أعرف حقك.. التأمين على قرض البنك

 

حمود بن سيف السلماني **

ما أحوج الإنسان في هذا الزمن إلى الحصول على القروض من مختلف المؤسسات التجارية الخاصة ومنها المصارف البنكية وشركات التمويل، والتي تمارس الأعمال المصرفية وفق الاشتراطات القانونية للدولة، حيث إن هذه المؤسسات تقوم بإقراض العملاء بعض الأموال لكافة أمورهم الحياتية.

فمنهم من يتقدم للحصول على قرض من أجل بناء منزل، ومنهم من يحصل على القرض من أجل عمل تجارة معينة، ومنهم من يحصل على القرض من أجل السفر للعلاج أو الدراسة... وغيرها من الأسباب التي تجعل الشخص يتحصل على القرض من الجهات المعنية بمنح القروض.

ولكن العديد من المقترضين لا يعلمون أن تلك القروض مُؤمن عليها من قبل شركات التأمين، والتي سبق وأن تحصلت على مبلغ التأمين مسبقًا أو على أقساط شهرية وفق المتفق عليه، وتقوم بسداد مبلغ القرض كاملًا في حالة وفاة أو إصابة المقترض بعجز كلي أو جزئي وفق ما تسفر عنه التقارير الطبية الصادرة عن اللجنة الطبية المختصة.

سابقًا لم تكن القروض يؤمن عليها من قبل شركات التأمين، إلا إن تقدم المقترض بطلب لإحدى شركات التأمين على تأمين القرض الذي تحصل عليه من الجهة المصرفية المعنية، وفي هذه الحالة إذا توفي المقترض فتحل محله شركة التأمين في سداد مبلغ القرض كاملًا، ولا يتحمل ورثة المتوفى سداد مبلغ القرض الذي تحصل عليه مورثهم، ما دامت وثيقة التأمين سارية وملتزم المقترض بسداد مبلغ التأمين دفعة واحدة أو ملتزم بسداد الأقساط الشهرية المتفق عليها بوثيقة التأمين.

ولكن في هذه الفترة الحالية وبعد صدور قرار من الرئيس التنفيذي للهيئة العامة لسوق المال رقم (خ/4/2023م) بإصدار نموذج الوثيقة الموحدة للتأمين على حياة المقترضين، والتي وضحت تفاصيل التأمين وما يشمله التأمين على القروض بصفة عامة، وما يتوجب على المؤمن عليه الإفصاح عنه، والمدة التي يتوجب على شركات التأمين سداد مبلغ المطالبة، وما هي الاستثناءات على سداد أو إحلال الشركة في السداد، فكل ذلك تم توضيحه في القرار أعلاه.

هذا القرار قد أضحى واضحًا بجعل وثيقة التأمين موحدة حالها كحال وثيقة التأمين على المركبات، والتي توضح كل التفاصيل والمدة التي يتوجب التقدم إليها في حالة حصول العجز الكلي (%100) أو الجزئي المستديم (%75)، أو حصول حالة الوفاة على المقترض، فكل تلك التفاصيل تطرقت إليها الوثيقة والتي يتوجب على المقترض الاطلاع عليها ومعرفة نوع التأمين الذي سيتحصل عليه في حالة حدوث العجز- لا قدر الله- إلا أن أغلب المقترضين لا يهمهم ذلك سوى معرفة أن القرض مؤمن عليه فقط.

ونلاحظ كذلك عدم قيام البنوك العاملة أو المؤسسات المصرفية بالإفصاح عن شركات التأمين التي تتعامل معها للمقترض حتى يفصح عن رغبته في التعاقد مع شركة التأمين التي تتعامل مع البنك الذي يقترض منه، أو أنه يرغب في التعامل مع شركة تأمين أخرى تحل محله في حالة حدوث العجز الكلي أو الجزئي المستديم.

وكم من القضايا التي نجدها في المحاكم والتي تتقدم بها المؤسسات المصرفية تطالب المتقرض والذي أصابته إصابة ونتج عنها حالة عجز دائمة أو جزئية مستديمة  بعدم تقدمه إلى البنك بما يثبت حصول حالة العجز التي حدثت له أو مطالبة ورثة المقترض بسداد المبالغ المترتبة عليه والتي لم يلتزم بسدادها، بسبب عدم تقدم الورثة إلى البنك بالمطالبة بمخاطبة شركة التأمين بأن تحل محل المتوفى في سداد مبلغ القرض للبنك، وذلك لجهلهم بالإجراءات المطلوبة، وعدم تقديم شهادة الوفاة إلى البنك لإثبات أن سبب عدم قيام المقترض بسداد القرض هو الوفاة.

وحيث إن وثيقة التأمين الموحدة قد وضحت تفصيلًا الحالات التي يتوجب على شركات التأمين أن تحل محل المقترض في سداد ما تبقى من مبلغ القرض، والتي تم ذكرها في البنود أرقام (3 و4 و5) من الوثيقة، بشرط أن لا تكون الأسباب التي حدث بسبب تعمد المقترض أو المستفيد، بالإضافة إلى عدم تحقق شروط عدم الاستحقاق والمذكورة في الوثيقة الموقعة بين الطرفين.

ويجب أن يعلم المقترض أن وثيقة التأمين هي بمثابة القانون الذي يحكم بينه وبين شركة التأمين في حالة حصول خلاف بين الطرفين، لأن القاعدة العامة تنص (العقد شريعة المتعاقدين)، فلا يُمكن أن يدعي أحد الأطراف لأحقًا بأن الوثيقة هي من عقود الإذعان، لأن الجهة المعنية تدخلت في كتابتها ومراقبتها، ومع ذلك هي تحت رقابة المحكمة في حالة وجود خلاف بين الأطراف.

كما يلاحظ قيام الكثير من المقترضين عند تعبئة بعض المستندات ومن ضمنها المستند الذي يتوجب أن يعبئه المقترض عن حالته الصحية نجده يخفي الكثير من الأمراض التي به، وذلك من أجل أن تتعاقد معه شركة التأمين وعدم رفضها التأمين على القرض، حيث إن الوثيقة تنص في بعض فقراتها، فإن قيام المقترض بإخفاء تلك المعلومات الجوهرية والتي لو علمت بها شركة التأمين ما كانت لتتعاقد مع المقترض بالتأمين على القرض، ويسقط حقه في أن تحل الشركة محله في سداد مبلغ القرض المؤمن عليه.

** محام ومستشار قانوني

تعليق عبر الفيس بوك