الصورة المقلوبة

 

عائض الأحمد

يعشق الكثير منا الصوره المقلوبة، فلم تعد المائلة ترضي شطحات بعضهم، إن كنت من محبذي السير خلفهم ومن عشاق "المقلوبة" فاستمتع بصور كثيرة قد تروق لك في عصر الانفلات وأيام "الشقلبة".

ليس أكثرها غرابة من هيئات عالمية ومنظمات تسمى نفسها حقوقية وتنعت من خالفها بالتخلف والرجعية لمجرد أن أنكر قولا بأنها تكذب غالبًا وتسوق دائمًا لأفكارها المتعارضة مع حقوق البشر وحقوق احترام اختلاف المعتقدات، وسلوك الفطرة التي طغي عليها عبث، ديمقراطيات حقوق المنفلتين بصبغة المغفلين الجدد محاربي الأخلاق والفضيلة.

 ليس أغرب من زمان يظهر فيه كبير قومهم، واصفاً أمته بأنها أمة منحدرة فاسدة، ليس لشيء وإنما بغية البقاء على عرش هلامي وصل إليه وسيغادره بعد حين، وسط صرخات استهجان أخلاقي لم يعرها انتباهًا وهو يبلغ من الكبر عتيًا، فسحقًا لأخلاق ديمقراطيتك التي فضلت "البعرة على البعير" في "أدنى أحوال العرب وفي أسوأ أمثالهم تقال" وأخذت تسوق بذاءة أفكاره لكسب ريشة طائرة، في يوم ريح عاصف يتبعها أقوام بلا عقول فتأخذهم إلى هلاك أخلاقي لا محالة.

ليس من المنطق أن ترهن الأمم أخلاقها لتساير حفنة عفنة تستبيح الفطرة البشرية، وتجعل منهم حيوانات تسكن القصور وتعتلي المنابر وتظهر لنا صباح مساء متشدقة بمثاليات أقبحها هذا الظهور المخجل المثير للشفقة.

الآن أعد رأسك وعدل كتفيك وحدق جيدا كما أمرت فإن لم ترَ، فاجعل لك نصبا تذكاريا، أو اترك وصيتك في أعماق ظلمات بحر لجي، لعل أكثر القوم سفاهة يدركه، ويأتي تاريخ أمتك على نقطه فاصلة، بين ما يريد الناس الأسوياء وما يتمنى أصحاب الشطط السفهاء، حينها سيغمرك فزع جلبته لمن بعدك، وظهر مستنقع في نهاية الطريق جعلت منه مزارًا لفئة تعشق الوحل وتستحم به، فكلما أصابها طهر عادت لعهرها. هؤلاء لن يطيب لهم مقام دون رذيلة يصنعها أقلهم قيمة ويتصدرها منافح فاجر لكسب آنيٍ لن يلبث أن يتبرأ منه وقت الحاجة ليركب مطية أخرى في وقت آخر، وزمن تحدده مصالح أخرى، متى ما فقد بريقه، وتعالت نزعات شواذ قومه وخيبات صمت العقل والمنطق والأخلاق.

شيء من ذاته:

لم أعتقد أن كل هذا الحقد يأكل قلبك الأسود، حتى رأيتك تنحر ما بقي لك من أخلاق، فتخرج عقلك الصغير من باب غير بابك، ثم تندم على فعلتك.. اخرج من منزلي، وكأن هذا الجحر أكبر مأوى لأصغر حاقد عرفته.

ختامًا:

كلنا أبرياء نتساءل ماذا يحدث؟ عندما تسخر من نفسك وأنت تقف أمام مرآة أخلاقك.

يقول صديقي شمس الدين: عندما يتحول نهار الفقراء إلى سُمٍّ يتجرعوه في الليل، فما جدوى  هؤلاء "الأحرار"؟!