الأنظمة مراقبة الثروات الحيوانية ودورة الحياة البيئية للحشرات والزواحف وغيرها من الأمور التي تؤثر بشكل أو بأخر على البيئة، وأيضاً يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتنبأ بأوبئة وأماكن انتشار الفيروسات والبكتيريا، وهذا سيساعدنا على حماية حياتنا وحياة الأحياء البرية والبحرية من حولنا.
أيضاً يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون وسيلتنا لتقليل البصمة الكربونية في المدن فبعد أن يتم بناء أنظمة المدن الذكية ستقلل بشكل كبير تنقلاتنا واستخدامنا لوسائل نقل غير مستدامة، وأيضاً ستقلل من استخدام منشآت كبيرة لتسيير أعمالنا والاستغناء عنها بمنشآت أصغر وأكثر ذكاء بحث يوفر كل هذا الطاقة المستخدمة ويقلل من الانبعاثات وبهذا نحافظ على البيئة.
مهما كان خيالنا أوسع كلما وصلنا لطرق ونماذج وتطورات لكيفية استخدام الذكاء الاصطناعي كسلاح لمواجهة المشاكل البيئية وهذا ما علينا أن نعمده ونستغله في قادم الأيام فليس أمامنا إلا هذه النافذة لتكون طريقنا لمنع حدوث كوارث طبيعية لا يمكننا السيطرة عليها.
* المنسق الإعلامي ومنتج الأخبار لصالح مجموعة الصين للإعلام الشرق الأوسط