يوسف عوض العازمي
@alzmi1969
"لم يعد هناك مجال لهدر الجهد والوقت والإمكانات في صراعات وتصفية حسابات وافتعال أزمات وممارسات غير مسؤولة باتت محل استياء وعقبة أمام الإنجازات". الشيخ مشعل الأحمد الصباح.
******
عقدت في يوم الثلاثاء الماضي الموافق العشرين من يونيو الجلسة الافتتاحية لدور الانعقاد الجديد لمجلس الأمة، وأناب سمو الأمير الشيخ نواف الأحمد أخيه ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد لحضور الجلسة ورعاية افتتاح دور الانعقاد الجديد، وكعادة الجلسات الافتتاحية جرت المراسم الرسمية، وبعدها جرت انتخابات مكتب المجلس؛ حيث تبوأ الرئاسة النائب أحمد السعدون، وفاز بمنصب نائب الرئيس النائب محمد المطير، والنائب مبارك الطشة بمنصب أمين السر، والنائب محمد الحويلة بمنصب مراقب المجلس، وكانت المناصب السابقة كلها بالتزكية عدا منصب نائب الرئيس؛ حيث حصل عليه النائب محمد المطير بالانتخاب بعد منافسة ليست صعبة مع زميله النائب مرزوق الحبيني.
وبالطبع هذا الانعقاد بمناسبة انتهاء الانتخابات في السادس من يونيو الجاري؛ حيث حصل 50 عضوًا على شرف عضوية مجلس الأمة، وأيضاً حدثت أمور تم اعتبارها بداية مبكرة لتبيان ملامح الأمور، أهمها أن اجتماعًا موسعًا غير رسمي دعا إليه النائب محمد هايف في ديوانه، غاب عنه النائب عيسى الكندري الذي تم قبول عذره بحسب صاحب الدعوة، والنائب جنان بوشهري بسبب أنها امرأة ولأسباب مفهومة لم تحضر الاجتماع، والنائب مرزوق الغانم الذي لم توجه له دعوة بسبب خلاف سياسي بحسب صاحب الدعوة!
اجتماع هايف وبعده اجتماع آخر جمع النواب، يبدو أنه أسفر عن اتفاق لتزكية النائب أحمد السعدون لرئاسة مجلس الأمة، فيما يبدو لم يتم الاتفاق على تزكية منصب نائب الرئيس، وترك الأمر لأول اجتماع بقاعة عبدالله السالم.
بدأت جلسة الافتتاح ورأسها رئيس السن النائب مرزوق الحبيني، وكان لافتًا الاستقبال الحافل لسمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، ولقاءه الأبوي مع النواب بعد الجلسة البروتوكولية وملاطفته لهم وتوجيهاته السديدة من أجل عمل أفضل، وبعد ذلك كانت أنظار الكثيرين تتوجس من تكرار سيناريو مجلس 2020، عندما اتفق اثنان وأربعون نائبًا على التصويت للنائب السابق بدر الحميدي، ثم حصل بعدها اختراق كبير؛ حيث فاز مرزوق الغانم بثلاثة وثلاثين صوتا مقابل ثمانية وعشرين للحميدي، وكان وقع المفاجأة قد ألقى بظلاله على سير أعمال المجلس آنذاك مما جعله لم يستمر طويلاً.
لذلك كانت عيون الكثيرين تتوجس أو قل تتوقع أن يرشح النائب مرزوق الغانم للرئاسة لمزاحمة السعدون. القضية والتوجس ليس بأن الغانم يستحق الرئاسة أم لا، فهو على أية حال مواطن كويتي وله الحق في خدمة بلده من أي موقع، إنما القضية هي معرفة مصداقية النواب فيما بينهم، ولكن المفاجأة كانت في مكان آخر؛ إذ فوجئ الغالبية من المتابعين للجلسة بإعلان النائب الشاب داود معرفي دخوله صراع المنافسة على الرئاسة، ولا شك هنا أن نظرية المؤامرة ستكون ضيفًا يملأ المكان، لكن المفاجأة لم تصمد سوى دقائق معدودة؛ حيث أقنع عدد من النواب أبرزهم النائب عبدالوهاب العيسى زميله معرفي بالتراجع عن خوض الرئاسة ومنافستها، يبدو أن الحكاية كانت للفت الأنظار ليس إلا، وهي حركة لا محل لها من الإعراب سياسيا؛ إذ كيف تترشح لمنصب هام بشكل مفاجئ ثم تتراجع بعد دقائق، يبدو أنَّ حماس الشباب كان المحرك الأكبر!
بعدها كانت منافسة الجلسة الرئيسية على اعتبار شبه الحسم لبقية المنافسات؛ إذ تقدم النائبان مرزوق الحبيني وزميله النائب محمد المطير للمنافسة بمنصب نائب الرئيس، وبعد تنافس شبه محسوم تقريبا بناء على النتيجة الصريحة فاز المطير بسهولة وبفارق مريح عن زميله الحبيني الذي يبدو أنه لم يستعد جيدا لهذه المنافسة!
من أبرز معطيات الجلسة أن النائب مرزوق الغانم وجه في مداخلة أثناء الجلسة انتقادًا شديدًا لتشكيل الحكومة وبالذات ناحية تعيين نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الشيخ أحمد الفهد، مما يوحي أو يمهد لتحركات قادمة ستكون متعبة للحكومة، وليس بعيدًا ان يستخدم النائب الغانم أدواته الدستورية في سبيل تحقيق ما يصبو إليه وراء انتقاد تعيين وزير الدفاع.
الأيام السياسية القادمة تبدو سخونتها مواكبه لسخونة شهر يونيو الحار جدًا، وأعتقد ستحاول الحكومة قدر الإمكان التعاون مع المجلس لإقرار عدد من القرارات الشعبية، وكذلك لمحاولة ترتيب حائط صد برلماني لمواجهة التحركات المتوقعة للمعارضة الجديدة التي ممكن جدا أن يكون النائب الغانم هو رأس الحربة بها، وهو الذي أعادت تحركاته تذكر ايام كتلة العمل الوطني و تهديد الرصاصات الخمس لحكومة ناصر المحمد آنذاك، وبعدها بسنوات قليلة كان الغانم هو بذاته رجل الحكومة في مجلس الأمة كما وصفه الكثيرون، وتلك الأيام نداولها بين الناس.
الأيام حبلى بكل جديد، وهذا ما تعودناه من العلاقة بين الحكومة والمجلس في الكويت؛ فالتنافس هو الأصل، وهنا أتمنى هدوء النفوس حتى يتعاون الجميع لما يهم الوطن والمواطن، الأيام تسير بوتيرة سريعة، والتاريخ في أحكامه لا يرحم.
تنويه بسيط..
يستأذنكم كاتب هذه السطور؛ حيث سيتوقف عن نشر المقالات حتى إشعار آخر، متمنيًا في هذه الأيام المباركة الخير والصحة والعافية للجميع.