مدرسة عُمانية للقادة

 

إسماعيل بن شهاب البلوشي

 

حتى لو كانت قدراتنا النقدية لأجزاء من تاريخ الحضارات والدول بها الكثير من الاجتهاد والبحث والتقصي، إلا أنه لا يمكن وبأي حال من الأحوال الوصول إلى الأسباب التفصيلية بغرض المقارنة ما بين مرحلة وأخرى، أو معرفة لماذا برزت حضارة وأفلت أخرى، وما إذا كان لذلك أسباب جوهرية لوجود أسماء لقادة بينهم كانوا هم السبب الرئيسي للتميز والاستمرار؟!

عُمان هذا الاسم الذي يعد واحدًا من الأسماء البارزة في التاريخ ومع وجود الكثير من الحديث عنه إلا أنه أعمق وأبعد وأكبر مما توصل إليه كل المجتهدين في البحث ولعل أقلها أن اسم عُمان لم يصل أحدًا إلى بدايته وحتى إلى شمولية أرضه وكيف له أن يعمر خالصًا كل هذه السنين لولا وجود قادة أنتجتهم هذه الأرض الطيبة. ولعلي وفي هذه العجالة أن أبرز دور التأهيل للقادة من نعومة أظفارهم وهو جانب من ارتباط عُمان وقوتها الحقيقية، ولماذا تميزوا رجالًا عن غيرهم بصفات خاصة جعلت لعُمان دورًا قويًا وواضحًا في كل أحداث الزمان وكيف لنا أن نحافظ على تلك الصفات في عالم بدأ يتداخل بقوة كبيرة ودخل به كم كبير من العلوم المختلفة وقوة ووسائل نقلها وتطبيقها ولعل الخوف العظيم القادم أن يتم فرض جوانب هي أكثر من دخيلة على مجتمعاتنا ومؤكد أن أي إنسان سوي لم ولن يقبل أن يراها في أبنائه.

لذلك جاءت فكرة إنشاء مدرسة لتأهيل وصقل الصفات القيادية وإن ما اطلعت عليه من طموح إنشاء تلك المدرسة بفكر عُماني خالص لتباهي مدارس العالم في مجال القيادة وإني على ثقة كاملة بأن ذلك سينعكس إيجابا على مشهد عُمان الراسخة وسيشغل الشباب بما هو أكبر من الانغماس في العالم الافتراضي من خلال صقل المواهب القيادية وبنائها؛ حيث إن برنامجها تم تصميمه على تعليم فنون القيادة والذي يجمع ما بين أفضل ما وصل إليه العالم في عالم التكنولوجيا ودمجه في أصول الفكر القيادي والسمت العُماني هو بحق حلم عظيم يتحقق على ضفاف بدية من سلطتنا الغالية ولقد تم اختيار بدية من شرقية عُمان لوجود كل أنواع الأراضي الرملية والجبلية والأراضي المفتوحة وكذلك البعد النسبي من مسقط لتكون قيمة السكن الداخلي لها معنى بالانفراد والتميز والخصوصية المطلوبة للتعليم. وإني على ثقة أن هذه المدرسة ستكون جامعة ما بين تخليد المبادئ العُمانية الأصيلة؛ بل إنها ستكون شعاعًا عُمانيًا خالصًا للعالم بأسره، وستجلب كفاءات عالمية سيكون لها دور طيب في تبادل الخبرات والأفكار تمامًا، على غرار ما قامت به عُمان من نقل الدين الإسلامي الحنيف والأخلاق العُمانية إلى آسيا وأدغال أفريقيا.

هذه المدرسة والتي سيبدأ برنامجها بأهم صفة، تكون أساسًا لما بعدها، وهي أن يكون الطالب إمامًا وخطيبًا ومرتجلًا للحديث بين الجموع الكبيرة من الناس. أما صقله في الرماية والسباحة فسيكون في أرقى وأفضل ما أنتجت التكنولوجيا الحديثة من وسائل تجعله قائدًا محترفًا واثقًا من نفسه. أما المخيمات الداخلية والخارجية والمعسكرات، فستكون جزءًا أصيلًا من برنامج تنمية قادة المستقبل.

إن حلم بناء قادة للمستقبل اقترب من التحقق على أرض عُمان التي أنتجت أفضل قادة في التاريخ، متمنين أن يبدأ برنامج عملها خلال الفترة القريبة المقبلة.

الأكثر قراءة