مدينة السلطان هيثم

 

إسماعيل بن شهاب البلوشي

 

على أفضل أوجه الزمن لم يلتقِ البقاء وجميل العمل على أكثر من البناء والمدن تحديدًا، فلنا في بلاد الرافدين من حضارة بابل ومدنها وأسماء ملوكها وحضارة الفراعنة ومعابدهم والأهرامات التي حفظت لآلاف السنين، أسماء من بناها، وبقي تاريخهم يحكي نمط حياتهم وبطولاتهم، وفي جانب آخر خلد آخرون تاريخهم مكتوبًا، وهذا ليس أقل أهمية، غير أن الفرق هو ذلك الشاهد المحسوس والمرئي من الجميع والمتوارث من جيل إلى جيل.

وليس ببعيد فإن آثار مرقد "بيبي مريم" في قلهات ليس أقل أهمية كي نُدرك أنه لولا ذلك البناء الصامد وإلى اليوم، لم يكن لأحد منَّا أن يكون على علم بتلك المرأة وستكون حتمًا في طي النسيان.

وكذلك فإن الحصون والقلاع مثال ومشهد يستحق أن يبقى وأن يذهب ببريقه إلى أصقاع الكون وإلى ما لا نهاية في المكان وعمر الزمن.

القادة العظام ينطلقون من الثقة والمعرفة وحسن الأداء وافتخارهم بأوطانهم وقوتها بين الدول في عصرهم ويضعون شعارات ووسائل مختلفة لما له من أهمية بالغة في وقته وآخر للتاريخ، وكل هذه الجوانب على أهمية كبيرة في مسار الدول الراسخة والدول التي لها مآثر ومشاهد في عمر الإنسانية.

الجانب الأهم في هذا الأمر أن القائد ومهما كان لديه من الخبراء والمستشارين فإنهم لن يتمكنوا من تقديم أي مساعدة لصاحب الفكرة الأساسية عن الجوانب الفنية وتفصيل رؤية القائد، ولذلك فإن فكرة مدينة السلطان هيثم، ستأخذ- دون أدنى شك- برؤية جلالته الشخصية وبكل ما تحمله الكلمة من معنى، وقد صممت لتبقى وليستمر بريقها من خلال رؤية خاصة من مقام جلالته؛ حيث انطلقت فكرتها الأساسية لتكون نموذجًا فريدًا يجمع أمرين أساسيين؛ وهما: أفضل ما وصل إليه العالم من تقنية في عالم العمران، وكذلك البساط الأخضر من خلال إعطاء أهمية خاصة جدًا بالزراعة والتشجير.

هنا أقف مع هذه الفكرة المتميزة من لدن جلالته؛ حيث إن معظم البشر ينقسم إلى قسمين هما التكنولوجيا والطبيعة، ولذلك فإن الفكرة العامة لم تستثنِ أحدًا، وبذلك فإن هذه المدينة تحاكي موروث عمان في تاريخها وواقعها، ولا نستبعد أن أسماء مبانيها وطرقها ستحمل أعلام عمان الذين لهم مآثر تاريخية، وهم محل فخر، وكذلك أسماء لجوانب لها أهمية في إلهام الأجيال على الأعمال المتميزة. أما نمط الحياة والعلم، فمن المؤكد أنه سيحمل طموحًا للارتقاء والبقاء بمفاخر عمان.