"إجادة".. وضرورة تنشيط العناصر الخاملة

 

 

حمود بن علي الطوقي

تُشير الأرقام الرسمية لوزارة العمل إلى أنَّ عدد الجهات المطبقة لمنظومة "إجادة" بلغ حتى الآن 67 جهة، وبلغ عدد الموظفين المسجلين في المنظومة أكثر من 230 ألف موظف، وهذه الأرقام تدلل على أنَّ هناك رغبة وقابلية من قبل الجميع في تحسين بيئة العمل والانتقال لمرحلة جديدة تعتمد على العدالة في تقييم أداء الموظف.

إنَّ منظومة "إجادة"، وكما يعلم الجميع، جاءت لتلبي متطلبات رؤية "عمان 2040، وهي في الوقت نفسه أحد متطلبات حوكمة الأداء، وجاء الإعلان عن تطبيق المنظومة خلال هذا الوقت لتفعيل مبادئ المحاسبة والعدالة التي يشترك فيها كل المسؤولين والموظفين في الجهاز الإداري للدولة لمختلف المؤسسات.

وهذه المنظومة الجديدة جاءتْ لتقدم رؤية جديدة لتجويد وتحسين بيئة العمل الحكومي، وهذا التوجه سوف يُسهم في تشجيع الموظفين للتنافس فيما بينهم للحصول على الامتيازات والترقيات والمكافآت التشجيعية، وهذا في تقديري أساس "العدالة"؛ حيث تتم مكافأة الموظف المتميز وصناعة قدوات أمام المتخاذلين والمتكاسلين للانتقال إلى مرحلة أفضل في السنوات اللاحقة. فالحكومة الرشيدة لا تألو جهدا في وضع خطط وسياسات لصقل قدرات الموظفين وتدريبهم؛ بهدف رفع قدراتهم وكفاءتهم الوظيفية بُغية الوصول لجودة العمل وهذا أحد المتطلبات الرئيسية التي تنشدها منظومة إجادة.

وكمتابع لهذه المنظومة، أجزم بأنَّ هناك تحديات ستلازم المنظومة، وسيتطلب الأمر من وقت لآخر مراجعتها وتطويرها حتى تحقق الأهداف المنشودة؛ فلابد أنْ نُؤمن بأن تغيير الثقافة يتطلب صبرًا وتحملًا، خاصة إذا كان التغيير ينطوي على متطلبات تقييم للأداء وانتقال سلس من ثقافة المساواة إلى ثقافة العدالة.

وفي تقديري أنَّ تطبيق منظومة "إجادة" سوف يقضي تمامًا على الوظائف المتكدسة، والتي أفرزت مع مرور الوقت ما يمكن أن نسميه بـ"الترهّل الإداري"، وهذه المنظومة سوف تحارب وتقضي على هذه الظاهرة، والتي نتج بسببها نوع من البطالة المقنَّعة داخل مؤسساتنا الحكومية. وعليه، ولتجنب هذه المشكلة، أتقدم بهذا المقترح لعلاج "ظاهرة الترهل" باعتماد فكرة الانتداب بين الموظفين؛ بحيث يزيد الموظف المنتدب إلى وزارة أخرى خبرته ومهاراته، ويحتك بزملاء آخرين في سياقات وظيفية جديدة، مع احتفاظه براتبه الطبيعي الكامل الذي يتسلمه من جهة عمله الثابتة والأساسية، وهذا كفيل برفع جودة العمل وتشجيع الموظف على التميز وفق متطلبات المنظومة الجديدة.

كما أنه من الضروري ونحن نتحدث عن منظومة "إجادة" أن نفهم أنَّ الحكومة جهة تستثمر في الموظف، من خلال فكرة تقوية مهاراته وزيادة قدراته الأدائية وتنويع مهامه الوظيفية، وهذا لن يتحقق إلا بجعل بعض القوانين قائمة على ثقافة العدالة وليس المساواة.

رُبما من الضروري  -ونحن نتحدث عن الكفاءات الإدارية- أيضًا أن يتم من خلال منظومة إجادة رسم مسارات جديدة نحو إعادة توجيه الطاقات، وتنشيط العناصر الخاملة في المؤسسات الحكومية، وتقليص مستويات الترهُّل العددي، وتحسين المستويات الأدائية للمعاملات الحكومية، على الأقل من خلال قياس النتائج وانعكاسها على الأداء المؤسسي الحكومي ذاته.

ويُمكننا في هذا الصدد أن نُجزم بأن مرحلة التوظيف مستقبلاً ستكون مبنية على الانتقاء في الوظائف القادرة على تحقيق متطلبات منظومة إجادة، وعلى الحكومة أن ترسم خارطة طريق تكون واضحة للجميع، بأنَّ "إجادة" قائمة على الشفافية، وأن تراعي كل الأحكام والتشريعات أن تكون متطلبات تطبيق المنظومة ممكنة وقابلة للتنفيذ؛ من أجل تحقيق العدالة بين الموظفين في الجهاز الإداري للدولة.