ناصر بن سلطان العموري
دائمًا ما يكون تقديم الخدمة للجمهور العام مرتبطاً بضرورة توفر معايير عالية من اشتراطات الأمن والسلامة فما بالك إذا كان المستفيد من الخدمة هم من فئة الأطفال، بالأمس القريب انتقلت إلى رحمة الله طفلة في عمر الزهور جراء حادث مأساوي وقع في إحدى الحدائق المائية بإحدى محافظات السلطنة، حادث أقل ما يقال عنه أن سببه الإهمال وعدم وجود أدنى معايير الأمن والسلامة.
وللعلم هذه ليست بأول الحوادث من هذا النوع فكلنا نعلم ما صار وجرى في مهرجان ليالي مسقط حينما خرجت لعبة عن مسارها أثناء الاستخدام ووجود أطفال في داخلها ولولا لطف الله لكانت العواقب مأساوية وغيرها من الحوادث التي كان بعضها مميتاً للأسف.
المنشآت الترفيهية من حدائق مائية وغيرها من المتنزهات التي تتوافر فيها الألعاب الكهربائية تحتاج إلى اشتراطات خاصة وشهادة جودة معتمدة في معايير السلامة قبل وأثناء وبعد الاستخدام وقبل إعطاء إذن التشغيل ومتابعة مستمرة من قبل الفنيين لأي أخطاء تكون بها مُكلفة للغاية وتعرض حياة الآخرين للخطر فهذا من الحقوق الواجب توفرها لرواد وزوار تلك المنشأة.
كما يجب أن يتوفر في كل منشأة ترفيهية أو حديقة مائية مكتب للإسعاف وتقديم الخدمات الطبية العاجلة أو أقله أن يكون هناك أشخاص ممن يعملون في نفس المكان مهيئين ومدربين لتقديم خدمات الإسعاف العاجل والتدخل في الحالات الطارئة.
ولضمان جودة تقديم خدمة متميزة وفق أعلى معايير الأمن السلامة ينبغي اختيار أفضل العروض المقدمة من قبل الجهات المختصة في إرساء المناقصات سواء كانت المنشأة حكومية أو من خلال إدارة المرفق الترفيهي إن كانت خاصة والبعد عن النظرة القاصرة في اختيار كل ما هو رخيص السعر وغير مكلف فسلامة وراحة الزوار هي الأهم.
وعلى الجهات المختصة بإقامة الفعاليات والمهرجانات وتحديدًا التي تحتوي على الألعاب الكهربائية وما في حكمها وضع المعايير الصارمة والتشديد عليها من قبل الشركات المتقدمة دون النظر إلى المبالغ التي يتم تحصيلها من هذه الفعاليات.
وبعد الحوادث المتكررة وخشية وقوع حوادث أخرى بات من الضروري إصدار لائحة تنظم عمل المرافق الترفيهية والحدائق المائية والحدائق العامة والمنتزهات تتضمن تحقيق أعلى معايير معدلات الأمن والسلامة وبما يتوافق مع المواصفات الدولية المعمول بها في المنشآت الترفيهية وبما يوفر معايير الجودة والأمان و إلزام المنشآت الترفيهية بعمل تأمين لمستخدمي الألعاب في حالة الإصابات المختلفة أو الوفاة- لا سمح الله- وهذا من شأنه أن يوفر الحماية للطرفين ووجود ضوابط لمستخدمي هذه الألعاب والتقيد بها، كما يشترط كذلك من ضمن اللائحة أن يكون هناك عمر افتراضي للألعاب المستخدمة وأن يتم صيانتها بصفة دورية للتأكد من سلامة استخدامها وليس كم هو حاصل في بعض المواقع من وجود ألعاب كهربائية عفي عليها الزمن وأصبحت تئن من كثرة الاستخدام.
كما إن هناك دور للأسرة لا يقل أهمية عما ذكر يتعلق بتوعية أبنائهم حول مخاطر الاستخدام غير الأمن للألعاب وأحواض السباحة وضرورة تقيدهم بمعايير الأمن والسلامة فلا يجب أن نحمل إدارة المركز الترفيهي كامل المسؤولية في المقابل هناك عدم وعي واستهتار في الاستخدام من قبل المرتادين.
ما حدث جرس إنذار لما قد يحدث من كوارث في مثل هذه المنشآت الترفيهية التي تغيب عنها قواعد السلامة، وتنعدم فيها الرقابة لا نريد أن نكون متشائمين ولا أن نرى الموضوع بنوع من السوداوية ولكن ينبغي هنا النظر للموضوع بنوع من التقييم والتعلم من الأخطاء والاستفادة من الدروس لا أن يمر الموضوع مرور الكرام وكأن شيئا لم يكن فالمسألة ليست في توفر معايير واشتراطات مكتوبة في الكتيبات واللوائح ولكن في مدى تطبيقها على أرض الواقع.