د. صالح الفهدي
فرنسا التي حلَّت رباط الأسرة، وأفسدت الفطرة الإنسانية، وعينت سفيراً لترويج المثلية القذرة، وأضاعت الشرف على لسان الفيلسوف الفرنسي ميشيل أونفراي حين أشاد بالمسلمين على البرنامج الفرنسي الشهير (Face à l’Info) على قناة (CNews) مع الصحفي والكاتب إريك زمور قائلاً: "بأن المسلمين لديهم أخلاقيات وشرف، أما نحن فقد فقدنا الشرف".
فرنسا التي ساندت الانحلال العارم للقيم الأخلاقية، ومزقت العلاقات الأسرية السوية، وجرمت التربية السليمة التي تتوسل التنشئة وفق الفطرة الإنسانية المستقيمة، ها هي فرنسا تناشد اليوم الآباء لضبط أبنائهم ومنعهم من المشاركة في الاحتجاجات وتفرض عليهم الغرامات، وتهددهم بالسجن إن لم يقوموا بواجبهم لمنع أبنائهم من المشاركة في الاحتجاجات!
تناقضات مخزية تتبعها فرنسا، والغرب المنحدر أخلاقيا في مناشدة الأسرة لإظهار الحزم الذي جرمته في الأصل قوانينها، وأوهته أنظمتها، وأضاعته سياساتها، فجعلت الاعتراف بالميول الجنسية حقاً لا يسمح للوالدين أن يمنعاه، ولا أن يبديا مجرد وجهة نظرهما إزاء شناءته ودناءته، ثم تأتي بعد الحرب الأخلاقية المشينة على تربية الوالدين السوية تناشدهم ليضبطوا سلوكيات أبنائهم، ويمنعوهم من المشاركة في الاحتجاجات!
ما الذي ذكَّر فرنسا بالوالدين، وسُلطتهم التي يفترض أن تكون مدعومة بقوة في الأصل من الدولة لتهذيب الأخلاق، وتقويم السلوكيات، وتأديب النشء؟! ما الذي ذكَّرها بواجب الوالدين وهي التي أخرست ألسنتهم من أن تنطق معترضة على سياستها الأخلاقية المنحلة التي لم تكتف بالخيارات وإنما بالإكراه على تبني السياسة التي تفرضها القوى التي تقف وراء الترويج للمثلية في العالم بدءاً من غرسها في العقول الطرية التي لا تعي ما هو الأصلح لها؟ كيف تخول لنفسها أن تفرض الغرامات على الوالدين وتهددهم بالسجن وهي التي لم تكف أياديهم فحسب بل وكبلتها بالقيود كي لا تضبط أخلاقيات أبنائها، ولا تقوم سلوكاتهم المنحرفة؟
استذكرتْ فرنسا دور الأسرة في تقويم سلوك الأبناء ولم تكن قد نسيته، لكنها حاربته لتعلي سياساتها المنحرفة التي تبناها الغرب المنقرض شيئاً فشيئاً كما ذكر ذلك بوكانن في كتابه "موت الغرب"، ومن المؤسف أنهم لا يعون أنهم ينقرضون بفعل رذائلهم الأخلاقية، وتقلص نسبة سكانهم لعدم الإنجاب الناتج من دمار الأسرة، وزواج الجنس الواحد!
ثم إنَّ فرنسا تقول عن نفسها إنها دولة ديمقراطية، وهي تحارب من أجل نصرة الديمقراطية ظاهرياً دون أن تذكر ماضيها الاستعماري الأسود، بينما تمارس شرطتها العنصرية ضد سكان الضواحي التي تشكل 7% من مجموع سكانها وتعاني الفقر والبطالة ونقص الخدمات!! وفرنسا التي تتدخل باسم "المجتمع الدولي" رفضت نصيحة الأمم المتحدة لها بالقضاء على العنصرية المتشعبة في شرطتها نحو ما يقارب الخمسة ملايين من سكان التراب الفرنسي، فكيف لدولة كفرنسا أن تدعي الديمقراطية وهي تمارس ذات السياسات العنصرية والقمعية التي تنتقدها في الدول الأخرى؟!
تناقضات غريبة بل ومُخزية تبعث على الاستهجان تقع فيها فرنسا والغرب، وقد أصبحت واضحةً للعيان، لا تحتاج إلى دليل ولا برهان، يقول الفيلسوف الفرنسي رينيه جينو -الذي سمَّى نفسه بعد إسلامه عبدالواحد يحيى: "لقد ابتعدت أوروبا عن طريق الله فغرقت في الانحلال والدمار الأخلاقي والإلحاد، ولولا علماء الإسلام لظل الغربيون في دياجير الجهل والظلام"، وعزاؤنا فيما يحدث من انحلال في أوروبا هو التفاؤل بأن شمس الإسلام ستشرق فيها كما تتنبأ بذلك الصحفية الهولندية ناصرة زهرمان التي اعتنقت الإسلام؛ إذ تقول: "إنَّ أوروبا ستعتنق الإسلام عن دراسة وفهم وتحقيق وعلم ثم تشرق شمس الإسلام من الغرب الأوروبي إلى المشرق العربي الإسلامي".