الحب الحقيقي لا يقتل ولا يذل

لينا الموسوي

"الحب الحقيقي لا يقتل ولا يذل".. جملة تحتضن 3 كلمات، أخذتني بعيدا لأفكر فيها بعمق، وأسأل: ماذا لو نفهم مضمونها لنحتويها أو نحذر مخاطرها؟!.. كلمات بمحتواها كونت أسرا وحطمت بشرا.

كلمة الحب الحقيقي الذي  لم يعد يفهم إلا عن طريق الكتابة والصور والأغاني التي أفقدت معنى الحب الحقيقي، فما هو مفهوم الحب الحقيقي الذي يشعر به الفرد تجاه محيطه سواء كان حبه للبلد الذي يعيش فيه أم للمسكن الذي يسكن فيه أم للمجتمع؟.

بدأت تتلاشى معاني الحب الحقيقية لتتحول إلى أرقام مصرفية وصور فوتوغرافية ورموز في منصات اجتماعية، لكن معاني الحب يجب أن  تنمو  بين الأفراد  بالتعاون والتفاهم  والاحترام والمواقف الجميلة لتكوين علاقات اجتماعية صادقة.

فالحب الحقيقي للعمل يتكون من الشعور بالراحة والمسؤولية، وحب الأرض يكبر عبر الشعور بالاستقرار والأمان والانتماء للمكان، وحب الأفراد يكبر بالمودة والتفاهم والتضحية.

إذا عدنا إلى الزمن الماضي الذي يسميه البعض بالزمن الجميل، كان البناء المجتمعي تدريجيا عميقا مبنيا على قيم وأسس منظمة، لها أهميتها ومنطقها وكانت الأجيال تكبر وتتطور بتسلسل طبيعي منتظم فتتداخل وتتآلف فيما بينها لتنمو وتزدهر وتكون نسيجا اجتماعيا بسيطا في شكله عميقا في محتواه.

وبالتدريج.. بدأ تطور الأجيال يتحول إلى طفرات سريعة غير محسوسة، تاركة فراغات عميقة بين جيل وآخر فالأول يقف على أطلال الماضي رافعا أيادي الاستسلام، والآخر يقفز ويقفز متطلعا إلى الأمام راقصا بخطى خفيفة على طبول وكلام وتكنولوجيا وأحلام.

لقد اختلطت الأحلام وأصبحت الأجيال تحكم عواطفها بجهاز نقال، يقودها يمينا ويسارا، تقنيات صنعها الإنسان لخدمته لا إلى السيطرة عليه وعلى أسرته ومجتمعه وإنسانيته فيتحكم به ويصبح جزءا مهما من حياته وحياة أبنائه، فيكون بمثابة المربي والمعلم والقاتل والمتحكم، هذا الجهاز النقال الذي يتحكم في مشاعر وأحاسيس ومستقبل  الأجيال القادمة، يقضي على جماليتها المرئية الصادقة والعلاقات الاجتماعية المتينة، ويبرمج حرية الطفولة البريئة مستحوذا على العقول النظيفة.

ليس الخلل فيما أنتج الإنسان ليطور من حياته، لكن الخلل في سيطرة التكنولوجيا علينا، ولذلك علينا أن نتساءل: إلى أي اتجاه نسير وكيف نعيد صياغة تفكيرنا في ظل هذه التطورات؟

تعليق عبر الفيس بوك