مدينة المستقبل لجميع المواطنين

مدرين المكتومية

مُنذُ أن تفضل حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- بتدشين "مدينة السلطان هيثم"، وحتى الأمس، لم يُفارقني الشغف لمعرفة كامل التفاصيل المُتعلقة بهذه المدينة المستقبلية الواعدة، وقبل أيام وعندما تلقيتُ دعوة المشاركة في الحوار الإعلامي الذي نظمته وزارة الإسكان والتخطيط العمراني أمس، تهللتْ أساريري، وتفجرت ينابيع الحماس في داخلي، شوقًا للتعرف على مقدرات هذه المدينة وإمكانياتها التي تفوق الخيال.

المدينة تجسيدٌ حقيقي لمدن المستقبل، وترجمة صادقة للرؤية المستقبلية "عُمان 2040"، والتي تضع معيار الاستدامة أساسًا وركيزة رئيسية لأي مشروع، ومدينة السلطان هيثم تمثل النموذج الأمثل للاستدامة ومدن المستقبل الذكية. ومما يؤكد على البصيرة النافذة لجلالة السلطان، وحرصه السامي على تنفيذ المدينة وفق أعلى المعايير العالمية، فإن المدينة تتبنى 12 معيارًا عالميًا من معايير جودة الحياة ورفاهية العيش، إلى جانب اعتمادها على تصاميم ذكية ومُتكاملة توفِّر مستويات غير مسبوقة من الخصوصية، والأهم من ذلك كله، أنها تُناسب وتُلائم مختلف فئات وشرائح المجتمع، وهذه نقطة بالغة الأهمية، يجب أن يعيها الجميع؛ إذ ظنّ البعض أنَّ هذه المدينة ستكون مدينة الطبقة المخملية أو مدينة المستثمرين، لكن على النقيض تمامًا، المدينة قادرة على استيعاب 100 ألف نسمة مع اكتمال المراحل الأربعة بحلول 2045، وتتوافر بها مساحات لبرنامج المساعدات السكنية. علاوة على أن المدينة تضم 19 حيًا متكاملًا، و23 مسجدًا وجامعيْن، وكذلك عدد من المراكز الصحية والمستشفيات الحكومية والخاصة التي تقدم مختلف الخدمات لسكان المدينة، وأيضًا لا ننسى المدارس التي يصل عددها إلى 39 مدرسة.

عناصر الاستدامة حاضرة بقوة في هذه المدينة، سواء من خلال تخصيص 2.9 مليون متر مربع للمساحات الخضراء، أو عبر الاعتماد على استخدام الطاقة الشمسية، وكذلك توفير أنظمة إنتاج الطاقة من النفايات، وكذلك إنشاء ممرات خاصة للدراجات الهوائية ومماشٍ صحية، تواكب التطورات، فضلًا عن توظيف الذكاء الاصطناعي في إدارة مختلف الخدمات والمرافق.

اللافت في هذا المشروع، أنه يُنفذ على 4 مراحل، وهي خطوة جريئة وعملية تضمن التنفيذ المُحكم للمشروع، وضمان مختلف معايير الأمن والسلامة والجودة، وكذلك بما يتماشى مع الظروف والأوضاع الاقتصادية، خاصة وأن هذا المشروع الضخم يستلزم توفير التمويل اللازم له، ولنا أن نتخيل التكلفة النهائية للمشروع إذا ما علمنا أن اتفاقيات التطوير والشراكة للمرحلة الأولى تتخطى 1.048 مليار ريال عُماني، فضلًا عن تكاليف البنود الأخرى من المشروع؛ الأمر الذي يعني أن التكلفة الإجمالية للمشروع بالمليارات، وهي تكلفة كبيرة، لكن بالإمكان توفيرها في ظل مساعي الحكومة الرشيدة لتعزيز الاقتصاد الوطني وجذب المزيد من الاستثمارات في مختلف القطاعات.

لا شك أن مدينة السلطان هيثم ستكون باكورة المدن الذكية في وطننا الحبيب، فقد أعلن معالي الدكتور خلفان بن سعيد الشعيلي وزير الإسكان والتخطيط العمراني أنه من المقرر تنفيذ خطة تتضمن إنشاء 4 مدن مستقبلية ذكية في كل من مرتفعات بوشر، ومنح، وصحار، وصلالة، وكلها مشاريع واعدة تعزز النمو الاقتصادي وتدفع بعجلة التنمية إلى مزيد من الرخاء والتقدم.

إنّني لأرفع أسمى آيات الشكر والعرفان إلى المقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- أعزه الله- على ما يُسديه من توجيهات سامية كريمة تقود عُماننا الغالية نحو مرافئ الازدهار والنماء، وتحقق للمواطنين- باختلاف توجهاتهم- تطلعاتهم للمستقبل المُشرق، في ظل العهد السعيد لمسيرة النهضة المتجددة.