إجازة عالمية للهدوء

 

 

أنيسة الهوتية

أتساءل: هل فعلاً أصبح اليوم أقصر؟ والوقت يَركض رَكضاً وهو غير مضطر؟! فقد أصبح وكأنه منقوص المكيال عن 24 ساعة! وَالمعتَقد حاليا أنه يمر فيِ زمن مقدر بِـ21 ساعةٍ و43 دقيقةٍ و7 ثوانٍ، أي أن هناك ساعتين و16 دقيقةٍ و53 ثانية ضائعة مِن مِقياسِ مِقدارِ اليَومِ الواحدِ عَما كان عليه في مقياسهِ الزمني السابق منذ تأسيسِ التقويم الميلادي الروماني مع بداية تأسيس روما العام 753م.

هذا ما توصلت إليه الأبحاث الإسطرلابية للفينيق الأبيض (الفاتيكان) والتي تتسرب رغم إجرائها سريًّا! ولن يعلن عنها رسمياً لأنه سيتسبب بالهلعِ للبشريةِ جمعاء، أكثر من تسريب خبر الفطريات الجديدة التي ستنتشر خلال الأعوام القادمة كوباء يغلق أبواب الكرة الأرضية للمرة الثانية بعد فشل فيروس كورونا وإقالته من المهمة المستحيلة، فغيابَ ما يُقاربُ 33 يَوماً مِن العامِ الميلادي لَن يكون مُستساغاً كاستساغةِ الأنواع الجديدة من الأمراض لبيع اللقاح! خاصةً وأن ظاهرة تعاقب الليل والنهار مستمرة بشكل طبيعي كَما يُرى للإنسانِ حِسيًّا.

فالظاهرة تتعلق بدوران الأرض حول نفسها، ثم حول الشمس ودوران القمر حول نفسه وحول الأرض، ولكن تسارع هذا الدوران أدى إلى إنهاءِ الدورةِ المطلوبةِ مِن الأرضِ، وتزامن القمر مع ذات السرعة في أقلِ فترةٍ زمنيةِ عن السابق، وَكأنَ الأرض تتحدى نفسها وتكسب التحدي كل عامٍ بكسر ثوانٍ مُذ يومِ نشأتها حتى وصلت إلى هذا الإنجازِ الرائعِ لها والمزعج لنا.

وعلى ما يبدو أنَّ الحل الوحيد للتخفيفِ من سرعة الأرض حتى تُسترجع الثواني والدقائق والساعات المفقودةِ إلى مكانها، ويعودَ اليوم بقيمته السابقة بمقدار 24 ساعة هو تجميد البشرية عن الحركة والنمو والتطور؛ فالبشر هم المؤثرون على حركة الأرضِ وسرعتها؛ فكلما تسارعت إنجازاتهم، تأثرت الأرضُ بهم وتسارعت إنجازاتها، لذلك سيتم قريباً الإعلان عن إجازة عالمية للهدوء والركود يتم فيها توقيف جميع الخدمات المتطورة لـ24 ساعةٍ فقط لا كهرباء، لا إنترنت، لا طائرات، لا سيارات، لا اتصالات، لا تكنولوجيا...إلخ، لربما من الأمم المتحدةِ أو من داخل أسوار مملكة الفينيق الأبيض.

وندخل إلى أسوارِ الأنفس البشرية التي بِلا شكَ كانت وما زالت تعاني الضرر بسبب سرعة الحياة، فالركض المستمر دون استراحة مُتعبٌ للجسد البشري وإن لم يكن يحمل ثُقلاً، أما من يحمله فإنهُ بِلا شَك لن يعاني التعب فقط بَل كذلك الإصابات الرياضية الصعبة والتمزقات العضلية ولربما التجلطات الدموية وغيرها الكثير.

والإنسانُ مضطر ألا يبتعد عن مسؤولياته الحياتية الأشبهِ بمباراةٍ رياضية كثيرة الأشواطِ اللا مُنتهية حتى لا يتهم بالجبن والخوف من مواجهة الضغوطات النفسية المعرضة للإصابات والتمزقات العضلية الذهنية والفكرية والعاطفية التي لا تصيب الرياضي الممارس للإحماء.

فلنركز هُنا "الإحماء".. هو الحل الوحيد لتسهيلِ صعابِ التحديات والممارسةِ عليها لإنهاء المسؤوليات ومهام الـ24 ساعة خلال 20 ساعة حتى لا ينتهي اليوم وفي جعبتنا متبقيات مِنها تبقى كحجر عثرةٍ لابتداءِ اليوم الجديد.

والإحماءَ النفسي ضروري كالجسدي ويجب أن يرتبط بالتفاؤل، والأمل، وتنفس الطاقة الإيجابية المُطلقة بِمُكافأةِ الذاتِ عن طريقِ أساليب حياتية تكونُ سبباً للتشافي، والتعافي، والتجدد المستمر خاصةً باستخدامِ أهم الحواس والتي هي الشَم من أول المؤثرات الحسية لإشباعِ النفس ودعمها للحصول على الراحة والاسترخاء وأيضاً إدخالها في صناديقِ الاطمئنانِ من خلال استخدام روائح من الذاكرة القديمة المرتبطة بالطفولة وغيرها من روائح الخبز، والقهوة، والبخور مما يرتبط بنقطة التشافي والتعافي المتخصصة لتلك النفس، وكذلك مكافأتها في ممارسة الإحماء باستحضار الروائح الجديدة إلى الذاكرة كتجديد العطر الشخصي شهرياً، بإضافةِ رائحة جديدة تحت مسمى وشعور الشهر الذي تستقبله بتصور إيجابي.