لو كنتُ مسؤولًا (9)

 

توجيهات جلالة السلطان

 

د. خالد بن حمد الغيلاني

khalid.algailni@gmail.com

@khaledalgailani

 

مقال هذا الأسبوع له مكانته التي تشعرنا جميعًا بالفخر والاعتزاز، ويبعث في كل مسؤول حماسًا، ورغبة، وسعيًا من أجل العمل الجاد على ما سيرد فيه من ثوابت، وأركان، خاصة إذا كانت هذه الثوابت منطلقات لأي عمل مؤسسي، ويزيدها قوة ورسوخا؛ أنها جاءت بتوجيهات سامية من لدن مقام مولانا السلطان؛ ففي الاجتماع الذي ترأسه جلالته- حفظه الله ورعاه- لمجلس الوزراء الموقر، أكد على عدد من الثوابت، هي أساس ومنطلق أي عمل مؤسسي يراد له النجاح، والاستدامة، ويقصد منه تحقيق الأهداف الوطنية العظيمة.

وحينما تأتي هذه التوجيهات من لدن سلطان البلاد المعظم، فهذا يدفع أي مسؤول، ومن أي موقع لوضعها موضع التنفيذ الفوري، متخذا كل الإجراءات اللازمة لذلك، مستدعيًا كل الطاقات الكامنة، باذلا كل الجهود الرامية لتحقيق هذه التوجيهات، سالكا كل سبيل لذلك، وهو هنا لا ينفذ توجيها ساميا فحسب؛ بل يضع مؤسسته في إطار من العمل المنظم، والرؤية الواضحة.

لقد وجه مولانا السلطان إلى أن "يعمل الجميع بالمجالات كافة في سلطنة عمان كفريق واحد"؛ وحينما يقولها جلالته فهو يعنيها، وحينما يعنيها فهو يريدها واقعًا ملموسًا، وحينما يريدها واقعًا فعلى الجميع السمع والطاعة، والعمل الفوري ليكون هذا التوجيه حقيقة ماثلة، والعمل كفريق واحد مهم في تحقيق أهداف التنمية، وتكامل الأدوار وتحديدها بشكل منهجي وعملي، وخفض معدلات الإنفاق وترشيدها، كما أن العمل كفريق واحد يقرب وجهات النظر بين مختلف القطاعات، ويساعد على الوصول إلى الغايات بأيسر الطرق، ويبعث في الجميع الرغبة الصادقة في العمل، ويوجد تنافسا حقيقيا بين المؤسسات والأفراد، هذا التنافس القائم على تكامل الأدوار، وليس تنافر الأداء.

على سبيل المثال قضية كقضية الباحثين عن العمل قد تبدو أنها من صميم اختصاص وزارة العمل لوحدها، لكن في حقيقة الأمر تعني الجميع؛ فالمؤسسات المعنية بالتعليم جزء، والتنموية جزء، والمالية جزء، والتدريبية جزء، والمجتمعية جزء، والاستثمارية جزء، والقطاع الخاص جزء، فإن عمل الجميع كفريق واحد كم سيكون الأثر طيبا، والنتاج إيجابيا، والحلحلة لهذه القضية سريعة، والحلول لها مستدامة.

ثم أكد جلالته على أن "الإنسان قادر على التغلب على كل التحديات"، ورغم أن اللفظ عام هنا، إلا أنه حفظه الله تعالى أراد العماني بحديثه، والقدرة لا تأتي إلا لكل مجتهد مخلص ساع إلى كل رفعة وسمو وسؤدد، فالعماني قوي الشكيمة، متحد للصعاب، قادر على قهرها، والجماعية التي وجه بها السلطان من أهم سبل قهر التحديات والتغلب عليها، فلا مستحيل مع الإدارة، ولا صعب مع العمل الجاد، ولا تقهقر مع العزيمة التي ما فتئ العماني هي له ديدن ومسلك، وطبيعة ما يحدث في العالم من تسارع في شتى المجالات، وتقلبات في كثير من القضايا العالمية، وعدم الاستقرار الذي نتأثر به، كل ذلك يوجد تحديات، ويظهر عقبات، ولأن التنمية مطلب وضرورة، وغاياتنا عظيمة، وطموحاتنا لا تحدها الحدود، فلا بد من التغلب على كل هذه التحديات.

وبروز العديد من القضايا الداخلية كالباحثين والمسرحين وارتفاع بعض الرسوم، تمثل تحديا يتطلب من الجميع كفريق واحد إيجاد حلول سريعة وناجعة ومستدامة، وهذا لن يتم إلا بجهد وطني متكامل ومشترك.

وأكد جلالته على ضرورة وأهمية "المبادرة بكل جديد"، وهذا مناط الراغبين في بلوغ مراتب عالمية عالية، فالجديد مدعاة للإبداع والابتكار، وهذا نهج يرفع من معدلات التنمية في كل المجالات الاقتصادية والعلمية والاجتماعية والتنموية، ويساعد على ارتفاع معدلات النمو، وبلوغ مؤشرات التطوير والبناء.

والمبادرة تبعث في النفس الرغبة، والحماس، وهي دعوة للتجديد المستمر، وسعي هيثمي كريم لحث أبناء عمان على كل جديد مبتكر، وكل بذل مقدر مشكور، وهو في ذات الوقت ثقة سلطانية عظيمة في قدرات أبناء عمان، وأنهم أهل لكل قدرة على الابتكار والتجديد والتطوير.

وكأني بمولانا السلطان قد أحكم قبضته، وجمع أصابعه، فجاءت هذه العناصر الثلاثة قواعد راسخة، وأسس متينة لأي بناء لمجتمع طامح لبلوغ المعالي، سامق لعلياء المجد، متسلق لطود الرفعة والشموخ.

العمل لا يتم دون روح وثّابة يعززها الفريق الواحد، والتحديات لا يمكن حلها دونما فريق واحد مبادر بكل جديد، مبدع مبتكر، يقرأ المشاهد بشكل تكاملي، ويسبر غور التحديات بشكل جماعي، ثم يخرج من بطونها حلولا مبتكرة تتفق مع المتاح، وتستشرف المستقبل، وتسير بالوطن وأبنائه نحو غاياته المرسومة، وخططه المعلومة، كما يخرج العسل المصفى من بطون النحل فيأتي للناس مذاقا عذبا مستساقا.

أيها المسؤول أينما كنت، ومن أي موقع أنت، أصبح عليك لزامًا العمل بهذه التوجيهات السامية، وهذه الأوامر النافذة، فمولانا السلطان المعظم يصل ليله بنهاره، من أجل تحقيق أهداف هذا الوطن العظيم، وأهداف أبنائه الكرام، وأنتم كل في موقعه مسؤولون عن ذلك، وخير المسؤولين ذلك الذي سعى سعي المخلص لتحويل هذه التوجيهات واقعا ملموسا، فكونوا جميعا كذلك كل من موقعه ومسؤولياته.

حفظ الله تعالى وطننا الغالي عمان، وأدام عز مولانا السلطان، ودمتم أبناء عمان مجددين مبدعين باذلين مجتهدين، فالأوطان تبنى بسواعد بنيها، والتحديات تقهر بعزائم المجتهدين المخلصين.