رصيد العلاقات لا ينفد

 

أمينة أحمد

العلاقات الطبية تترك أثرها الطيب في كل مكان وزمان ومع كل الأشخاص؛ فالطيبة والعطاء اللامشروط عند أهل الخير في البيئة الشامية، والذي يجعلهم مضرب المثل للمحبة واللطافة فهناك من يشتهر بحنكته وطيب لسانه وعقلانيته في حل مشاكل أهل الحي، ولو أصابته مصيبة لا سمح الله لهب كل أهل ذلك الحي لإنقاذه أو مواساته أو الوقف بجنبه. كم شاهدنا بتلك المسلسلات مشاهد عن زعيم فقد أو ضاع ابنه وكيف شارك الجميع في إيجاده، هذا الزعيم بالحقيقة يمتلك الكثير في رصيد الإنسانية في علاقاته مع الآخرين، فكيف لنا برصيد علاقات طيب مُعطر لا ينفد ولا ينقطع منه الود على مر الأيام والسنين؟

الإنسان خُلِق على الفطرة السليمة المليئة بالإنسانية والتعاطف ونشر الحب لمن حوله واكتسابها ممن حوله وكلما تقدم بنا العمر نزيد هذا المخزون بالمواقف والأفعال والأقوال النافعة أو اللطيفة وربما المعبرة عن فطرتنا وبطبيعة الحال نختلف عن من حولنا بمواقف حياتية بعضنا يظنها تقصير من الآخر ومرات ترتقي لمرتبة الخيانة أو الخزلان في قاموس علاقاتنا بينما يراها الآخر أمورًا بسيطة لا تستحق الوقوف عندها. بعيدا عن فهم الموقف على حقيقته من صاحب الأمر، وهنا بدل من أن نزيد هذا الرصيد والذي يعتبر زوادة العمر ومكافأة نهاية الخدمة العملية لحياتنا، نبدأ بتقليص العلاقات وبعدها نذهب لبتر تلك العلاقات والتي في أغلب الأحيان لا يجوز بترها كعلاقة الأخوة ببعض أو الأقارب وربما أصدقاء الطفولة.

ما يحدث هو عبارة عن تراكم لمواقف وردات أفعال نحن لم نفهمها أو نتجاهلها أو نرفضها لأنها لم تكن كما توقعنا أو أردنا، ولنشبه الأمر بذلك الجمل الذي نحمله أثقالنا وأحمالنا، ونزيد عليه بكونه سفينة الصحراء القادرة على التحمل دون عناء، وعند تحميل آخر حمل بالرغم من صغره نجد ذلك الجمل قد خرَّ ساقطاً ومبعثراً لكل الأحمال، وهنا نذكر المثل المعروف: "القشة التي قصمت ظهر البعير"، فالقشة ليست من زاد الحمل لكن تراكم الأحمال أودانا إلى تلك النتيجة السيئة.

وهكذا تمامًا رصيد علاقاتنا بالآخرين؛ حيث نجعل الأخطاء وربما سوء الفهم وعدم تقدير الأمور تتراكم في داخلنا، وهذا للاسف يحدث بين الزوج وزوجته وبين الأخ وأخوه، وهو أكثر ما يؤلم على الإطلاق. تتراكم تلك الثغرات وتشتعل الأفكار في رأسنا ويوسوس لنا الشيطان بفعله المشين، حتى يصنع ذلك البركان الداخلي فينا، والذي ينفجر لأبسط الأمور ويجعلنا نقطع تلك العلاقات دون عودة.

ليس أحد منا بحاجة ليعرف كيف يزيد رصيد علاقاته الإنسانية، يكفي أن نلتمس لأخينا سبعين عذرا قبل الإطاحة بالعلاقة بيننا وبينه، لكن ما هو الحل؟ كيف لا ينفذ ذلك الرصيد الذي جمعناه في سنوات طويلة؟

الحل في المواجهة والنقاش لو استأت من أخيك أو صديقك، فعليك أن تعاتبه فالعتاب يحمل بين طياته المحبة لنوع الخلاف، عتاب ودود وإيضاح المواقف يلغي اللغط في أفكارنا، حادثه، حاوره، ناقشه، عاتبه، لكن لا تخسره ربما كان على خطأ فيعتذر منك أو كنت على خطأ فستبين له وتصحح الخطأ.

رصيد العلاقات الإنسانية كنز ثمن نحتاجه في مرضنا وفي حزننا وفرحنا، نحتاجه في صباحاتنا الجميلة وأيامنا الطويلة بالعمل، يلزمنا لنقوي بعضنا البعض في متاهات الحياة التي تخدعنا في كثير من الأوقات.

الإنسانية على المحك في علاقتنا، فلكما كانت البوصلة في تصرفاتنا زاد ذلك الرصيد الذي لا يقدر بثمن.

تعليق عبر الفيس بوك